لاحظت منذ فترة القدرات الكبيرة والجسارة النادرة التي تتمتع بها المحامية، عضو لجنة محامي الطواريء رحاب مبارك.
كثيراً ما أعجبتني حججها القوية وعزيمتها في مواجهة ظلم الكيزان لإنسان السودان، وهضم حقوقه ليل نهار، من دون أن يطرف لأي من هذه الكائنات الغريبة جفن.
وما أعادني للكتابة حول المحامية الجسورة رحاب اليوم، هو سؤال مركب لم يفارق مخيلتي منذ أن استمتعت، مثل أي سوداني حر بالحوار الذي ضمها مع أحد الخبراء الأمنيين ومستشارٍ للدعم السريع (الجنجويد)، والسؤال هو: كيف تخطاها الاختيار للجنة صياغة الوثيقة الدستورية التي أدت "لغوثتها" إلى الكثير من الأزمات الحقيقية؟ وقد قلت لنفسي مراراً: ماذا لو كانت رحاب مكان ابتسام السنهوري؟
الشيء المؤكد، بالنسبة لي على الأقل، هو أننا كنا سنتجنب الغرق في مستنقع ساطع الحاج، واستجابته لضغوط أو إغراءات العسكر وممثليهم في اللجنة المذكورة.
ولهذا ظللتُ أكتب حينذاك مؤكداً ضرورة استعانة قوى الثورة بشخصيات ثورية ذات مبدئية عالية، حتى لا نقع فريسة لأفخاخ توقعنا أن ينصبها الكيزان لعرقلة مسار الثورة.
فمشكلتنا في السودان لم تكن، كما أشرت مراراً، في المؤهل وحده أوعدد سنوات الخبرة، بل ظللنا نعاني من أزمة أخلاق كانت القاسم المشترك في الكثير مما حاق بنا.
وبالطبع، هناك قانونيون كثر بجانب رحاب كان من الممكن أن يجنبوننا الكثير من الشرور، وأن يلتفتوا إلى ثغرات الوثيقة التي نبه إليها عدد من خبراء القانون والدساتير، مثل عمنا الراحل المقيم البروفيسور محمد إبراهيم خليل (رحمه الله رحمة واسعة) ومولانا سيف الدولة حمدنا الله، دون أن يصغي إليهما ساطع وابتسام السنهوري.
وهذا، في رأيي، تذكير واجب، لأننا كسودانيين اعتدنا على استنساخ أخطائنا بشكل مريب. وليس لدي أدنى شك في أن قوى الثورة، لو وُضِعت في ذات الموقف مجدداً، فمن الوارد جداً أن تسيء الاختيار مرة أخرى. ولهذا وجب أن نترك الخبز لخبازه، ليس بمعني التخصص فحسب، وإنما في سياق أننا عندما نتحدث عن ثورة، فلابد أن تتم الاستعانة بشخصيات ثورية قادرة على الثبات على المبدأ وتجاوز الصعاب مهما كانت.
ما تقدم هو أكثر ما كان ينقص حكومة الثورة، وهو ما ساهم في تعقيد المشهد بشكل كبير.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة