بيان موقف: "نحو فرز سياسي حاسم لإنهاء الحرب وبناء الدولة الجديدة"
توطئة "في الحروب الأهلية، لا يكون الحياد سوى تحالف مع القوّة الأسوأ." — تزفيتان تودوروف"
منذ اندلاع الحرب، ظلّت قوى الثورة منقسمة ومترددة في الاصطفاف السياسي، إلى جانب أحد الطرفين. هذا التردّد لم يكن دوماً ناتجاً عن الجبن أو الانتهازية، بل عن تعقيد المشهد، وتشابك أطرافه، وافتقاد الخيارات الأخلاقية الواضحة. لكننا اليوم أمام مفترق طرق حاسم. ليس فقط بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل بين مشروعين للسودان: ١. مشروع يعيد إنتاج الدولة الإسلاموية عبر بوابة الجيش والانقلابات، يقوده الإسلامويون في المؤسسة العسكرية، ويدفع بخطى حثيثة نحو فصل دارفور وتقسيم السودان واقعاً لا قولًا، ويعمل على إدامة الحرب، وشيطنة المجتمعات السودانية، والتضييق على الهامش خارج جغرافيته الأصل، ثم منحه "الانفصال" كـ(عقوبة) أو (مكافأة). ٢. ومشروع يؤسس لدولة مدنية جديدة، فدرالية، متعددة، تقوم على الاعتراف والعدالة، ويمثله، "رغم تعقيداته"، تحالف "تأسيس السودان"، الذي بات يضم اليوم الحركة الشعبية/ الحلو، وقوى مدنية متباينة. أرى أن التحالف مع هذا المشروع الثاني، حتى لو لم نوافق على كل تفاصيله، هو السبيل لإنهاء الحرب، والقطع مع مشروع الإسلامويين، ومنع سيناريو الانفصال أو "رواندا أخرى". لذلك أدعو الأخوة في "تحالف صمود"، لتشكيل جبهة موحدة مع "تحالف تأسيس"، وليس بالضرورة اعتبار ذلك اصطفافاً أيديولوجياً، بل خطوة واقعية لإنهاء الحرب، وتقصير أمدها، وتقليل كلفتها على شعبنا، وقطع الطريق أمام تمدد التيار الانفصالي في الهامش، أو الانتقامي في المركز الاسلاموطائفي. أنا هنا لا أقدم هذا الطرح كدعم مطلق لأي طرف، بل كنداء عاجل لتقدير البلاء قبل وقوعه. فما زالت أمام القوى السياسية والمدنية فرصة لتوحيد الجبهات على أساس رؤية وطنية مشتركة. وكل تأخير في ذلك، هو مساهمة غير مقصودة في إطالة أمد الحرب، ورفع فاتورتها، وتهديد وحدة السودان ومستقبله. ووضع مجتمعاته في طريق الإبادة العنصرية. قوى الثورة أحزاباً ولجان مقاومة مدعوة اليوم إلى فرز الكيمان. فليس هناك وسطٌ آمن في حرب تُعاد فيها كتابة الجغرافيا والديموغرافيا والذاكرة. إيست لانسينغ ٥ اغسطس ٢٠٢٥
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة