قبل يومين مضت كانت جميع مواقع التواصل الأسفيرية تعجب بأخبار المعجزة التي حدثت مع الممرضة السودانية رانية حسن احمد علي والتي حكم عليها بغرامة مالية مقدارها 802.000ريال، والتي تم تسديدها بسرعة قياسية حتى قبل ان يعلم معظم السودانيين في المملكة بموضوعها، فتحولت هذه القضية الى معجزة يستحيل معها الحل بهذه الكيفية والسرعة التي حولت هم وغم والم الممرضة رانية الى فرحة عارمة تخطتها هي نفسها لتجتاح جميع السودانيين وزملاء رانية والخيرين الآخرين من جميع الجنسيات. وتعود قصة رانية الى العام 2022م، حيث تعمل هذه الممرضة في احدى مستشفيات تبوك، وكانت هيئة التمريض تعاني من نقص في افرادها، فأوكلت للممرضة رانية مهمة الإشراف على ثلاثة اطفال في العناية المركزة ، علماً ان الأطفال لم يكونوا جميعا في غرفة واحدة او غرف متجاورة، بل كانوا حسب ما روي ان احدى تلك الغرفة تبعد مسافة عن بقية الغرف، وقد شاء قدر الله ان يتوفى احد الأطفال في يومه المحدد بأمر الله، واعتبرت الوفاة خطأ طبىء اتهمت به الممرضة رانية ورفعت عليها قضية وصدر الحكم بتغريمها المبلغ الكبير المذكور اعلاه، على ان يتم السداد خلال اسبوع من تاريخ صدور الحكم. وطبعاً مثل هذا المبلغ الكبير بجميع الحسابات، لا يمكن للممرضة ذات الدخل المحدود ان تسدده ولو اشتغلت 15 سنة متواصلة وبدون ان تأخذ من راتبها ريالا واحداً، لأن راتبها في افضل الظروف سوف لن يتخطى ال 7 الف ريال سعودي شهري. على العموم قام احد الأطباء الأفاضل جزاله الله عنها وعنا كسودانيين خير الجزاء، بتنزيل هذا الخبر في مواقع التواصل الإجتماعي ليلاً وفي صباح اليوم التالي ظهر رصيد الحساب وكان صفرا كبيرا، أي تم تسديد المبلغ بالكامل. وهذه العملية تعتبر معجزة بكل المقاييس المحاسبية والإقتصادية والدنيوية وظروف المغتربين الضاغطة في الوقت الحالي. ولكن قدرة الله فوق كل شىء. وفي تقديري الشخصي ان ما حدث يعتبر رسالة ساقها الله للمسؤولين عن هذه الحرب الدائرة في السودان، كما انها تعتبر دليلا على الآتي: ان الممرضة رانية، على الرغم من معرفتها بعظم المسؤولية وصعوبة الإشراف على ثلاثة مرضى في العناية المركزة وهم في غرف متفرقة، الا انها قبلت التكليف بطيب خاطر وايمانها بأنن الله سوف يعينها على أداء المهمة الإنسانية الرفيعة كما ينبغي، مراعاة لظروف الأطفال الذين هم بأمس الحاجة لخدماتها، في ظل النقص في الكوادر التمريضية. ان ملحمة تسديد غرامة الممرضة رانية، يدل على اصالة معدن وشهامة هذا الشعب النبيل، هذا الشعب الملائكي، الذي يمر بظروف القاسية ومسؤولية جسيمة في ظل هذه الحرب القذرة، التي كلفته فوق طاقته. بالرغم من الإفرازات السيئة جدا والتي انتجتها الحرب الدائرة في السودان، من تهتك في النسيج الإجتماعي، والتشرذم والجهوية والعنصرية التي يؤجج نيرانها البلابسة وانصارهم، الا ان ذلك لم يؤثر ابداً في نفوس السودانيين المغتربين، فوقفوا وقفة رجل واحد متضامنين متحدين جميعاً، ولم يسألوا عن قبيلة ولا منطقة الممرضة رانية، وكان كل تركيزهم قد انصب فقط على جنسيتها السودانية ، فحدثت تلك المعجزة. ان طيبة الشعب السوداني واخلاقه ورفعة معدنه في جميع دول المهجر، فرضت على زملائهم من الشعوب الأخرى، بما في ذلك الشعوب غير العربية وغير المسلمة، التعاون والمساهمة في ملحمة سداد الغرامة التي فرضت على الممرضة رانية في ظرف وجيز جداً، ووعيه نجزل الشكر والتقدير لجميع الأشخاص من جميع الجنسيات الأخرى على تفاعلهم ومشاركتهم المجزية التي جعلت من سدداد هذا المبلغ ممكناً. وكما ذكرت، اعلاه فأن هذه القضية قد حدثت عام 2022م، ولكن ارادة الله شاءت ان يتم الفصل فيها في هذا الشهر من عام 2025م بعض مضي عامين ونصف تقريبا من بداية الحرب القذرة التي تدور رحاها في السودان، حيث بلغت الحرب ذروتها واحرقت الأخضر واليابس وافنت ارواح مئات الآلوف من خيرة شباب الوطن، وارهقت المتحاربين وافقدتهم الجزء الأكبر من قوتهما العسكرية، الأمر الذي جعلهم يجندون الأطفال القصر والزج بهم في اتون الحرب الشرسة التي لا ترحم صغيرا او كبيراً، ومعظمكميكون قد شاهد الأطفال الذين تم اسرهم من قبل قوات الدعم السريع في معارك كردفان. وهنا انتهز هذه الفرصة لأناشد قادة الدعم السريع بالأمر على قواتهم في ميدان بالإعتناء بهؤلاء الأطفال وتسليمهم فوراً للهلال الأحمر او ذويهم سالمين معافين.
انني ارى ان البت في قضية الممرضة رانية في هذا التوقيت تحديدا، وتفاعل وتضافر جهود السودانيين والخيرين الآخرين من الدول الأخرى في هذه القضية وسداد ذلك المبلغ الكبير خلال فترة وجيزة، انني ارى انها رسالة بليغة من الله تعالى الى كل من القائد العام للقوات المسلحة، وقائد قوات الدعم السريع، وقادة الكيزان الذين اشعلوا هذه الحرب ويصرون على الإستمرار فيها، وكذلك للبلابسة الذين يثيرون الفتن الجهوية والعنصرية ويشجعون الطرفين على الإستمرار في الحرب. هذه الرسالة اراد الله تعالى بها ان يلفت نظرالمتحاربين الى ان شعب بهذه الأخلاق الملائكية وهذه الشهامة والمروؤة و الكرام الفياض، ينبغي له ان يعامل معاملة تليق بمقامه. لذلك اناشد عبر هذا المقال الجنرالين المتحاربين الى سرعة التواصل بينهما والعمل على ايقاف هذه الحرب القذرة والإهتمام بهذا الشعب المائكي، ولا يتركاه للذل والإهانة والنزوح والتشرد والجوع والمرض.
خاصة وان الشعب أصبح الآن في نظر بعض الدول عبارة عن خردة، تماماً كما هي السيارات الملقاة في طرقات العاصمة المثلثة، والكل يسعى للحصول على قطعة منه وهو حي. وكلكم سمعتم الذي حدث ويحدث بصفة يومية للشعب السوداني في احدى دول الجوار التي يقال عنها شقيقة، حيث يتم اختطاف المئات من السودانيين وانتزاع اعضائهم والرمي بهم في في قارعة الطريق، والويل لمن يتجرأ بالذهاب الى مراكز الشرطة للتبليغ حيث يواجه بالإهانة والشتم والطرد واستخدام العباراة النابية معهم مثل العبارة الشايعة التي ظلت سلطات الشرطة تستخدمها معهم مثل لفظة "قرفتونا الله يقرفكم." وبالرغم من علم سلطات تلك الدولة بكل ما يدور، فإنها لا تحاسب مسؤوليها على سوء معاملتهم للسودانيين، وكأنما الأمر برمته مدبر ومخطط له من قبل جهات نافذة. وطبعاً سفارتنا التي على رأسها ابن العدوية، لا يسمع ولايرى، وحتى اذا سمع ورأى فسوف لن يتجرأ على عمل أي شيء، كيف له ان يعمل شىء وهو معين من قبل نفس الدولة التي ترتكب فيها هذه الجرائم البشعة بحق شعبنا. على العموم ان قصة الممرضة رانية تعتبر رسالة عاجلة وبليغة ارسلها الله تعالى الى الفريقين البرهان، وحميدتي، وقادة الكيزان - حمالين الحطب، بأن يقفوا اجلالا واحتراماً لهذا الشعب النبيل، ويعملوا بنفس السرعة التي تم فيها تسديد غرامة الممرضة رانية، ويرفعوا هذا الضغط الكبير الواقع على شعبنا ليعود الى وطنه عزيزا مكرماً ويتجنب بذلك الخطوب المدلهمة التي المت به خلال الأعوام العديدة التي مرت عليه. لأن المثل يقول " من خلى داره قل مقداره. كما أرجو ان انبه الى ان يكون التواصل بين الجنارلين مباشرة بينهما وبدون أي وسيط او علم أي كائن كان، حتى يتجنبا عراقيل تجار الحرب واصحاب الغرض والأطماع في هذا الوطن الغالي واهله الكرام، والعمل بجد لإيقاف هذه الحرب المدمرة التي القت بالشعب السوداني والوطن في مهب الريح.
وكما اسعد فريقنا القومي لكرة القدم الشعب بنتائجه الباهرة وإنتصاراته المتتالية على كبار منتخبات افريقيا، ومنح جرعة أمل قوية لهذا الشعب، نأمل ان تتكرما على هذا الشعب يا سعادة الفريقين، بجرعة أمل أخرى تبعث فيه الحياة من جديد ليعود لوطنه عزيزا مكرما، يكرم موتاه ويواريهم الثرى بطريقة تليق بآدميتهم، ويعالج مرضاه، ويبحث عن موفقوديه.
ولا انسى ان الفت انتباهكما الى حدثين مؤسفين حدثت في هذا الأسبوع، وهي تلك المرأة السودانية التي وجدت مرمية في احد شوارع القاهرة وهي ترتدي زي العمليات، وقد سرقت منها اعضائها. والحدث الآخر تلك المرأة التي وجدت في قارب في عرض البحر قبال السواحل الإيطالية مع مجموعة من المهاجرين وقد فقدت ثلاثة من بناتها في اعمار 9، 11، و16 تقريباً، توفوا في القارب.
البدار البدار، حتى تقتلوا الدش الذي بأيدي الطامحين في مقدرات بلادنا، والساعين لتدمير وطننا وتعطيله لأطول فترة ممكنة حتى لا يتمكن من استغلال موارده، والإبقاء عليها كإحتياطي نظامي للذين يؤججون هذه الحرب، ريثما يستفيدوا منها في الوقت الذي يحتاجونها فيه. وان فعلتم ذلك فسوف تكتب اسمائكم في صحائف هذا الشعب الفريد، وتضيفوا الى ملحمة الممرضة رانية شمعة أمل اخرى في نفس هذا الشعب الأبي، وتجبروا العالم على احترامنا زيادة على ما نحن عليه من احترام وتقدير لدى كافة شعوب العالم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة