بالأمس ١٨/ ٨/ ٢٠٢٥ وفي احتفالية محضورة أزيحت الستارة عن بوابة دار الكتب السودانية وسط الخرطوم والتي اصابها ما اصاب كثير من المؤسسات بايادي الغدر وبعد أكثر من عامين على إغلاقها لتكون متنفس لمحبي القراءة من مختلف الفئات العمرية وتعتبر الدار من أعرق وأقدم الدور المخصصة لبيع الكتب تأسست العام 1969 على يد مؤسسها عبد الرحيم مكاوي رئيس اتحاد الناشرين السودانيين وذكر وزير الإعلام بولاية الخرطوم الطيب سعد الدين إن إعادة افتتاح الدار تمثل عودة للحياة في وسط الخرطوم فالدار السودانية للكتب تماثل مقولة " .الخرطوم تكتب وتطبع وتنشر وتقرأ " وهي من أكبر الموسسات المتخصصة في بيع الكتب في السودان والعالم العربي حيث كانت تضم أكثر من ثلاثين ألف عنوان في شتى ضروب المعرفة، وتوزيع الكتاب العربي من أكبر دور النشر العربية بتراتيبية منتظمة بجانب أن موقعها وسط الخرطوم،شرق ميدان أبوجنزيرالشهير أعطاها وهج وقبول ساق لها ارجل المتعطشين للمعرفة والعلم وقد خصصت الطابق الأرضي للمصاحف الإسلامية و بروايات مختلفة وكتب المؤلفين السودانيين والقواميس والمعاجم. وطابق الميزانين للكتب العربية والسياسة والتاريخ. والطابق الأول الكتب الإسلامية.والثالث: لكتب الناشئة والأطفال و يحتوي على معظم الروايات العالمية والرابع للكتب العلمية و كتب الجامعات بمختلف التخصصات حيث طبع صاحبها ما يزيد عن ألـ 200 عنوان. وفي العام 1966 ذهب مكاوي في رحلة إلى القاهرة لخلق علاقات جديدة مع دور نشر مصرية حيث تعاقد مع شركة دار التوزيع ليكون وكيلها في العاصمة الخرطوم التي كانت بها ثلاثة مكتبات هي سودان بوكشوب – مكتبة الجامع الكبير - مكتبة النهضة،قبل أن تزدهر صناعة النشر والتوزيع بالسودان و .(الدار السودانية للكتب) قصة نجاح لا تخطئها العين ولحجم نجاحها وتجاوز مثيلاتها فقد حسبها الكثيرون انها مؤسسة حكومية راسخة. في حين انها ليست حكومية ولا رسمية لكنها رسمية الأداء بجدية الإنجاز لذلك تستحق أن نستلهم منها أسباب النجاح فصاحبها الحاج مكاوي .تقول سيرته انه من مواليد بربر (1937) بدأ العمل وعمره (16) عامًا وبإيقاع راسخ حقق إنجازًا يشهد له الجميع..عاش لأجل عمله وسكن في مبنى المكتبة لمدة عشرين عامًا، واثنان من أبنائه تربّوا في المكتبة ويعملون فيها..شغل رئيس اتحاد الناشرين السودانيين وعضو مؤسس لاتحاد الناشرين العرب ونائب رئيس اتحاد الناشرين العرب (1995 حتى 2000) وعضو اتحاد الناشرين الأفارقة ..ومن أشهر رواد المكتبة كان البروفيسور عبد الله الطيب ود.عون الشريف قاسم طيب الله ثراهم فقد كانت علاقتهما بالمكتبة راسخة إضافة لكونهما من الحريصين على القراءة والكتابة والدار طبعت ونشرت لهما العديد من المؤلفات منذ السبعينيات من القرن الماضي (تسعة كتب) لعبد الله الطيب ضمنها (المرشد) وتقول رزنامة المكتبة ان مستوى الرواد يكاد يكون ثابتًا،وحدث أن أعدت إحصائية لمن يزور المكتبة على مدار شهر في فترات متقاربة المتوسط خلال الشهر في اليوم الواحد بين (300 ـ 500) شخص. والدار التي تتوهج اليوم طالها التخريب والنهب والسرقة من قبل المليشيا المتمردة فقد وصف الكثيرون بانالسارق لا يقرأ،والقارئ لا يسرق"..وربما هذه المقولة الخالدة التي لا يعرف صاحبها،قد أصبحت في ذمة الماضي الآن.ففي مشهد صادم للمهتمين بالثقافة والكتب،تعرضت أكبر دار للكتب في السودان للسرقة والتخريب،بعدما فقدت كتب نادرة تجاوز عمرها 100 عام.
حيث كانت تضم أكثر من مليوني كتاب و55 ألف عنوان في مختلف التخصصات الأكاديمية والدينية والتعليمية،أصبحت هدفا للعبث والسرقة في ظل الفوضى التي شهدتها العاصمة. رغم ان _المبني نجا من الحرائق التي طالت المباني المجاورة إلا أن المخزن الرئيسي تعرض لسرقة كمية ضخمة من الكتب المعدّة لتسليمها لاصحابها وجاء بالاخبار أن اللصوص سرقوا المصاحف والكتب الإسلامية"، وتم تقديرالخسائر بنحو 300 ألف دولار ووُجدت الكتب مبعثرة في جميع الطوابق،كما تعرضت البنية التحتية لأضرار بالغة، شملت تدمير النظام الكهربائي بالكامل،وسرقة المولدات والمكيفات والكوابل فمعظم دور النشر والمكتبات الكبرى تقع في وسط الخرطوم، المنطقة التي تكبدت خسائر فادحة خلال الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023.وبين التدهور الاقتصادي الذي يجعل الكتاب أقل أولوية للمواطنين وارتفاع تكاليف الطباعة والورق وتفشي ظاهرة تزوير الكتب، باتت دور النشر في السودان تواجه معضلة .ولكن بالعزيمة ونهم القراء وطلبة العلم ستتلاحق ارفف الكتب تماما كدار الكتب السودانية مبروك منارة العلم والمعرفة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة