بحضور بازخ بقاعةً مكتبة كتارا للرواية العربية صمت الجميع شاخصين أعينهم بشاشة عرض الفليم القصير " الست " والذي عرض بالحي الثقافي كتارا أمسية الخميس ٢١ /٨ /٢٠٢٥م بحضور المولفة الشابة سوزان ميرغني والمخرجة ايمان ميرغني وتقديم مؤجز من الإعلامية ذات الصوت العميق رانيا قدور ة وتحليل علمي من المخرجة عرفة حسن . ومداخلات مهنية اثرت المؤانسة من المهتمين بالسينما والانتاج برغم ان السينما السودانية سطع نورها من سنوات غايرة في عظم التاريخ منذ ١٩٤٩م كاول وحدة للانتاج الإعلامي ليتصدر فيلم أحلام وامال العام ١٩٧٠ لتنتكس في فترات لاحقة وكادت ان تموت إلا أن الفترة السابقة انتشت ونهضت من ركودها حيث شهدت انتاج فيلم " تموت في الستين " ليلحقه ويقفز للعالمية حيث برز العديد من المخرجين الشباب الذين حققوا حضورًا مميزًا بأفلاهم السينمائية، وحققوا نجاحات كبيرة على المستوى العالمي، والاقليمي نذكر منهم المخرج أمجد أبو العلا صاحب فيلم "ستموت في العشرين"، ومحمد الكردفاني مخرج فيلم "وداعا جوليا"، إلى جانب عدد آخر من مبدعي السينما السودانية من الطموحين . وبرغم انني لا ادعي متابعة لصيقة لعالم السينما إلا أن الفيلم القصير " الست " انعشني لانه نفض الغبار عن ملامح الحبوبة وهي الجدة التي تمسك باطراف خيوط الاسرة وتمثل ترابطها وحكمتها وقد ماثلتها مؤلفة الفلم بذات ثوبها الناصع البياض وشلوخها المطارق رغم انها عادة تكاد تكون قد انقرضت لكن كثير من الشعراء الاوائل تغنوا بجمالها .. فيلم الست القصير حصد ربما اكثر من عشرين جائزة عالمية وطاف عرضا بكثير من الفعاليات واحتفى به الجيل الصاعد لانه يحدثهم عن قيم المجتمع ورصانة جيل الأمس وقبل هذا وذاك يرفع الستارة عن ثراء بلاد السودان وبالذات مشروع الجزيرة الذي ينتج القطن طويل التيلة والذي نافس بجودته ورفع اقتصاد البلاد من خلال البورصة العالمية .. " الست " يبث في عشرون دقيقة لكنه يغوص بحممية لدواخلنا المرهقة بسبب الحرب اللعينة ويماثل صراع الاجيال ما بين البطلة " نفيسة "ذات الاثنتي عشر عاما وما بين جدتها التي جاوزت السبعين او يزيد لكنها بكامل حيويتها تمسك باطراف يدها لتغزل القطن اما ذاك الشاب المغترب الذي يرجع لقريته بكامل لباسه الإفرنجي وبسبابته سيجار يطفي شعلته بزهرة القطن التي هي رمز مهم للأنفة والعزة ربما قصدته مؤلفة الفيلم صحيح أن بعض مداخلات الحضور استنتجت انه إشارة للاستعمار الإنجليزي وبعضهم حوله لحوار الثقافات لكن اعترف أن تلك العشرون دقيقة مثلت لي استجمامة عاليةٍ من الواقع المرير الي اي خيط حتى ولو قطعته " نفيسة " تمايزنا مع رغبتها بالتمسك بمن اختارته لنفسها ومن طينتها وثوبها . ومن المشاهدِ المستفزة التي وقفتُ عندها: منظرُ حرقِ نادرٍ العريس المغترب للقطنِ بالسجائرِ وكانه تعالي علي مجتمعه الام شكلا ومضمونا .. الفيلم الذي بث في عشرين دقيقة حرك مكامن الفكر فتحول الحضور كلهم لبث مقارناتهم وقراءتهم لتفاصيل الحبكة التي قطعا ارهقت سوزان وإيمان لصناعة فيلم قصير زاوج بين العادات والتقاليد الارث والحضارة وقدم للحضور من امثالي اللذين يبحثون عن ساعة استجامة من رهق التفكير في من حرموا لقمة الخبز وجرعة الماء ما بين غزة ولفاشر السلطان فك الله كربتهم .. شكرا كتارا لفتح نفاج ادبي ثقافي بالقاعة ( ٤٨ ) لكوكبة الفكر والفن والأدب وليت مثل هذه التجمعات الثقافية تخرج من حزمة السودانية لجمهور اوسع متشوق للنهل من مواعين الزولات . عواطف عبداللطيف [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة