حجم الدمار الذي أصاب عاصمة البلاد وكثير من اطرافها ومدنها ودفع المواطن ضريبة قاسية من صحته وكبريائه وماله وبرغم ذلك فان الخرطوم في طريقها للتعافي ليس فقط باستكمال بنيان قيام حكومة الامل التي يترقب انطلاقها بكفاءات فاعلة ومنضبطة لتقوم بمهامها ولتضع مؤسسات الدولة في مساراتها السليمة وفق الأنظمة الصارمة والقوانين والحداثة . وبرغم ذلك فان الجهد الشعبي ضروري ومكمل اساسي كدور مجتمعي يطفيء اللمسات الإنسانية كحملة " المليون متطوع " والتي انطلقت بدعم وإشراف الموسسة التعاونية الوطنية بمحيط مستشفي الخرطوم التعليمي وغيرها من المؤسسات الخدمية .. حملات النظافة هذه تعتبر أحد المحطات اللامعة وسط الأوجاع العميقة .. ففرق النفير ازالت كثيرا من الأوساخ المتراكمة لكن ما كشفت عنه عدسات التلفزة ان المتطوعين نساء ورجالا ومن كل الاعمار يجاهدون لكنس الأوساخ وقطع الأعشاب التالفة ورفع الأثاث المهشم والمستندات الممزقة كل ذلك وكثير منه يتم وباليات شبه متواضعة وضعيفة مما يستهلك القوة الجسمانية لهولاء المتطوعين ويقلل حيويتهم ونشاطهم وبالتالي ينتقص من حماسهم في حين لو توافرت لهم آليات مساندة لازالة الأنقاض ونقلها بجرارات وروافع يكون ذلك اكثر جدوى وإنجازاً . خلال زيارات رئيس مجلس الوزراء واتبعها رئيس مجلس السيادة وإبراهيم جابر وسلمي عبدالجبار واحمد عثمان حمزة والي ولاية الخرطوم للأسواق و للمؤسسات التعليمية والخدمية كشفت تماما حجم الخراب والحرائق التي التهم الحجر والشجر .. واللافت أن المواطنين تجاوزوا بثبات وسمو روح محن سرقة ودمار بيوتهم ومتاجرهم ومصانعهم والتي دمرت ودون اي واعز ديني او مجتمعي وظل الغبش رغم ذلك يعايشون ما لحق بهم من كفاف واوجاع يصعب حصرها .. قبل شهور بث فيلم وثائقي تم إعداده من خبراء اثار وأساتذة جامعات وثق بحرفيه وامانة حجم الدمار الذي لحق بمتاحف الاثار التاريخية وطمس لصفحات البلاد الموغلة في عظم التاريخ حقا من أين جاء هؤلاء ؟ ورغم كل هذه الماسيّ فان المفارقة الأكثر لمعانا أن كثيرا ممن هشمت منازلهم وطالت حتى استثماراتهم ليس بدافع السرقة فقط بل أبانت نموذج كريه لتفريغ شحنة الحقد وربما شعور بالدونية والغبن صنعوه لأنفسهم في مقابل كفاح لنيل العلم والتميز من اخرين حين اصطف هؤلاء علي اجنحة الاتكالية ليأتوا اليوم ليدمروا حصاد مجاهدات مواطنين أبرياء كافحوا في مشاوير الحياة العلمية والعملية . صحيح هناك اختلال في موازين التنمية والاعمار ولكن ما دمر من مؤسسات تعليمية وصحية وثقافية ونهب من املاك خاصة لن تصنع لهذه الفئات الموغلة في السادية والتي دمرت اقتصاديات البلاد ونهبت خيراتها من ابجديات وأسس التنمية واوقفت حركة النهضة الزراعية والصناعية وأرجعت الحياة الادمية للبدائية .. حيث تنتشر الأمراض والجوع والعطش وبرغم هذا وذاك فان الخرطوم والمدن والقري يمكن ان تتعافى ان تلاحقت أرجل المسؤولين ونزعوا عنهم لباس الامكنة المكيفة وارتدوا " ابرول " العمل وحملوا معول الاعمار ووفروا الآليات القادرة علي تعبيد الطرق وازالة المخلفات والأوساخ .. حملة " المليون متطوع " ستصنع الفرق لتعافي العاصمة ان وفرت لها آليات مساندة ..لانها تنطلق بدافع وطني وإنساني لإعادة الحياة إلى العاصمة السودانية بعد ما شهدته من أزمات وصراعات. وتجسيدًا حقيقيًا لروح التضامن ورفد المبادرات الشعبية. … ولتحقق الاستدامة والأثر المطلوب، فإن توفير الدعم بالمعينات والآليات ومن كافة الجهات، سواء حكومية أو مجتمعية، يُعد أمرًا ضروريًا ستحصد الخرطوم ثماره وليطبق ببقية الاقاليم كانموذج منداح يغسل ويطهر الارض والعرض .. شكرا لكل من كان حضورا فاعلا في حملة " مليون متطوع " .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة