مقدمة: تباشير التأسيس وبزوغ الحكومة الجديدة يقف السودان اليوم على عتبة تاريخية فارقة. فبعد عقود من القهر والتسلط واحتكار السلطة بواسطة الحركة الإسلامية وجيشها ومليشياتها، انبثق مشروع تحالف التأسيس بوصفه رؤية جديدة لبناء دولة سودانية عادلة، ديمقراطية، وموحدة.
لقد جاء التحالف ليجمع بين القوى الثورية والسياسية والاجتماعية التي سئمت من دوامة الانقلابات والحروب، وليضع معايير واضحة للحكم تقوم على: ١. الحرية كحق أصيل لكل مواطن. ٢. السلام كضرورة لإنهاء النزاعات والحروب الأهلية. ٣. الوحدة واللامركزية كصيغة تحفظ التنوع وتضمن مشاركة الجميع في السلطة والثروة. ٤. الالتزام بالدستور كمرجعية عليا تنظم الحياة العامة وتحمي الحقوق. ٥. حماية المواطن كغاية أولى وأسمى لأي سلطة شرعية.
ومع تباشير إعلان الحكومة المرتقبة المنبثقة عن هذا التحالف، يتجدد النقاش حول دور السلاح في مشروع السودان الجديد: سلاحٌ لحماية الشعب، لا لقمعه.
البندقية الوطنية: ضرورة وليست خيارًا لقد درس تحالف التأسيس خطواته ومراحله بعناية ومسؤولية، مدركًا أن البندقية الوطنية باتت ضرورة حتمية وليست مجرد خيار. فنحن نحتاج إلى البندقية من أجل القضاء على تمكين الحركة الإسلامية الشريرة، ذلك التمكين الذي صنع جيشًا مؤدلجًا ومليشيات بطشت بالأبرياء وباعت أراضي السودان ثمنًا لحماية سلطتها المتهالكة.
إن هذه البندقية لم تُرفع لحماية فكر شمولي إرهابي، وإنما جاءت اليوم في يد قوى حملت همّ السودان وقاتلت من أجل كرامة إنسانه: - قوات الدعم السريع. - حركة تحرير السودان. - الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا. - الحركات التي ظلت واقفة تحمي الأقليات المهمشة في كل أنحاء السودان.
الشعب ودوره الحاسم غير أن السلاح وحده لا يصنع مشروع الدولة. نحن نحتاج قبل كل شيء إلى الشعب السوداني الذي وضع اللبنات الأولى لفواصل التأسيس، ليلعب دوره في تنزيل مفاهيمه السامية إلى أرض الواقع: - حرية ترفع صوت المواطن فوق صوت السلطان. - سلام يحفظ الأرواح وينهي المآسي. - وحدة تصون الأرض والإنسان من التفكك. - لامركزية تتيح لكل إقليم حكم نفسه ضمن دولة عادلة. - التزام بالدستور يحول دون الاستبداد والانفراد. - حماية المواطن كأولوية قصوى.
مراحل وخطوات تحالف التأسيس المرحلة
الوصف
الهدف
١. بناء التحالف
جمع القوى الثورية والسياسية والاجتماعية تحت مظلة واحدة.
توحيد الرؤية والبرنامج.
٢. وضع الميثاق
صياغة المبادئ العامة للتأسيس والالتزام بالدستور.
توفير مرجعية شرعية وقانونية.
٣. الإعلان السياسي
إبراز أهداف التحالف أمام الشعب والمجتمع الدولي.
كسب الدعم والشرعية.
٤. تشكيل الحكومة
إعلان حكومة انتقالية تعكس التنوع السوداني.
إدارة المرحلة الحرجة بفعالية.
٥. حماية المواطن
توظيف البندقية الوطنية لحماية الشعب لا لقمعه.
ضمان الأمن والاستقرار.
٦. البناء المؤسسي
إرساء مؤسسات دستورية ولا مركزية.
إعادة تأسيس الدولة على أسس العدالة.
القيادة السياسية وتبني روح الشهداء في خضم النقاش حول دور السلاح وبناء الدولة، برزت تصريحات رئيس المجلس الرئاسي لتحالف التأسيس، الفريق أول محمد حمدان دقلو، والتي تعكس بوضوح فلسفة التحالف في المرحلة الراهنة. فقد أكد قائلاً:
"لم أسعَ إلى السلطة، وقبلتها استجابةً لقيادة المجلس التأسيسي ووفاءً للشهداء. السلطة لم تكن غايتي.. وقبلت المنصب استجابة ووفاءً للشهداء وصون حقوق الجرحى."
وأوضح دقلو أن تحمّله هذه المسؤولية لم يكن بدافع شخصي، بل وفاءً لدماء الشهداء وصونًا لحقوق أسرهم، وردًا لاعتبار الجرحى والمظلومين. كما أشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد جهودًا مكثفة لإعمار السودان، "بعزيمة تليق بتضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن".
هذه الرسالة – كما نُشرت في منصات التواصل الاجتماعي (صفحة فخر الدين فخر الدين على فيسبوك) – تؤكد أن مشروع التأسيس لا يقوم فقط على إعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها، بل يستند أيضًا إلى بُعد أخلاقي عميق، يجعل من دماء الشهداء وحقوق الجرحى أساسًا للشرعية الجديدة.
خاتمة إن السودان يقف الآن أمام معركة فاصلة بين بندقية وطنية حامية للمواطن وبين بندقية مؤدلجة قاتلة للأبرياء. مشروع التأسيس بما يحمله من رؤية وحكومة مرتقبة، ليس وعدًا غامضًا بل بداية جديدة تُبنى على وعي الشعب، وتضحيات الحركات المسلحة، ورغبة المجتمع الدولي في رؤية سودان مستقر وآمن.
هوامش توثيقية ١. "التمكين" هو المصطلح الذي استخدمته الحركة الإسلامية بعد انقلاب ١٩٨٩، ويعني إحكام السيطرة على مؤسسات الدولة والاقتصاد والمجتمع. ٢. اتفاق سلام جوبا (أكتوبر ٢٠٢٠) وقعت عليه عدة حركات مسلحة مع الحكومة الانتقالية، لكنه تعثر بسبب ضعف الإرادة السياسية وبقاء عناصر النظام القديم. ٣. تجربة المليشيات الإسلامية (مثل الدفاع الشعبي، الشرطة الشعبية، ومليشيات البراء، ومليشيات المجرمين علي عثمان، ونافع، وقوش — جميعها متخفية تحت أسماء ناعمة أو أقنعة دينية) تؤكد أن السلاح عندما يكون بيد عقيدة شمولية يتحول إلى أداة قمع وقتل ونهب. ٤. البندقية الوطنية، أو بندقية التأسيس، في مقابل ذلك تُفهم كرمز للمقاومة المشروعة دفاعًا عن المواطنين والدستور.
قائمة المراجع • فخر الدين فخر الدين (٢٠٢٥)، منشور فيسبوك: تصريح الفريق أول محمد حمدان دقلو حول رئاسة المجلس الرئاسي لتحالف التأسيس. • اتفاق سلام جوبا، أكتوبر ٢٠٢٠. الوثائق الرسمية. • تقارير منظمات حقوق الإنسان حول جرائم المليشيات الإسلامية (١٩٨٩–٢٠٢٣). • أدبيات تحالف التأسيس: الميثاق والدستور، ٢٠٢٤–٢٠٢٥.
د. أحمد التيجاني سيد أحمد عضو موسس في تحالف تأسيس التاريخ: ٢٠ أغسطس ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة