الفيديو المرفق لابد أن يدمي فؤاد كل عاقلٍ يدرك حجم المآسي التي تنتظرنا.
صحيح أن الدماء المسفوكة حالياً تؤذي كل إنسانٍ سوى، لكن ما نراه في هذا الفيديو يجسد استدامة للأوضاع الكارثية التي نعانيها منذ أكثر من عامين.
فحين تواجه أي دولة حرباً، يسعى أهلها بكل السبل لإيقافها وفي أذهانهم أن ينطلقوا بعد تحقيق السلام ليلملموا جراحهم ويبنوا لغدٍ أفضل.
. لكن كيف لنا أن نؤمل في غدٍ أفضل، في حين أن المتحاربين في بلادنا مجرد وحوش كاسرة، وهم بلا أخلاق ولا ضمير ولا إنسانية، حتى بلغ بهم الأمر أن يجندوا الأطفال، ويغسلوا عقولهم، ويملأوا صدورهم غلاً وحقداً بهذا الشكل المروع.
رصفاء من نراهم في الفيديو في البلدان الأخرى تتقسم ساعات يومهم بين حجرات الدراسة وساحات اللعب، لينشأوا مواطنين أسوياء بنفعون أوطانهم.
أما عندنا، وبسبب أن القائمين على أمر هذا البلد مجرد شلة مجرمين، فنرى هؤلاء الصغار يحملون أسلحة تفوق أوزانهم، ويرددون شعارات لا يفقهون معناها، ليُزج بهم في قتال لا ناقة لهم فيه ولا جمل.
ونظراً لوجود المئات، وربما الآلاف من لاعقي أحذية العسكر وأبواق الطغاة ونافخي الكير، لا ينفك هؤلاء الأرزقية عن تزيين أبشع الجرائم وتلميع أكثر الفظائع انحطاطاً، فيدبجون المقالات الحقيرة ويفبركون المواد الإعلامية المُضللة، لإيهام هؤلاء الصغار وأهاليهم البسطاء بأنهم إنما يدافعون عن الوطن ويحرسون الأعراض والممتلكات، بينما هم في الحقيقية لا يفعلون سوى حماية عروش المجرمين من الجانبين وإدامة سفك الدماء.
وللتدليل على إفك وكذب وخداع هؤلاء الإعلاميين من نافخي الكير، دعوني أطرح عليهم بالأسماء سؤالين مباشرين: هل يقف بين هؤلاء الصغار ابن أو شقيق أي منكم يا ضياء، الإعيسر، مزمل، الهندي، عبد الماجد، محمد عبد القادر، الانصرافي، أم وضاح، رشان، داليا؟
وهل لنا أن نرى أبناء سادتكم علي عثمان، نافع، كرتي، أسامة، عبد الحي وسط هؤلاء الشُفع اليُفع المغرر بهم؟
أعلم أن الإجابة هي: لا. لكن ذلك يفتح الباب لسؤال ثالث أكثر إيلاماً لمن يتمتع بإحساس البشر العاديين هو: ألا يتمتع صغاركم وأشقاؤكم بحس الوطنية والغيرة على الأعراض والرغبة في حماية الممتلكات؟
لا أدري بأي قلبٍ يعيش هؤلاء النفر حياتهم العادية، وكيف تُفتح شهيتهم لالتهام ما لذ وطاب، ويتباهون بأفخم الملابس، ويتمددون كل ليلة علي أسرة وثيرة، بينما ترى أعينهم هؤلاء الصغار يُساقون إلى المحارق كل يوم بفعل كتاباتهم الرخيصة وخدمتهم الدنيئة لإجرام سادتهم؟ وماذا ستقولون لخالقكم في ذلك اليوم الموعود؟
أما أنت، عزيزي المواطن، فقبل أن ترمي فلذة كبدك أو شقيقك الأصغر في مثل هذه المحارق المميتة تحت دعاوى كاذبة، يجب أن تسأل نفسك مثل هذه الأسئلة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة