استراحة محارب: الرحيل في الليل يا وليد تنقاسي! عبد الرحيم أبو ذكري، كافكا، وشباب التيك توك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 08-27-2025, 10:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-22-2025, 08:13 PM

احمد التيجاني سيد احمد
<aاحمد التيجاني سيد احمد
تاريخ التسجيل: 08-16-2022
مجموع المشاركات: 459

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
استراحة محارب: الرحيل في الليل يا وليد تنقاسي! عبد الرحيم أبو ذكري، كافكا، وشباب التيك توك

    08:13 PM July, 22 2025

    سودانيز اون لاين
    احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
    مكتبتى
    رابط مختصر






    استعادة المشهد الشخصي في المحطة الوسطى مع النور عوض.
    عبد الرحيم كشاعر "قلق عجول" خرج من الزمن والمكان.
    ارتباط المقال بوجع اللحظة السودانية وشبابها المعلقين في اللاشيء.

    في مرة من زمانات المحطة الوسطى، كنا سايرين — أنا والفيلسوف الماشي النور عوض النور.
    (وينك يا النور عوض؟ مشتاق ليك كتير والله).
    أتانا النحيل الجميل القلق، عبد الرحيم أبو ذكري، كعادته، مسرعًا كأن في أعماقه موعدًا مع نجم بعيد. سلّم بعجلة وقال ضاحكًا:
    "أنا عازم حبيبتي عشاء وما معاي قروش!"
    فتحت له جيوبنا الضامرة، ومضى.
    قلت للنور يومها:
    "ربما تكون هذه الليلة ميلاد قصيدة جديدة من قصائد عبد الرحيم."

    شاعر من زمن التيه

    كنت أعرف شعره أكثر مما عرفته شخصيًا.
    من الذين قذفت بهم الدكتاتورية إلى صقيع الاتحاد السوفيتي.
    درس هناك، أجاد الروسية، تفوّق... ثم في لحظة داخلية تشبه الخنجر، أحرق مسودة أطروحة الدكتوراه، وقفز من الطابق الأعلى في موسكو.
    انتثر جسده النحيل في الهواء كريش العصافير

    كمال الجزولي روى في كتابه "عبد الرحيم أبو ذكري: الكتابة بالحياة" هذه النهاية المأساوية التي لم تكن موتًا عبثيًا، بل فعلًا شعريًا أخيرًا

    ديوانه في المنافي

    ديوانه الصغير، النحيل، تمامًا مثله، لم يغادر مكتبتي أبدًا:
    من شمال وجنوب كاليفورنيا، إلى بدروم نيبراسكا (خفت عليه من الأعاصير)، إلى غرب كينيا، فطرابلس التي هربت منها متأبطًا نعلاتي، كما فعل الصوفي بشر الحافي، إلى روما... المدينة التي لم أرتوِ من عشقها حتى الآن.

    ما زلت أحتفظ بذلك الديوان الصغير الذي اشتريته بثلاثين جنيهًا من دار جامعة الخرطوم للنشر والترجمة

    مختارات من 'الرحيل في الليل

    فهل طال شوقك يا قارئي العزيز؟

    وهل يصمد قلبك أمام هذا الشعر الذي تناثرت حروفه كما تناثر جسده؟

    الرحيل في الليل


    كتب يقول:
    لي سماء غريبة
    أتأملها في الخفاء
    وأهدهدها ساهما في المساء
    وأغني لها أجمل الأغنيات...


    ثم:
    أيها الراحل في الليل، وحيدًا، ضائعًا، منفردًا...
    انتظرني
    فأنا أرحل في الليل
    موغلاً منفردًا في الدهاليز القصيات
    انتظرني في العتامير والبحر
    في حفيف الأجنحة
    وسماوات الطيور النازحة
    وقت تنهد المدارات
    وتسوّد سماء البارحة...
    انتظرني!

    قصيدة الموت — شعرًا


    وكتب في الفاجعة:
    لحظتها قلت: أموت هنا...
    عيناك لدي كفن
    من عينك أشرب طعم الموت العالق
    في أفق الأجفان
    أتمعن فيك وأُنصت:
    أسمع خشخشة الأكفان
    كنت البارحة شروقًا يُلهم
    ثم غدوت شريحة لحم
    أُغمسها في الظلمة والفحم...

    عن حب الفقراء(١٩٦٣):
    تؤرقني عينان...
    أحسّ خلالهما فرح الزراع إذا طاب الموسم
    وندى الأشجار وفقفقة الأنهار
    لونهما الزيتوني يذكرني بالبيت
    وأوقات الشاي
    بصباح العيد
    بشَتَلات الزونيا وخلاوي القرآن...
    لو أن جنود سليمان ما زالوا أحياء،
    لأمرت "كريمة" أن تترصدني بتلال القنديلة الرطب
    لجلبت العاج وخشب الزان
    وفجّرت عيون الماء
    لأصوغ قلادة شوق
    وأنظمها شعرًا في الوجه القمري

    وفي أكتوبر ١٩٦٤ كتب عن الجنود الذين قتلوا الطلاب:
    الحق، كانوا خائفين
    بسطاء من أبناء موطننا الطيبين
    يصلّون، يرتلون، يداعبون أطفالهم
    ويدندنون:
    يا خالق الأطياف... ترزقهنّ... والنمل الدؤوب... اغفر لنا...
    ثم تدافعوا، كالمركبات الشائخة
    وتلخلخوا وارتعدوا كأشجار الشتاء
    فالموت في الحجرات راصد
    في قطع الزجاج
    في النور الذي يُطفأ
    في الحصاة التي تزن قربك
    في الصفير
    ويلوذ أحدهم ببندقيته العتيقة
    ويُفلت من يده الرصاص
    والموت مردود إليه
    يموت بلا وجيع، بلا يد، بلا قضية
    يا ابن الرجال الطيبين
    القِ السلاح...
    لعل رب العالمين يرضى عليك بعفوه
    هيا السجود!
    مُرّغ جبينك في التراب
    فالأرض قربك تستعيد شبابها
    وتعود نورًا فوق نور
    مزّق عماك، تعود نورًا فوق نور
    هيا السجود
    هيا السجود
    يا ابن الرجال الطيبين...


    كافكا في زمن التيك توك — وماذا يعني أن تكون ضائعًا في متاهة مضحكة

    نستلهم هنا ما جاء في مقال الإيكونوميست عن كافكا وجيل "التيك توك": Kafka is Gen Z's ghost.
    كافكا، الكاتب الذي مات قبل أن يُفهم، أصبح اليوم صورة رمزية لهذا الجيل — جيل الضياع اللحظي، الذي يتنقّل من شاشة لأخرى، من نكتة إلى نكتة، بحثًا عن أيّ شيء يمكن أن يفسر هذا العدم الكبير.

    كافكا حوّل القلق الوجودي إلى أدب خالد. جيل التيك توك حوله إلى سخرية… لكنها سخرية دامعة.
    ولذا، لم يكن كافكا غريبًا على عبد الرحيم أبو ذكري. كلاهما عرف أن هذا العالم آلة لا تهتم، لا توضح، ولا تنتظر.

    التيه الوجودي صار تيهًا بصريًا. الصورة تسبق المعنى. والعبث لا يحتاج رواية طويلة… يكفي فيديو واحد.


    شباب السودان والتيه الكبير

    جيل الترس. جيل الثورة. جيل الفقد والخذلان.
    أبو ذكري كان نبي هذا الوجع قبل أن يولدوا.

    هو من كتب للجنود الخائفين… وهو من يمكن أن يخاطب قتلة الترس اليوم.
    قصائده لم تكن أناشيد للموت بل تنبيهات ضد العمى.

    القصيدة ما زالت تنتظرهم:
    في الليل، في العتامير، في البحر، في الحفيف…
    انتظرني!


    الخاتمة

    هل نملك اليوم رفاهية "الانتحار الشعري" كما فعل عبد الرحيم؟
    أم أن المهمة قد أصبحت أثقل، والقصيدة التي احترقت يجب أن تُكتب من جديد؟

    في زمن التيك توك، في متاهات الخرطوم، بين الحلم والخذلان، قد لا نجد خلاصًا،
    لكننا قد نجد في كلمات عبد الرحيم أبو ذكري، بعض ما يجعلنا نستمر، نكتب، ونقاوم.

    فيا وليد تنقاسي... إننا نرحل في الليل معك،
    لكننا نرفض أن نسقط بصمت.


    مقال الإيكونوميست عن كافكا ذكرني بعبد الرحيم أبو ذكري. كافكا طلب من ناشره ماكس برود أن يحرق كل كتبه، أما أبو ذكري، فقد أحرق أطروحته المكتملة لنيل الدكتوراه، ثم قفز من الطابق الأعلى في موسكو، وانتثر جسده النحيل في الهواء كريش العصافير

    بقيت ذكراهما باقية كالقناديل



    كافكا وشباب اليوم: لماذا لا يزال نبي العبث البيروقراطي يهمس لنا؟

    (قراءة بعد مقال "تحولات كافكا"، الإيكونوميست، 15 يونيو 2024)


    فرانز كافكا، الذي رحل عن الدنيا قبل مئة عام في عام 1924، أوصى صديقه ماكس برود بإحراق كتاباته بعد موته. لحسن الحظ، لم يمتثل برود. وهكذا بقي كافكا، ليس فقط ككاتب عظيم، بل ككائن أدبي غريب، نبيٍّ مظلم للروح الحديثة.

    قرأتُ "المحاكمة" و"التحوّل" في شبابي، وعدت إلى "التحوّل" مؤخرًا، فوجدت صوت كافكا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. ليس لأنه يجذبنا بالغرائبية أو المفارقة التراجيدية، بل لأنه يضع إصبعه على الجرح: هذا العالم، بأنظمته اللا مبالية، وهمومه التي لا اسم لها، يشبه متاهاته الباردة.

    ما الذي يجعل كافكا قريبًا من قلوب الشباب في هذا العصر الرقمي المنكسر؟

    الأمر جلي.

    عوالم كافكا تسودها قوى خفية، قوانين غير مفهومة، تهم باطلة، ومؤسسات صماء. رجل يُعتقل بلا جريمة. ابن يتحوّل إلى حشرة. مسّاح أراضٍ يُمنع من دخول القلعة. تبدو هذه الصور مجازية، لكنها في عصر الخوارزميات، والرفض المجهول، والخوف المناخي، أصبحت واقعية بصورة مفجعة.

    الاغتراب ليس شعورًا تاريخيًا. إنه نسيج الحياة اليومية.

    كافكا، الموظف النحيل في براغ الإمبراطورية المتهالكة، عرف كيف يشعر المرء حين يُسحق في آلة لا يعرف من يديرها. لا يقدّم حلاً. ولا يبشّر بالخلاص. لكنه يمنحك شيئًا نادرًا: الاعتراف. يقول لك، دون أن يتكلم كثيرًا: نعم، العالم عبثي. نعم، ما تشعر به حقيقي. لا، لست وحدك.

    ولهذا السبب تحديدًا، أعادت الأجيال الشابة اكتشافه. لم يعد كاتبًا تقليديًا بل أصبح "كودًا ثقافيًا": تظهر أفكاره في مقاطع "تيك توك"، وتُعاد مزجها في نكات سوداوية، بل حتى "الذكاء الاصطناعي" أصبح يحاول استكمال روايته "المحاكمة". لقد عاد كافكا بطريقة تليق به: مجزأ، ناقص، وغير مفهوم تمامًا.

    لكن كافكا لا يقدّم فقط اليأس. قال ذات مرة:
    "هناك كمٌ لا نهائي من الأمل… لكنه ليس لنا."
    وهذا، في ذاته، عزاءٌ غريب. أدب لا يكذب عليك. عقل لا يهرب من القبح. كافكا فهم ما يعنيه أن تكون مستيقظًا في عالم لا يشرح شيئًا.

    نقرأه لا لأنه يعلّمنا كيف نعيش، بل لأنه يحررنا من الخجل من التيه.

    كافكا لم يعد أديبًا أوروبيًا فقط. لقد أصبح ملكًا للمنفيين، والمهمّشين رقميًا، والحالمين القلقين، وأبناء الإمبراطوريات المنهارة في كل مكان.

    ليته كان بيننا ليكتب عن ذلك بنفسه.

    ليته كان بيننا ليكتب عن ثورة المهمشين



    د. احمد التبجاني سيد احمد

    عضو تحالف تاسيس

    ٢٢ يوليو ٢٠٢٥ ، روما ايطاليا
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de