من بين الشخصيات التي لعبت دوراً سلبياً في تقويض مسار التحول المدني الديمقراطي بعد سقوط الطاغية عمر البشير، يبرز الناظر محمد الأمين ترك بوصفه أحد رموز الخيانة وأدواتها. إذ تواطأ مع قوى الردة والظلام التي سعت لإجهاض مشروع بناء دولة سودانية تقوم على أسس الحرية والعدالة والسلام. بدلاً من التحرر من إرتباطه السياسي بحزب المؤتمر الوطني وعضويته في المكتب القيادي بولاية كسلا، ظل سادراً في غيه، وعمّق إرتباطه بالبنية الفاسدة التي أنشأها النظام السابق، والذي دمّر مؤسسات الدولة وأدام سياسات التهميش والانقسام. منذ اللحظة الأولى لإنطلاق المرحلة الإنتقالية، إتخذ ترك موقفا عدائيا من قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، التي كانت تسعى إلى تفكيك نظام الإنقاذ المجرم، وبدأ في تعبئة قبلية تحت شعارات رافضة للمسار الوطني، ممهّدا الطريق للفوضى والإنقسام. ففي سبتمبر 2021، قاد تحركا خطيرا تمثل في إغلاق ميناء بورتسودان والطريق القومي، مما أدى إلى تعطيل الاقتصاد الوطني وتهديد أمن الإمدادات الحيوية، في وقت كانت فيه البلاد تعاني من أزمات سياسية ومؤسساتية، بينما تحاول حكومة الفترة الانتقالية التماسك تحت ضغط التحديات. وتزامن هذا التصعيد مع إحتجاجات شعبية أخرى في شمال السودان، حيث أغلقت مجموعات من الثوار الطريق الرابط بين السودان ومصر اعتراضًا على نهب الموارد الوطنية، خاصة الذهب والمواشي، عبر الشاحنات العابرة نحو الحدود، دون رقابة حكومية واضحة. الفرق الجوهري بين الموقفين هو أن إغلاق الميناء في الولاية الشمالية كان تعبيرًا عن مطالب عادلة للحد من الإستنزاف الممنهج للثروة السودانية، بينما جاء تحرك ترك كخطوة منظمة بهدف إسقاط السلطة الإنتقالية، ما أتاح لقوى الردة والظلام تمرير مخططاتها للإجهاز على أي إصلاح محتمل. لم يكن ترك يتحرك بمعزل عن الدعم الخارجي. إذ تشير المعطيات إلى تنسيق مستمر بينه وبين عناصر من النظام السابق المقيمين في القاهرة، إسطنبول، والدوحة، الذين أعادوا تموضعهم الإقليمي في علاقات تخريبية تهدف لدعم الفوضى داخل السودان. وتجلّى ذلك بشكل واضح في لقاءاته المتكررة مع مسؤولين مصريين، وتصريحاته التي دعت بشكل مباشر إلى "فتح الحدود" لشعب البجا، وهو مطلب يتجاوز الأعراف الدبلوماسية، ويثير تساؤلات جدية حول ارتباطه بأجندات خارجية تهدف إلى زعزعة سيادة السودان ووحدة أراضيه. كما أن صمته تجاه النشاط التركي المتجدد في ميناء سواكن، وعدم إتخاذه موقفا واضحا من الأطماع البحرية والإستراتيجية على سواحل السودان، يضعه في دائرة الإتهام بالمحاباة لقوى تتدخل في البلاد عبر مشاريع إنمائية مزعومة، تُعد في حقيقتها أدوات لتخريب الإستقرار الوطني. وترافق هذا التواطؤ الخارجي مع دعم داخلي مباشر من قبل المؤسسة العسكرية، بقيادة عبد الفتاح البرهان، الذي إحتضن تحركات ترك الذي ارسل وحدات عسكرية للشرق وقتها ، ومكّنه لاحقا من قيادة المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في شرق السودان، ضمن خطة تخدم أجندة العسكرة والانقسام. إن خيانة الناظر ترك لا تُختزل في إغلاق ميناء أو تصريحات عابرة، بل تمتد إلى مسار طويل من التنسيق الداخلي والخارجي مع قوى الردة والظلام، الذين سعوا لإعادة إنتاج بنية الدولة المتهالكة، مستخدمين ورقة الهُوية القبلية كأداة للتفتيت السياسي، والتشويش على مسار التغيير الحقيقي. إذا كانت البلاد قد دفعت ثمناً باهظا في مواجهة القوى الظلامية، فإن خيانة الناظر ترك لا تمثل فقط طعنة في جسد الوطن، بل تُعد خيانة مباشرة لأهل الشرق، الذين لطالما ناضلوا من أجل العدالة، والتمثيل الحقيقي، والتنمية المستحقة. لم تكن قضايا البجا مجرد مطالب، بل كانت دعوة لكرامة وطنية، جرى الالتفاف عليها بمنهجية خبيثة، تخدم مصالح قوى الردة والظلام في الداخل وفي الخارج أعداء السودان، الذين لا يرغبون في رؤية حكومة مدنية ديمقراطية فدرالية تحقق مشاركة عادلة لكل أقاليم السودان في السلطة والثروة والتنمية الشاملة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة