جاء في الأخبار بأن أهالي بري يرفضون تحويل ميدان معرض الخرطوم الدولي الي مكب للنفايات. كما اعربوا عن رفضهم الشديد لهذا القرار الذي تم اتخاذه من قبل المسئولين بولاية الخرطوم..مما يهدد المنطقة بأسرها بما ينتج عن هذه المخلفات من أضرار صحية وبيئة علي المدي القريب والبعيد.. ومن حق أهالي المنطقة الاحتاج علي هذا القرار الذي جانبه الصواب حيث البحث عن حلول لمشكلة بيئية بخلق مشكلات أشد خطورة من المشكلة الماثلة. لقد كتبنا ، عبر هذه الصحيفة، مرات ومرات..بأن مخلفات الحرب تختلف تماما عن غيرها من المخلفات وتحتاج إلي معالجات خاصة ..ذات خصوصية علمية ..فهي خليط غير متجانس من مخلفات الحرب التي لم تشهدها السلطات المحلية في ولاية الخرطوم من قبل..وبالتالي فهي تحتاج إلي الخبرة العالمية المتخصصة في مخلفات الحرب..فهي خليط من المواد الكيماوية وبقايا الجثث الآدمية والحيوانات النافقة..والطين والرماد والبارود..وربما بقايا من الأسلحة النوعية أو المحرمة دوليا.. بالتالي فان التعامل معها .. التخلص الآمن منها يحتاج الي إجراءات تبدأ بالمسح البيئي[EIA].. والحصر والتشوين ثم الترحيل والنقل للتخلص النهائي وفقا للاجراءات التي لا يعرفها إلا المتخصصين في مجالات الحروب ومخلفاتها كما حدث مع الدول الاوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وماحدث ايضا في العراق بعد الغزو الأمريكي وداعش الإرهابية.. ورغم كل ذلك فلا زالت آثار الحرب باقية بسبب تلك المخلفات. يجب طرح مشكلة مخلفات الحرب علي مكتب استشاري عالمي يتولي امر دراستها ووضع الخطط والبرامج لها ..مادام هناك عون دولي سوف يقدم. وحتي يتم الاستعانة بالشركات العالمية للتخلص من مخلفات الحرب...يوجد حل مؤقت أقل خطورة في نقل هذه المخلفات وقد سبق للجنة شؤون البيئة بتجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين أن قامت بطرحه ضمن منظومة متكاملة بالاصلاح البيئي في السودان..وهو حل لمشكلة جمع ونقل المخلفات الي الموقع المقترح لمعالجة هذه المخلفات من خلال بناء مركز معالجة حديث ومكب هندسي يطلق عليه ( مكب الاستدامة/ Sustainable Landfill) حيث يمكن من الآن نقل وترحيل كل المخلفات الي المنطقة الشمالية الغربية من العاصمة القومية وهي المنطقة الواقعة خلف جبال قري الموازية لمحطة جبل جاري.. وتوجد شركات عالمية لديها الرغبة في إنجاز هذه المهام عن طريق التعاقد الميسر(BOT)منها: شركة بي سي برلين الألمانية.. وزيرو وست الأمريكية وسيجر السنغافورية. أعود وأقول أن ما ينادي به أهل بري..ينم عن وعي متقدم علي ولاية الخرطوم..عن مخاطر رمي المخلفات الخطرة بهذه الكيفية..وأن صور أكوام المخلفات التي شاهدناه ..إذا تركت لأكثر من أربعة وعشرين ساعه..في الجو الحار ...مع احتمال هطول الأمطار.. تنذر بكارثة بيئية أشد فتكا مما خلفته الحرب الأهلية ذاتها..فالحرب قد تنتهي بعد حين...بينما سيظل أثر هذه المخلفات وتأثيرها علي البيئة سنين وسنين. د.فراج الشيخ الفزاري رئيس لجنة البيئة بتجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة