الحرب بدأها مجرم الحرب البرهان بتنسيق تام مع كل عناصر الدولة العميقة، فيهم كيزان، وفيهم إنتهازيين سماسرة تجار حروب، وفيهم جهويين وعنصريين، وفيهم رجرجة ودهماء. كيف هيّأ البرهان مسرح الحرب؟ صعد من خطابه العدائي قبل بدء الحرب، متخليا عن لغة الشراكة لصالح لهجة التهديد والترويع. وقبل ذلك، بنى سوراً إسمنتياً حول القيادة العامة، في خطوة تُشير إلى إعداد مسبق لمسرح الحرب. زار القاهرة وإلتقى بعناصر بارزة من النظام القديم، ما عزز الشكوك حول تنسيق إقليمي لإجهاض الثورة. قاد إنقلاب 25 أكتوبر 2021 على الحكومة الانتقالية، ممهّداً لحقبة استبدادية جديدة تُقصي المدنيين وتعيد تدوير النخب السابقة. الهدف الحقيقي: وأد التحول الديمقراطي. هذه الحرب القذرة ليست سوى محاولة لإجهاض مكاسب الثورة، وحرمان السودانيين من حقهم في بناء دولة مدنية تحكمها الإرادة الشعبية: عرقلة دمج القوات العسكرية تحت قيادة مدنية مهنية. تصفية القوى المدنية الثورية عبر القمع والإقصاء. إعادة تموضع الدولة العميقة في مفاصل السلطة، بما يضمن استمرار النفوذ القبلي والتجاري والتنظيمي القديم. الدور الخفي للدولة العميقة ليست الحرب صنيعة طرفٍ واحد فحسب، بل نتاج شبكات مصالح متشابكة داخل السودان وخارجه: روابط قبلية وتنظيمية وتجارية لا ترى في الديمقراطية سوى تهديد لسلطتها. تحالفات إقليمية ودولية دعمت الحرب لضمان مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. جهات إعلامية ضخّت سرديات مضللة لتبرئة المتورطين الحقيقيين في إشعال الحرب. الحقيقة التي يجب تثبيتها السردية التي تُروّج بأن الحرب بدأت بسبب تحركات "مريبة" أو صراعات داخلية تخفي حقيقة أكبر: الحرب بدأها البرهان بتخطيط سياسي هدفه تقويض الثورة السودانية واستعادة النظام السابق تحت غطاء جديد. ولا يمكن الحديث عن سلام أو عدالة دون الإعتراف بهذه الحقيقة، وتوثيقها قانونياً وتاريخياً، لتكون حجر الأساس في مسار المحاسبة والبناء الديمقراطي. ماذا بعد؟ الطريق نحو السلام يبدأ من التسمية الواضحة للجريمة، ومن بناء خطاب وطني جامع لا يُساوي بين الجلاد والضحية، بل ينحاز بوضوح للثورة وقيمها: دعم المبادرات التي توثق الحقائق وتطالب بالمحاسبة، خاصة الخونة والعملاء الذين انقلبوا على إرادة الشعب السوداني منذ عام 1989م وحتى الآن. فضح التضليل بهدف إعادة بناء وعي الجماهير حول طبيعة الصراع، بعيداً عن السرديات الكاذبة والتسويات الزائفة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة