من السهل أن نُلقي باللوم على طرف واحد في ما وصلت إليه بلادنا، لكن الحقيقة المُرَّة أن الجميع – بدرجات متفاوتة – شاركوا في عملية الهدم الطويلة التي أوصلت السودان إلى حافة الانهيار.
السياسيون الذين تبادلوا الكراسي على مدى عقود لم يجعلوا الوطن أولوية، بل جعلوا صراعاتهم الحزبية والقبلية فوق كل اعتبار. والعسكر الذين تدخلوا مرارًا في السياسة تحت شعارات إنقاذ الوطن، لم يزيدوا الوضع إلا تفككًا، إذ تحولت الجيوش إلى أدوات سلطة، بدل أن تكون حامية للوطن وحدوده.
لكن المسؤولية لا تقف عند هذا الحد. فالنخب الثقافية والإعلامية كثيرًا ما صمتت أو تواطأت، والجماهير نفسها ساهمت أحيانًا بالانقسام والولاءات الضيقة، بدلًا من التمسك بالوحدة الوطنية. حتى المجتمع الدولي لعب دورًا في إضعاف الدولة، عبر التدخلات والضغوط التي كثيرًا ما خدمت مصالحه أكثر مما خدمت السودان.
اليوم، لا يجدي إنكار الحقيقة: السودان يُدمَّر ببطء، ولا يمكن إنقاذه إلا إذا تحمَّل كل طرف مسؤوليته، وبدأ بمراجعة الذات بدلًا من اتهام الآخر. المصارحة هي البداية، ثم تأتي الخطوة الأهم: بناء مشروع وطني جامع، يتجاوز المصالح الصغيرة نحو مصلحة الوطن الكبير.
إن لم ندرك جميعًا أن يدًا واحدة لا تصفق، فسيظل السودان رهينة للصراع، وستتسع الهوة حتى يضيع الوطن الذي يجمعنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة