ليس صحيحا عزوف العلماء والمثقفون السودانيون عن المشاركة في أجهزة السلطة ومفاصلها القيادية..ولكن الصحيح هو كره السلطة ، عسكرية كانت أم مدنية في هذه المشاركة.. وهذا هو حال ومسار الحكم في السودان منذ استقلاله وحتي حكومة كامل إدريس الحالية. وهناك الكثير من الأسباب والمخاوف التي تجعل السلطة في السودان تكره هذه المشاركة وقد يخفون تلك الأسباب أو يعلونها بطريقة أو أخري دون خوف أو خجل.. وأولي هذه المخاوف،فقدان السلطة نفسها..فقد يشعر الحكام بالقلق من التغيرات التي قد تطرأ علي النظام السياسي والاجتماعي القائم بسبب هذه المشاركة مما يؤدي الي زعزعة نفوذهم ومكانتهم السلطوية.. ايضا الخوف من كشف الفساد والممارسات غير السليمة في الحكم.. والأشد من ذلك خوفا..أن يصبح العلماء قوة ضغط تطالب بالاصلاحات وتحد من الفساد والمناداة بدولة المؤسسات والمنهجية العلمية في ادارة شؤون الحكم بما في ذلك ، بطبيعة الحال، الحوكمة والشفافية والمشاركة القاعدية في اتخاذ القرارات المصيرية والمساءلة القانونية.. أقول ذلك، وفي الخاطر، مواقف مؤلمة عشناها مع الحكومات السابقة ..مع عشرات المبادرات التي طرحها العلماء السودانيون في الداخل والخارج لتنمية المشاريع والتطوير المؤسسي فلم تعرها الحكومات اعتبارا فاقتنصتها حكومات المهجر حيث يعيشون فكان لها ما كان من مساهمات في تنمية تلك البلاد التي تقدر جهد العلماء ومساهماتهم بغض النظر عن جنسياتهم أو توجهاتهم الفكرية مادامت تلك المبادرات في صالح الوطن.. وأقول ذلك ايضا..وقد طرح تجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين علي المسؤولين مشروع إزالة مخلفات الحرب الأهلية، خاصة في العاصمة القومية، باعتبارها مخلفات ونفايات نوعية..تختلف تماما عن المخلفات البلدية التي كانوا يتعاملون معها قبل الحرب.. فهي مخلفات قد تضرب بمسامات الأرض حتي العمق الثالث من القشرة الأرضية..وحتي الطبقة الثانية، ما بعد الترابوسفير من طبقات الجو العليا ...لسنين وسنين..مما يهدد سكان العاصمة بالتلوث ارضا وجوا..الأمر الذي يجب معالجته بمنهجية علمية وبواسطة شركات عالمية متخصصة في معالجة مخلفات الحرب كما فعلت مع مخلفات الحرب العالمية الثانية في لندن وباريس وبرلين وغيرها من المدن والمناطق الاوروبية.. ورغم كل ذلك تصر ولاية الخرطوم بالتعامل في التخلص من مخلفات الحرب بتلك المنهجية البدائية رغم توفر العون الخارجي الذي يمكنه المساعدة كما تفعل الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها المتخصصة..ومنها منظمة الصحة العالمية..ومكتب الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة النظافة العامة ومقرها استونيا.. أعود وأقول...يجب إشراك العلماء والباحثين والخبراء في معالجة مخلفات الحرب في العاصمة القومية والاقاليم...إذا أردنا فعلا خيرا لهذه البلاد...فقد جاء الوقت الذي يرد فيه هؤلاء العلماء الجميل الي بلدهم السودان...فهل يعي ساستنا الكرام أهمية هذا الدور في هذا الوقت العصيب من تأريخ السودان؟ د.فراج الشيخ الفزاري رئيس لجنة شؤون البيئة/تجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة