يصعقنا رئيس وزراء البرهان، الدكتور كامل إدريس، بين الفينة والأخرى بتصريحات وتصرفات تعكس ضعف الحس لدى هذا الرجل، بالنظر إلى ما يعانيه أهلنا من ظروف قاسية جراء حرب الكيزان وجنجويدهم العبثية، علاوة على مساهمته الفاعلة في توسيع رقعة الجهل بمثل هذه التصرفات والأقوال.
ففي يوم يحدثنا كامل عن بناء حديقة حيوانات بمدينة بورتسودان، وفي اليوم الذي يليه نراه حاملاً مكنسة بزعم أنه يقود حملة لتنظيف مدينة الخرطوم، قبل أن يعود في اليوم الثالث لتحذير الناس من مخاطر المواد المشعة، في ما يشي باعتراف ضمني بأن الكيزان المجرمين استخدموا أسلحة فتاكة محرمة دولياً.
وفجأة تجده في اليوم الرابع أمام كاميرات إعلاميين سطحيين ليقولوا لنا إنه شارك في توزيع وجبات التكايا بأمدرمان. ويا سبحان الله، تحولت التكية بقدرة قادر إلى ما يشبه صيوانات الأفراح، وهاك يا شعارات وعبارات رنانة، بعد أن ظل شباب البلد وأهل الوجعة الحقيقيون يعدون وجبات هذه التكايا في ظروف بالغة الصعوبة ويعانون في توفير المواد اللازمة.
وكالعادة، فات على المتهافت الفرحان كامل، والبلهاء الذين يرتبون له مثل هذه الزيارات والتحركات الصبيانية، أن قيام رئيس وزراء حكومة أملٍ مزعومة بالمشاركة في توزيع الوجبات بتكايا الخيرين مسبة، لا عملاً يُحمد له أو يستحق التصوير. فأنت يا "ذكي" تبدو بذلك كمن يكرس لهذه الأوضاع المأساوية، بدل القيام بدورك كمسئول حقيقي يفترض أن تساعد حكومته الناس في الخروج من هذا الوضع المأزوم. من يُشكرون على مثل هذه المبادرات هم الخيرون والمتطوعون لا رؤساء الحكومات. فكفاكم عبطاً يا قوم.
كما أن الحديث عن بناء حديقة حيوانات في أي مدينة سودانية في مثل هذه الظروف، ليس مؤشراً على أن الأوضاع تمضي نحو الاستقرار، كما توهمت يا سيد كامل، بل يؤكد لنا ذلك أنك شخص مجرد من أحاسيس البشر الطبيعيين، بل إننا أمام حالة مرضية تستدعي العلاج السريع قبل أن تستفحل.
وأما ظهورك كعامل نظافة، وأنت في كامل هندامك ولا تحمل سوى مكنسة بسيطة لتنظيف مدينة تحذر الناس فيها من مخاطر المواد المشعة، فهذا نشر فاضح للجهل. ولا أدري كيف فات على موظف أممي سابق أن المناطق الموبوءة بأي مواد فتاكة لا يدخلها الناس بملابسهم العادية ودون أي معدات وألبسة سلامة، ناهيك أن ينظفوها بالمكانس.
وكيف قبلت منظمة دولية تُعنى بالملكية الفكرية برجل جاء لاحقاً ليرأس حكومة في بلده، وبدلاً من تحفيز الناس على الحياة نراه يدفعهم نحو الموت؟ إن هذا الوضع يثير لدي شكاً كبيراً حول معايير التوظيف في مثل هذه المنظمات. وهو، على فكرة، شك ليس وليد اليوم، إلا أن حالة هذا "الكامل" عززته عندي كثيراً.
وعموماً، هناك فرق بين المواد المُشعة والسلاح الكيماوي الذي أُستخدِم في بعض مناطق عاصمتنا. وقد تساءلت الزميلة المحترمة لبنى أحمد حسين، في منشور، عما إذا كان كامل يقصد المواد المُشعة حقيقة أم أن هناك خطأً في التصريح. ولا أستبعد، يا لبنى، إطلاقاً أن يخلط رجل مثل كامل - الذي نراه - بين الاثنين، فهو يتبع لمدرسة الإعيسر، أي يمكن أن يهرف بأي شيء في أي مكان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة