نُشر هذا المقال لأول مرة في يناير ٢٠٢٥، واليوم نعيد طرحه بصيغة محدثة في ظل إعلان ما يسمى بـ”حكومة وحدة وطنية” في بورتسودان — حكومة بلا ميثاق، ولا دستور، ولا شرعية شعبية.
سألته: إذاً لماذا تتثاقل بعض الخطوات عن هدف إقامة حكومة السلام والوحدة في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع؟
فأجابني: لأنها لن تكون حكومة للسلام، بل حكومة لمزيد من الحرب… ولن تجلب الوحدة، بل مزيدًا من تمزيق الممزق أصلًا. دعونا نعمل جميعًا على المبادئ والأهداف التي جمعتنا — وستجمعنا أكثر وأكثر. نسعى ونجتهد لإيقاف الحرب، ونستعيد المسار الديمقراطي، ونبني جيشًا واحدًا ….مشوار البناء طويل وشاق وصعب، وسيتعرض أصحابه لضغوط اجتماعية، وسياسية، وإثنية، ومناطقية، لإجبارهم على تغيير مواقفهم من أجل إرضاء نهم “القطيع” القائم على فقه الكثرة، ومن خالف الجماعة “فاقتلوه” سياسيًا واجتماعيًا، بل وحتى جسديًا لو استطاعوا. لكننا سنمضي… وكل يوم صمود هو خصم على مشروع القطيع. وسيتكشّف زيف الدعوات التي بُنيت على باطل. وسيتحرر أفراد القطيع، واحدًا تلو الآخر. وسيأتي السلام، لا من توازن الرعب، بل من توازن الوعي.
طوّلوا البال… ومدّوا حبال الصبر.
فقلت له: إلى متى؟ وماذا نحن فاعلون؟
نحن نعلم أن الفلول وراء البندقية، وأنهم خططوا لحملها طوال فترة التمكين التي قدّروها بستمائة عام! وحددوا طريقها بفتوى تبيح قتل نصف الشعب وتفريغ السودان ليكون للمسلمين لا للسودانيين، كما كتبت ابنة الترابي.
ماذا نحن فاعلون ونصف السكان بين نازح ولاجئ، والنصف الآخر يتهدده الجوع؟ ماذا نفعل والدول من حولنا تنظر إلينا كالفريسة؟ هل سلاحنا القروبات والتغريدات والمنشورات المنسقة؟ هل لا نزال ننتشي بالبيان المنمق، كما فعل المحجوب حين أجبر العرب على احترامنا ببلاغته فقط؟
عنترة كان فصيحًا، لكنه ظل عبدًا لناطقي الضاد.
نريد مشروعًا واضحًا، لا كلمات. نريد خطوات. لقد هرمنا، وقتلنا شبابنا وكنداكاتنا، وأقصيناهم من صناعة القرار. أخبرني أحد الكبار بعد نقاش مطوّل: بأن لجان المقاومة تفتقر للخبرة. لكنه لم يستطع أن يقول إنها تفتقر للدماء التي تنزف من جباههم وصدورهم العارية.
ماذا نحن فاعلون؟ هل ننتظر ٧٠ عامًا أخرى؟
لا. لقد بدأ الطريق. وهناك ميثاق. وهناك دستور. وهناك مشروع اسمه “تحالف التأسيس السوداني”. لا سبيل لحكم السودان إلا عبر هذا المسار المدني الجامع. لا سلطة لمن لا ميثاق له. ولا حكومة لمن لا دستور معها. ولا وحدة مع دعاة التمكين.
المعركة مستمرة. والنصر ليس شعارًا، بل صبر، وتنظيم، ووضوح في الروية!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة