من أدغال النضال إلى فتات المحاصصة.. قصة الحركة الشعبية وجائزة الكومب كتبه عبدالغني بريش فيوف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-09-2025, 03:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-28-2025, 01:03 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 600

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من أدغال النضال إلى فتات المحاصصة.. قصة الحركة الشعبية وجائزة الكومب كتبه عبدالغني بريش فيوف

    02:03 AM July, 27 2025

    سودانيز اون لاين
    عبدالغني بريش فيوف -USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    يا أعزائي الكرام، يا من تقرأون هذه السطور بابتسامة خبيثة أو بقلب منكسر، دعوني آخذكم في رحلة إلى عالم الضحك والبكاء معا، حيث السياسة تتحول إلى مسرحية هزلية، والنضال الطويل يغدو مجرد دعاية لصفقة خاسرة.
    اليوم، ومع إعلان تحالف التأسيس عن حكومته الموازية، يمكننا أن نرفع قبعاتنا، أو قبعات الساحر إن كنا نرغب في إضافة لمسة غرائبية لهذا الفصل الجديد من فصول عبثستان السودانية.
    تظل الأعين شاخصة، والعقول مذهولة، والشفاه تكاد تنطق بصرخة استنكار مكتومة.. يا لعبث المشهد بعد عقود طويلة، بل أربعة عقود وزيادة، من النضال الشاق في أدغال الغابات الكثيفة، وبين ثنايا الجبال الوعرة، وفي أحراش لا ترحم، قدم فيها رجال ونساء الحركة الشعبية –شمال الأرواح والدماء، وحملوا على عاتقهم أحلام شعب كامل بالحرية والعدالة والمساواة.
    لقد كانوا رمزا للصمود، منارة تضيء دروب المقهورين، وبندقية تتحدث بلسان المظلومين. خاضوا حروبا ضروسا، وقدموا تضحيات لا تُحصى، وحفروا أسماءهم بحروف من نور في سجل الكفاح الوطني، مطالبين بدولة سودانية جديدة، عابرة للإثنيات والجهات.
    ثم تأتي اللحظة الحاسمة، لحظة تتويج هذا النضال الطويل، وإذ بنا نكتشف أن حصاد السنين، وثمرة التضحيات الجسام، لم يكن سوى فتات مائدة سياسية.. نائب للرفيق البعاتي، وحاكم إقليم للقائد/ احمد محمد مرادا (جقود مكوار). لنتساءل بألم وحُرقة: أهذه هي الفاكهة التي جنوها من شجرة النضال العريقة.. أين التاريخ الذي كُتب بدماء الرفاق.. أين الجغرافيا التي رُسمت بوطأة أقدام المقاتلين الشرفاء.. أين المبادئ التي أُعلنت في كل بيان، وفي كل خطبة، وفي كل أغنية ثورية؟
    يا رفاقي، هذا ليس تقديرا، ولا احتراما، ولا حتى مكافأة. هذا أقرب ما يكون إلى بقشيش يُلقى على عتبة باب الحركة، كصدقة تُعطى لمسكين، أو مكافأة لكومبارس، أدى دوره ببراعة في فيلم رخيص.
    إنها إهانة لا تُغتفر، صفعة على وجه التاريخ، ورش رماد في عيون كل من آمن برسالة الحركة الشعبية ونضالاتها. كيف يمكن للمرء أن يرى هذا المشهد دون أن يشعر بالغثيان السياسي، كيف يمكن أن يتقبل القادة هذه الهزيمة الرمزية، وهذا الانحدار المعنوي؟
    رفيقي العزيز..
    كان يُفترض أن تكون الحركة الشعبية، ببعدها التاريخي، وعمقها الجماهيري، وفلسفتها الإنسانية الشاملة، شريكا أساسيا في أي تحول سياسي حقيقي، لا مجرد ملحق يُضاف إلى قائمة المحاصصة الشائهة.
    لقد حملوا لواء التغيير لعقود، فأصبحوا اليوم مجرد زينة في حكومة يتصدرها ويا للعار من كان بالأمس القريب خصما لدودا، وعائقا أمام تحقيق أحلام المهمشين.
    إن هذا المشهد يذكرنا بتلك الحكايات الساخرة التي يتقدم فيها الأرنب على الأسد، أو يتوج فيها القزم على عرش العمالقة. إنه قلب للموازين، وتشويش للمفاهيم، ونسف لكل ما هو نبيل في ساحة النضال.
    وفي مشهد آخر من هذه المسرحية العبثية، يظهر لنا قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميرتي، متوجا على عرش المجلس الرئاسي لتحالف التأسيس. ويا للهناء والسرور، يبدو أن السلاح هو أسرع طريق إلى السلطة، وأقصر مسافة بين رعاة الإبل ومقاعد الرئاسة.
    لا يهم التاريخ، ولا المسيرة، ولا المؤهلات، يكفي أن تمتلك قوة ساندة، وعلاقات قوية، ورصيدا من الذهب، لتصبح رئيسا لمجلس رئاسي مواز.
    إنها وصفة سحرية للسلطة، خلطة سرية قديمة قدم الصراعات البشرية، مضمونة النتائج لإيصال الفرسان الجدد إلى المشهد السياسي.
    وهنا لا بد أن نتوقف لحظة لنتأمل هذا التحالف المبهر. تحالف يضم تنظيمات عسكرية وسياسية وأهلية. ويا له من تنوع، ويا له من تمازج فريد. تنظيمات عسكرية تقود المشهد السياسي وتلهث وراء الكراسي، وأهلية، لا ندري ما هي بالضبط، ربما هي تلك المجموعات التي تظهر فجأة على الساحة لتملأ الفراغ، أو لتزين الصورة، أو لتتحول إلى مجرد حاضنة شعبية خادعة.
    إنها وصفة لتشكيل حكومة طبق سلطة سياسي، كل مكوناتها لا تتجانس، وكل أجزائها تتنافر، ولكنها تلتصق مؤقتا بمادة الطموح والمصلحة الذاتية.
    ثم يأتي الدور على محمد حسن التعايشي، ليتوج بمنصب رئيس وزراء الحكومة الموازية. ويا للدهشة!. هل تذكرون التعايشي، ذاك الذي كان عضوا في مجلس السيادة في حكومة ما بعد الثورة، تلك الحكومة التي أقيل إدريس وحجر منها بعد اندلاع النزاع.
    إنها لعبة الكراسي الموسيقية على الطريقة السودانية، حيث لا أحد يغادر المشهد، بل ينتقل من كرسي لآخر، أو من حكومة شرعية إلى حكومة موازية. المهم أن يبقى في دائرة الضوء، وأن يضمن لنفسه مقعدا، حتى لو كان على متن سفينة تسير في مياه مجهولة.
    وهنا يتجلى جوهر المشكلة.. أن النخب السياسية، ومعها بعض النخب الثورية في الهامش، تكاد تكون مادة قابلة لإعادة التدوير. يتم تدويرهم بين المناصب، وتبديلهم بين التحالفات، وتغيير أسمائهم من مقاومة إلى توافق، ومن ثورة إلى واقعية، دون أن يتغير جوهر أدائهم، أو تتجدد رؤاهم، أو أن تتحقق آمال الجماهير المنتظرة.
    إنها كيمياء سياسية غريبة، تجعل من عناصر الأمس خصوما، ومن اليوم حلفاء، ومن الغد ربما أعداء، وكل ذلك يحدث تحت مظلة المصلحة الوطنية المزعومة، أو المرحلة الانتقالية الأبدية!
    *************
    وها نحن رفيقي العزيز، قد وصلنا إلى نهاية هذه المسرحية الهزلية، أو ربما بداية فصل جديد من فصول كوميديا القدر السوداني.
    بعد أربعة عقود من الرقص على إيقاع البندقية، والزحف على تراب الألم، ورفع شعارات بحجم أحلام أمة، تتوج الحركة الشعبية، تلك الأيقونة النضالية، نضالها الطويل بجائزة كومبارس الموسم، إذ لم يكن الجائزة أرفع الأوسمة، ولا أبهى التكريمات، بل هي في الحقيقة نيابة شرفية، وحاكم إقليم تذكاري لصاحب السعادة (جقود مكوار).. يا لفصاحة التاريخ وهو ينطق بالصمت، ويا لهيبة النضال وهو يتبخر في دهاليز المحاصصة!
    لقد كانت الحركة الشعبية، بحسب رواية التأريخ، وشهدت عليها ميادين القتال، بندقية الحق وصوت المقهورين. كان السودنيون، يتخيلونها وهي تتوشح بزي الثورة، وتسير بخطى الواثق نحو فجر سودان جديد، ولكن يبدو أن الرفاق قرروا أن يرتدوا الآن زي السلطة، حيث لا يهم ماضي الكفاح بقدر، ما تهم حصتهم من الفتات التأسيسي، وكأنهم يقولون لنا، بلسان الحال والمقال، إن الغاية تبرر الوسيلة، والوسيلة هنا هي أن تكون ذيلا، عفواً، نائباً أولا، لمَن كان بالأمس على النقيض تماما!
    وهكذا، بعد كل تلك الليالي الماطرة بوابل الرصاص، والأيام المشرقة بدماء المناضلين، نجد أن كل ذلك النضال قد اختُزل في منصب لا يكاد يذكر، وكأن شجرة البلوط الضخمة، الممتدة جذورها في عمق التراب، قد أينعت في النهاية حبة عدس!
    هل هذا هو القدر، أم أنها صفقة القرن بنسختها السودانية، حيث يباع التاريخ بأبخس الأثمان، ويتحول النضال إلى مجرد سيرة ذاتية مزخرفة على طاولة المفاوضات؟ يا للكارثة!
    فلتصفق الجماهير، ولتهلل الأفواج، فقد أصبح رئيس الحركة، نائباً للرفيق البعاتي، وهذه ليست هزيمة، وليست انحداراً، بل هي في رأيي، فن البيع والشراء السياسي بأبهى حلله، أو ربما أسوأها، وكأن لسان حال الكادحين الذين هتفوا بالحرية والمساواة يقول: يا حسرة علينا، لقد كدنا نصل، لكن رئيسنا وجد مقعداً مريحا في قاطرة الطرف الآخر ففضل الهبوط قبل المحطة!.
    رفاقي الأعزاء..
    لو كان الأمر بيدي، لمنحتهم جائزة نوبل في فن المساومة على المبادئ، أو ربما جائزة الأوسكار لأفضل أداء في دور الكومبارس المطيع. فهنيئا لكم، أيها الرفاق، بكرسي النيابة، ولتبقى ذكرى النضال الطويل مجرد حدوتة قبل النوم، تحكى للأجيال القادمة عن زمن كانت فيه المبادئ تُرفع عاليا، قبل أن تُرمى على قارعة الطريق من أجل نائب أول أو حاكم إقليم. فليحيا تحالف التأسيس، ولتزهر المحاصصة، ولينعم الكادحون بفتات المائدة التي تبقى من تاريخ نضح بالدم والعرق.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de