العقد الاجتماعي في زمن الحرب:الإعلام، الكراهية، ومسؤولية الكلمة في السودان كتبه عبدالماجد عرمان

الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-18-2025, 11:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-03-2025, 03:26 PM

عبد الماجد سعيد عرمان
<aعبد الماجد سعيد عرمان
تاريخ التسجيل: 11-02-2024
مجموع المشاركات: 8

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العقد الاجتماعي في زمن الحرب:الإعلام، الكراهية، ومسؤولية الكلمة في السودان كتبه عبدالماجد عرمان

    03:26 PM September, 03 2025

    سودانيز اون لاين
    عبد الماجد سعيد عرمان-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر










    منذ أن كتب جان جاك روسو عبارته الشهيرة: “الإنسان وُلد حرًا، لكنه في كل مكان مكبَّلٌ بالأغلال”، والإنسانية لم تتوقف عن إنتاج أغلال جديدة: أغلال السلطة، وأغلال السوق، وأغلال الصورة، وأخيرًا أغلال الكلمة.
    في السودان زمن الحرب، لم تعد الأغلال سلاسل من حديد، بل صارت خوارزميات تتحكم في تدفق الأخبار، ومنصاتٍ تُعيد تشكيل الوعي الجماعي، وأصواتًا تصنع من الكراهية خطابًا يوميًا، يُدار كأنه جزء من معركة موازية على أرواح الناس.

    العقد الاجتماعي، كما تخيله روسو، ليس ورقة مكتوبة بل اتفاق أخلاقي بين البشر: أن يتنازل الفرد عن جزء من حريته المطلقة ليحيا داخل نظام يضمن العدالة والكرامة للجميع.
    لكن حين تضعف الثقة، ينهار العقد بصمت. في السوق حين يعلو الغش على الصدق، في الشارع حين يصبح العنف هو اللغة السائدة، وفي وسائل الإعلام حين تتحول الحرية إلى فوضى تُبث عبر المنصات بلا ضابط ولا بوصلة.

    هنا يصبح السؤال فلسفيًا واجتماعيًا في آن: هل العقد الاجتماعي هو نصٌّ في الدستور، أم هو شعور داخلي بالانتماء والمسؤولية؟
    الإعلام لم يعد عبارة عن ناقل للخبر، بل صار المسرح المركزي للعقد الاجتماعي.
    في المنصات تُوزَّع صور الضحايا.
    في الشاشات تُصاغ خطابات التحريض أو رسائل الأمل.
    وفي الفضاء الرقمي تُختبر إنسانيتنا كل يوم: هل نشارك الكراهية، أم نقاومها بكلمة عادلة؟

    حين تتحول المنصات إلى ساحات فوضى، يصبح النقاش أكبر من حرية التعبير. فالكلمة لم تعد بريئة: إنها قد تُنقذ حياةً أو تُشعل حربًا. الحرية التي لا تُقاس بميزان المسؤولية لا تعني شيئًا سوى الانزلاق نحو هاوية الفوضى.

    في الأزمنة العادية، يُختبر العقد الاجتماعي في تفاصيل بسيطة: انتظارك في طابور الخبز، احترامك إشارة المرور، أو التزامك بالصدق في معاملة.
    أما في زمن الحرب، فإن الاختبار أكثر قسوة:
    هل نصون الحياة وسط ثقافة الموت؟
    هل نحفظ كرامة المختلف وسط صخب الكراهية؟
    هل تبقى للكلمة قيمة إذا صارت رصاصة افتراضية تسبق الرصاصة الحقيقية؟
    السودان اليوم يعيش هذا الامتحان المضاعف: انقسام سياسي، انقسام إعلامي، وتمزق مجتمعي، يجعل العقد الاجتماعي هشًا، وكأن كل طرف يكتب عقده الخاص داخل فقاعة رقمية معزولة.

    العقد الاجتماعي ليس نصًا يُكتب مرة واحدة، بل ممارسة يومية.

    نحن نعيد كتابته كل صباح:

    حين نكبح غضبنا في الشارع.
    حين نرفض الكذب في منشور عابر.
    حين نواجه خطاب الكراهية بكلمة عادلة.
    حين ندرك أن الحرية لا تكتمل إلا داخل حدود العدالة.
    في السودان، حيث الحرب تمزق الأجساد والمعاني معًا، تصبح مسؤولية الكلمة أقدس من أي وقت مضى. فهي لم تعد أداة للتواصل، بل صارت شرطًا من شروط البقاء الإنساني.

    ربما لم يكن روسو يتخيّل أن العقد الاجتماعي سيُختبر يومًا عبر شاشات مضاءة بخوارزميات، أو أن الحروب ستدار بالكلمة بقدر ما تُدار بالسلاح. لكن الفكرة الجوهرية تبقى واحدة: لا وجود لإنسان بلا مجتمع، ولا لمجتمع بلا اتفاق، معلنًا كان أم صامتًا.

    والسودان اليوم، في زمن الحرب والشتات، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى عقد اجتماعي جديد، تُكتب بنوده لا في قاعات السياسة وحدها، بل في وعي الناس وكلماتهم، في الأسواق والحواشات، وعلى المنصات التي تُعيد تشكيل الذاكرة الجمعية كل يوم

    الإعلام في زمن الحرب ليس شاشة فقط، بل مرآة. إما أن تعكس وجوهنا بكرامة، أو تُشوهها بخطاب الكراهية. في كل مرة نشارك خبرًا أو نعلّق بجملة، نوقّع على عقدٍ صامت: هل نريد حياةً مشتركة رغم كل هذا الخراب، أم نختار أن نغرق أكثر في فوضى الدم والكلمات؟

    السودان اليوم يشبه بيتًا قديمًا تصدّعت جدرانه، لكن فيه غرفة ما زال ضوء المصباح فيها ضعيفًا، يقاوم الانطفاء. ذلك الضوء هو الأمل في عقدٍ جديد، عقد لا يُكتب في مكاتب السياسيين فقط، بل في ضمائر الناس: في كلمة عادلة، في صدقٍ لا يُساوم، وفي حلمٍ أن الحرية ليست أن تصرخ وحدك، بل أن تستمع أيضًا لصوت الآخرين.

    Sent from my Verizon, Samsung Galaxy smartphone
    Get Outlook for Android























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de