جاء في مجموع فتاوي ابن تيمية الجزء ٢٧ بداية من صفحة ٣٧٥:
"وتنازع المسلمون في زيارة القبور فقال طائفة من السلف إن ذلك كله منهي عنه لم ينسخ فإن أحاديث النسخ لم يروها البخاري ولم تشتهر؛ ولما ذكر البخاري زيارة القبور احتج بحديث المرأة التي بكت عند القبر ونقل ابن بطال عن الشعبي أنه قال: (لولا أن رسول الله نهى عن زيارة القبور لزرت قبر ابني) ... وكان النبي قد نهى أولا عن زيارة القبور باتفاق العلماء. فقيل: لأن ذلك يفضي إلى الشرك، وقيل لأجل النياحة عندها، وقيل لأنهم كانوا يتفاخرون بها ... وقد ذكر طائفة من العلماء في قوله تعالى { ألهاكم التكاثر } { حتى زرتم المقابر } أنهم كانوا يتكاثرون بقبور الموتى، وممن ذكره ابن عطية في تفسيره قال: وهذا تأنيب على الإكثار من زيارة القبور أي حتى جعلتم أشغالكم القاطعة لكم عن العبادة والعلم زيارة القبور تكثرا بمن سلف وإشادة بذكره ... واختلفوا هل نسخ ذلك؟ فقالت طائفة: لم ينسخ ذلك؛ لأن أحاديث النسخ ليست مشهورة ولهذا لم يخرج أبو عبد الله البخاري ما فيه نسخ عام ... وروي نهى عن النبي فقال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) رواه مسلم في صحيحه ... وأما أحاديث النهي فكثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما كقوله: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) قالت عائشة: (ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا) رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) ... وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: (قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وفي لفظ: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وفي الصحيحين عن عائشة (أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة فيها تصاوير فقال رسول الله: (إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) وقد قال صلى الله عليه وسلم (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد) رواه أبو حاتم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده. وفي سنن أبي داود عنه أنه قال: (لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني) وفي موطأ مالك عن النبي أنه قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وفي سنن سعيد بن منصور أن عبد الله بن حسن بن حسين بن علي بن أبي طالب ... رأى رجلا يكثر الاختلاف إلى قبر النبي فقال: (يا هذا إن رسول الله قال: لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني؛ فما أنت ورجل بالأندلس إلا سواء) ... فلما أراد الأئمة اتباع سنته في زيارة قبره المكرم والسلام عليه طلبوا ما يعتمدون عليه من سنته فاعتمد الإمام أحمد على الحديث الذي في السنن عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) وعن أحمد أخذ ذلك أبو داود فلم يذكر في زيارة قبره المكرم غير هذا الحديث وترجم عليه " باب زيارة القبر " مع أن دلالة الحديث على المقصود فيها نزاع وتفصيل فإنه لا يدل على كل ما تسميه الناس " زيارة " باتفاق المسلمين. ... " وذكر مالك في موطئه أن عبد الله بن عمر كان يأتي فيقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف. [وفي رواية: كان إذا قدم من سفر] رواه معمر عن نافع عنه. وعلى هذا اعتمد مالك فيما يفعل عند الحجرة؛ إذ لم يكن عنده إلا أثر ابن عمر... وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي مع كثرة الصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك وقال: هو بدعة لم يفعلها السلف. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ... "وأما السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين فهذا لم يكن موجودا في الإسلام في زمن مالك وإنما حدث هذا بعد القرون الثلاثة قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم؛ فأما هذه القرون التي أثنى عليها رسول الله فلم يكن هذا ظاهرا فيها ولكن بعدها ظهر الإفك والشرك ولهذا لما سأل سائل لمالك عن رجل نذر أن يأتي قبر النبي فقال: إن كان أراد المسجد فليأته وليصل فيه وإن كان أراد القبر فلا يفعل للحديث الذي جاء (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد) وكذلك من يزور قبور الأنبياء والصالحين ليدعوهم أو يطلب منهم الدعاء أو يقصد الدعاء عندهم لكونه أقرب إجابة في ظنه فهذا لم يكن يعرف على عهد مالك لا عند قبر النبي ولا غيره ... ولم يعتمد الأئمة، لا الأربعة ولا غير الأربعة على شيء من الأحاديث التي يرويها بعض الناس في ذلك مثل ما يروون أنه قال: (من زارني في مماتي فكأنما زارني في حياتي) ومن قوله: (من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة) ونحو ذلك. فإن هذا لم يروه أحد من أئمة المسلمين ولم يعتمد عليها، ولم يروها لا أهل الصحاح ولا أهل السنن التي يعتمد عليها كأبي داود والنسائي؛ لأنها ضعيفة بل موضوعة كما قد بين العلماء الكلام عليها ... وكره مالك أن يقول القائل: زرت قبر النبي كره هذا اللفظ؛ لأن السنة لم تأت به.. ومالك من أعلم الناس بهذا لأنه قد رأى التابعين الذين رأوا الصحابة بالمدينة، ولهذا كان يستحب اتباع السلف في ذلك ... "وكره مالك لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي قبر النبي لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك قال مالك: ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها بل كانوا يأتون إلى مسجده فيصلون فيه خلف أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي فإن هؤلاء الأربعة صلوا أئمة في مسجده والمسلمون يصلون خلفهم كما كانوا يصلون خلفه وهم يقولون في الصلاة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته كما كانوا يقولون ذلك في حياته ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا أو خرجوا ولم يكونوا يأتون القبر للسلام... وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك أو الصلاة والدعاء فإنه لم يشرعه لهم بل نهاهم وقال: (لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيث ما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني) فبين أن الصلاة تصل إليه من البعيد وكذلك السلام... وتخصيص الحجرة بالصلاة والسلام جعل لها عيدا وهو قد نهاهم عن ذلك ونهاهم أن يتخذوا قبره أو قبر غيره مسجدا ولعن من فعل ذلك ليحذروا أن يصيبهم مثل ما أصاب غيرهم من اللعنة ... وكان أصحابه خير القرون وهم أعلم الأمة بسنته وأطوع الأمة لأمره وكانوا إذا دخلوا إلى مسجده لا يذهب أحد منهم إلى قبره لا من داخل الحجرة ولا من خارجها، وكانت الحجرة في زمانهم يدخل إليها من الباب إذ كانت عائشة فيها وبعد ذلك إلى أن بني الحائط الآخر وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه لا لسلام ولا لصلاة عليه ولا لدعاء لأنفسهم ولا لسؤال ... فإن الصحابة خير قرون هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس وهم تلقوا الدين عن النبي بلا واسطة ففهموا من مقاصده وعاينوا من أفعاله وسمعوا منه شفاها ما لم يحصل لمن بعدهم ... وكان الصحابة إذا أراد أحدهم أن يدعو لنفسه استقبل القبلة ودعا في مسجده كما كانوا يفعلون في حياته لا يقصدون الدعاء عند الحجرة ولا يدخل أحدهم إلى القبر ... ولم يكن الصحابة يدخلون إلى عند القبر ولا يقفون عنده خارجا مع أنهم يدخلون إلى مسجده ليلا ونهارا ... وكانوا يقدمون من الأسفار للاجتماع بالخلفاء الراشدين وغير ذلك فيصلون في مسجده ويسلمون عليه في الصلاة وعند دخول المسجد والخروج منه ولا يأتون القبر إذ كان هذا عندهم مما لم يأمرهم به ولم يسنه لهم وإنما أمرهم وسن لهم الصلاة والسلام عليه في الصلاة وعند دخولهم المساجد وغير ذلك"
[نقلا عن موقع: إسلام ويب نت: المكتبة الاسلامية: مجموع فتاوى ابن تيمية: الفقه: الزيارة: الجواب الباهر في زيارة المقابر: حكم زيارة القبور]
¤▪¤▪¤▪¤ > وعليه نقول: > إن كلام ابن تيمية > يوضح أن بعض السلف > لا يأخذون بالأحاديث > التي تنسخ النهي عن زيارة القبور > خاصة وأن البخاري لم يروها > مثل حديث: > (كنت نهيتكم .. الخ) > واذكر أنه قبل حوالي ٤٠ عاما > كنا نسمع في مساجدنا > تحذيرات شديدة > من زيارة قبر النبي > وترديد كراهية إمام المدينة > للمصلي في مسجد النبي > مجرد الوقوف عند القبر > وإنّ المرء ليستغرب: > ما الذي تغير > حتي تصبح الزيارة > ليست عيدا فقط كما حذر منها > بل شعيرة دينية > قائمة بذاتها !! > نود أن نشير هنا إلي عبارة: (فما أنت ورجل بالأندلس إلا سواء) > وأن ما جاء بالحديث قوله: (فإن صلاتكم تبلغني) > ولكن لم يقل: تبلغني وأنا في قبري بالمدينة !! > مثله مثل حديث: (إنهما ليعذبان) > فلم يقل يعذبان الآن في قبرهما !! > ثم إنهم يقرنون حديث (صلاتكم تبلغني) > مع حديث (الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء > ليصوروا للناس > أن النبي تُردّ له حياته في قبره > وهذا لعمري انحراف عقدي خطير > ومعارضة للقرآن > الذي ينفي نفيا قاطعا > عودة روح الميت إلي جسده > بعد خروجها منه .. > فليتق الله الذين يوحون للناس > بما لا تحتمله العبارات > فإنهم بذلك يفسدون عقائد الناس.. > نري أن قوة حجة ابن تيمية هنا > واضحة بجلاء .. والحق أبلج.. > لأن الناس أصلا > يذهبون للمقابر > لتشييع الجنائز > فالموت والتشييع > لا ينتهيان.. > وهذا يكفي للاعتبار..
> ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد > (الدين النصيحة.. > لله ولكتابه ولرسوله > ولأئمة المسلمين وعامتهم)
□■□■□■ نذكّر بالدعاء علي الظالمين فهو دعاء لا شك مستجاب الذين أخرجوا الناس من ديارهم بغير حق وسفكوا دماءهم وانتهكو أعراضهم وأخذوا حقوقهم وساموهم سوء العذاب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة