المرتزقة الكولومبيون من غابات الأمازون إلى صحاري السودان كتبه د. ياسر محجوب الحسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-04-2025, 11:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2025, 07:49 PM

د. ياسر محجوب الحسين
<aد. ياسر محجوب الحسين
تاريخ التسجيل: 07-28-2018
مجموع المشاركات: 376

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المرتزقة الكولومبيون من غابات الأمازون إلى صحاري السودان كتبه د. ياسر محجوب الحسين

    07:49 PM August, 19 2025

    سودانيز اون لاين
    د. ياسر محجوب الحسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر



    أمواج ناعمة





    لا تزال الأزمة السودانية تتقاطع مع خرائط الصراع الإقليمي والدولي كخيطٍ متوترٍ في نسيج معقد، لا ينفكّ يتشابك عند كل منعطف. فالمشهد الداخلي، الذي بدأ بتمرّد مليشيا الدعم السريع على الدولة، تمدد كجمرٍ تحت الرماد ليشمل أذرعاً خارجية تمتد من وراء البحار. ولعل أحدث حلقاته كان الإعلان المثير للحكومة السودانية عن استهداف طائرة محمّلة بأربعين مرتزقاً كولومبياً في مطار نيالا بدارفور، في مشهد بدا وكأنه فصل جديد من “حرب الظلال”. الأمر الذي أثار جدلا وتحليلات عميقة حول طبيعة التدخلات الأجنبية في النزاع، وتداعياتها الأمنية والسياسية.

    لقد أثارت مشاركة المرتزقة الكولومبيين في هذه الفضيحة موجةً عارمة من الغضب والدهشة، إذ تحوّل هؤلاء الجنود السابقون، الذين خبروا ساحات الصراع في أمريكا اللاتينية، إلى أداة مأجورة في نزاعات خارج حدود أوطانهم. جُنّدوا بوعود المال السريع، ليجدوا أنفسهم في قلب عمليات مشبوهة اتسمت بالغموض والتشابك السياسي والأمني، فارتبطت أسماؤهم بجرائم وانتهاكات أثارت إدانة عالمية. وقد شكّلت هذه المشاركة صدمة للرأي العام، إذ كشفت عن شبكة معقدة من السماسرة وشركات الأمن الخاصة التي تتاجر بالبشر كسلعة في سوق الحروب.

    حدث مشين ولعبة قذرة

    ما بين طموح فردي للهروب من الفقر وإغراءات العقود المربحة، تورط العشرات في مهام قذرة لا تعرف شرف المهنة العسكرية، ليصبحوا جزءًا من لعبة أممية قذرة، تُدار من خلف الستار وتُكتب فصولها بالدم والعملة الصعبة. هذه الفضيحة لم تفضح الأفراد وحدهم، بل كشفت الوجه المظلم لصناعة المرتزقة في العالم المعاصر.

    إن هذا الحدث المشين يعكس واقعا متغيرا في ميدان الحرب في السودان، حيث برز ملف المرتزقة كأداة رئيسية تستخدمها بعض القوى لتعزيز نفوذها في المنطقة دون إعلان مباشر عن تورطها، ما يستوجب فهما معمقًا لتاريخ هذا النوع من التدخل، وآليات التجنيد، والدوافع الجيوسياسية، فضلا عن تقييم الأثر على الوضع الداخلي والإقليمي.

    لقد نشأ سوق المرتزقة الكولومبيين من خلفية تاريخية تتصل بالحرب الأهلية التي دامت لأكثر من خمسة عقود في كولومبيا، والتي كانت تضم صراعات بين الحكومة، الجماعات اليسارية المسلحة، وميليشيات عصابات المخدرات. هذا النزاع القاسي أنتج جيلًا من المقاتلين المحترفين الذين اكتسبوا خبرات قتالية متقدمة في الحروب غير النظامية والتكتيكات العسكرية المتنوعة.

    مع توقيع اتفاق السلام بين الحكومة الكولومبية وجماعات مسلحة رئيسية خلال العقد الماضي، واجه العديد من هؤلاء المقاتلين السابقين تحديات اجتماعية واقتصادية حادة، ما دفع شريحة منهم إلى البحث عن فرص جديدة عبر تقديم خدماتهم القتالية كمرتزقة في مناطق نزاع عالمية.

    شهد العقد الأخير توسعا في الطلب على المرتزقة الكولومبيين في العديد من النزاعات، خصوصا في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تم توظيفهم في دول مثل ليبيا واليمن وسوريا، لا سيما في مهام الحراسة الخاصة، التدريب العسكري، والعمليات القتالية المباشرة. يتميز المرتزقة الكولومبيين بأسلوب قتالي يجمع بين الكفاءة في القتال التكتيكي، القدرة على العمل في بيئات معقدة، وسرعة التأقلم مع الظروف الميدانية المتغيرة، مما جعلهم خيارا فاعلًا في أسواق الإرتزاق العسكرية العالمي.

    حادثة مطار نيالا: التفاصيل والتداعيات

    في السادس من أغسطس/آب الحالي، أعلنت السلطات السودانية عن تنفيذ ضربة جوية دقيقة على مطار نيالا في إقليم دارفور، مستهدفة طائرة كانت تقل ما يقارب أربعين مرتزقًا كولومبيًا كانوا في طريقهم للانضمام إلى القتال مع تشكيلات مليشيات الدعم السريع المتمردة.

    جاءت هذه العملية كرسالة واضحة تؤكد رفض الحكومة السودانية التام لتدخلات المرتزقة الأجانب في الحرب المشتعلة في البلاد، بل وعكست هذه العملية النوعية قدرة سلاح الجو السوداني على استهداف التهديدات القادمة من الخارج عبر ضرب مراكز الإمداد والتموين.

    وأثارت هذه الضربة ردود فعل متباينة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث اعتبرها البعض مؤشراً على تصاعد خطير في النزاع، بينما رأى آخرون أنها بداية لضبط النزاع والتقليل من التدخلات الخارجية التي تعقد الملف السوداني.

    خلال الفترة التي سبقت الضربة وبعدها، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية عدة مقاطع فيديو توثق مشاركة المرتزقة الكولومبيين في العمليات العسكرية بدارفور، يظهرون فيها وهم يتقدمون في المعارك إلى جانب مليشيات الدعم السريع.

    وعكست هذه المشاهد تزايد وجود هؤلاء المرتزقة على الأرض، ومدى تأثيرهم في العمليات القتالية حيث أظهرت اللقطات استخدام هؤلاء المرتزقة تقنيات عسكرية متقدمة، والتنقل التكتيكي السريع، وهو ما يرفع من مستوى التعقيد في الحرب.

    في خضم هذا التفاعل الدولي، بثت قناة Caracol TV الكولومبية خطاب رئيس مجلس الوزراء السوداني د. كامل إدريس، الذي وجّهه للشعب الكولومبي والحكومة هناك باللغة الإسبانية. وقد دعا إدريس في رسالته جميع المجتمعات الناطقة بالإسبانية إلى ضرورة وقف تجنيد المرتزقة وإرسالهم إلى السودان.

    وجاء في خطابه: “انطلاقاً من روح الإبداع والتضامن والالتزام بالسلام، يأتي هذا النداء للوقوف معنا بثبات من أجل إنهاء الحصار على مدينة الفاشر، ووقف تجنيد المرتزقة وإرسالهم إلى أرضنا”.

    كما أشاد د. كامل إدريس بالنداء الذي أطلقه رئيس وزراء كولومبيا لإنهاء تجنيد المرتزقة الكولومبيين في دارفور، مؤكداً أن العالم الناطق بالإسبانية قدّم إسهامات بارزة للبشرية، من فن بابلو بيكاسو إلى شعر بابلو نيرودا، وسرديات غابرييل غارسيا ماركيز، وأدب ماريو فارغاس يوسا.

    آليات التجنيد: شبكة عالمية معقدة

    يتم تجنيد المرتزقة الكولومبيين عبر شبكات منظمة، تعتمد بشكل كبير على استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة لبعض المقاتلين السابقين في كولومبيا، ويعمل وسطاء وشركات أمن خاصة على استقطابهم وتقديم عقود عمل مغرية خارج البلاد.

    بعد مرحلة التجنيد، تبدأ عمليات النقل التي غالبا ما تتم عبر رحلات جوية خاصة أو تجارية تتنقل عبر مطارات في دول الجوار، باستخدام وثائق مزورة أو تحت مظلة رحلات غير رسمية، لتفادي الرقابة الأمنية الصارمة. كما تستغل هذه الشبكات الثغرات في الرقابة الحدودية والفساد لتسهيل عبور المرتزقة عبر الممرات البرية أو البحرية، خصوصًا في مناطق حدودية يصعب مراقبتها بشكل دائم.

    يرتبط التمويل لهذه العمليات بأطراف إقليمية ترغب في تعزيز نفوذها عبر دعم قوى مسلحة داخل السودان، مستفيدة من القدرة القتالية التي يقدمها المرتزقة دون ظهور مباشر.

    يكتسب وجود المرتزقة الكولومبيين في السودان أهمية استراتيجية في إطار تنافس أوسع بين قوى إقليمية ودولية تسعى إلى تحقيق مكاسب في منطقة القرن الأفريقي، التي تعتبر نقطة وصل حيوية بين إفريقيا والبحر الأحمر والشرق الأوسط.

    ويتميز السودان بموقع استراتيجي مهم وثروات طبيعية كبيرة، من ذهب ونفط ومعادن أخرى، إضافة إلى موقعه على طريق الملاحة عبر البحر الأحمر، مما جعل الدول الإقليمية والدولية تستثمر في النزاع من خلال أدوات متعددة، بينها استخدام المرتزقة لتعزيز مواقفها، وتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية دون الانخراط المباشر في الحرب، وهو ما يمنحها القدرة على الإنكار وتحاشي تبعات التدخلات الرسمية.

    ولعل هدف توريط المرتزقة الدوليين تعزيز ومحاولة وقف انهيار مليشيا الدعم السريع التي تلقت ضربات قاصمة من الجيش السوداني. وذلك بغرض محاولة تغيير ميزان القوى الداخلي لتعطيل الحسم العسكري لصالح الجيش السوداني واطالة أمد الحرب.

    تحديات مكافحة الارتزاق

    يعد مشاركة المرتزقة في الحرب السودانية عاملا يفاقم الأزمة الإنسانية والسياسية، حيث تسهم في تأخير خطط إعادة الاستقرار، وتعقيد المشهد الأمني. فهؤلاء المرتزقة لا يخضعون بالضرورة لسيطرة واضحة أو مسؤولية قانونية داخل السودان، مما يزيد من الانتهاكات والجرائم المحتملة ضد المدنيين. فضلا عن زيادة الالتهاب في منطقة القرن الأفريقي التي تعاني من مشاكل أمنية متراكمة.

    وفي ذات الوقت يعمل تورط المرتزقة الأجانب على تقويض الجهود الدبلوماسية والتفاوضية الرامية لإنهاء الصراع، إذ يتعقد المشهد السياسي بسبب تعدد الفاعلين واختلاف أجنداتهم، مما يتطلب نهجًا إقليميًا ودوليًا منسقًا لمعالجة هذه التحديات.

    إن حادثة مطار نيالا وما رافقها من شواهد ميدانية عبر مقاطع الفيديو، تؤكد أن الصراع في السودان تجاوز حدوده الداخلية ليصبح ساحة تنازع دولي متعدد الأبعاد. ويبرز ملف المرتزقة الكولومبيين في الحرب السودانية كأحد الأبعاد الحساسة التي توضح مدى تعقيد الأزمة وتداخلها مع مصالح إقليمية ودولية وتحوّل الحرب من تعلطي داخلي مع تمرد داخل الدولة إلى ساحة تصادم متعددة الأبعاد.

    إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهودا متكاملة تشمل تعزيز الرقابة على الحدود والمطارات، وكشف شبكات التجنيد والتمويل، ودعم الحل السياسي الشامل الذي يحظى بإرادة وطنية، ويقود إلى استقرار مستدام. فبدون هذه الخطوات، سيظل السودان يعاني من تأثيرات التدخلات الخارجية التي تستغل هشاشة الدولة لتحقيق مكاسب خاصة على حساب أن واستقرار البلاد. فمن دون هذه الإجراءات، سيبقى السودان مسرحاً لحربٍ بالوكالة، تتحرك فيها جيوش الظل من غابات الأمازون إلى رمال دارفور، تحمل معها رياح الخراب وتترك خلفها خرائط جديدة مرسومة بمداد الدم.
    للاطلاع على مزيد من مقالات الكاتب سلسلة (أمواج ناعمة): https://shorturl.at/YcqOh


























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de