* ها هي مسرحية كامل إدريس تقترب من إسدال الستار، ليس بنهاية بطولية كما توهّم، وإنما بخروج باهتٍ ومخجل، يليق بدور الدمية التي ظنّت أنها كاتب السيناريو، فإذا بها تُقاد على الخشبة كأراجوز لا يملك حتى أن يعترض على كلمة !
* لقد ظنّ كامل أنه سيدخل قصر الحكم على ظهر المجد، متوَّجًا بلقب "دولة رئيس الوزراء"، وهي الكلمة السحرية التي أسكرته وأعمت بصيرته عن رؤية الفخ المنصوب له. فمنذ اللحظة الأولى، رأى الناس كيف أحاط به الكيزان والانقلابيون والمليشيات، وكيف خضع لهم صاغرًا، يقبل بأي إملاء، ويوقّع على أي ورقة، طالما أبقوه متشبثًا بالكلمة المحببة إلى قلبه: "رئيس الوزراء"... ولو كان رئيسًا بلا وزراء، بلا كرامة، بلا إرادة!
* وحين بدأت حكومة "التقسيط المريح" في الإعلان عن أعضائها، تكشفت الكارثة، بدءا من وزيري الدفاع والداخلية اللذين فرضهما الكباشي والبرهان لتحقيق مصالحهما الشخصية، مرورا بوزيري الزراعة والتعليم العالي اولاد الحركة الاسلامية والانتهازي مدعي الثورية وزير الصحة، وها هو محامي المخلوع البشير والسادن في حزب المؤتمر الوطني المنحل، واللاجئ السابق المدعو عبدالله درف، يصبح وزيرًا للعدل! أية عدالة تلك التي يُشرف عليها من ظل يرفل في نعيم المال الحرام طيلة العهد البائد ويدافع عن الانقلابات وجرائم الحرب والإبادة الجماعية في دارفور، ويمد لسانه ساخرا من العدالة ويتغنّى ببطولات السفاحين؟!
* ثم تتابعت المصائب، وجاء اسم محمد كرتكيلا، عضو مليشيا مالك عقار، ليبقى في منصبه وزيرًا للحكم الاتحادي والتنمية الريفية! وهو الذي أطلّ ذات يوم من الحديقة الدولية بالخرطوم بعد توقيع اتفاق جوبا مهددًا بحرق العاصمة وتبخير النيل؟! قالها شعرًا ركيكا مثله:
كسلا والمرخيات نكسِّرها ومياه النيل نغليها نبخِرها والخرطوم راس الحية ندمرها وفي غياهب الجب نحشرها
* لو نفث الرجل هذا السم قبل الاتفاقية لوجدنا له العذر انه لا يزال في حضن التمرد، ولكن ان ينفثه وسط الخرطوم داخل اكبر واشهر حدائقها بعد توقيع "اتفاق السلام المزعوم" مهددا بانه سيدمرالخرطوم، ويغلي مياه النيل ويحولها الى بخار ليقتل اهلها عطشاً، بدلا من ان يدعو للسلام والتصالح، فهو ما يجعل اى شخص بسيط يعلم ما يخبئه هذا الثعبان وامثاله للسودان وشعب السودان من كراهية وسوء نية وحقد، فهل يمكن لمثل هذا الحاقد ان يتولى شؤون وزارة تقود المصالحة والتنمية، أي عقلٍ مريض يمكن أن يصدق ذلك؟!
* ولكي تكتمل المهزلة، أعيد تعيين جبريل إبراهيم وزيرًا للمالية، بعد خمسة أعوام قضاها في الفساد و تدمير اقتصاد البلاد، وكأن الخراب الذي أحدثه لا يكفي! ولكنه الاختيار المنطقي، فجبريل من المنظومة الاجرامية الفاسدة، من العصابة التي تمسك بخيوط المسرح... أما كامل، فهو مجرد دمية تُقاد على الخشبة، ترقص حين يُصَفّر لها، وتصفّق عندما يُطلب منها، ولا تنطق إلا بما يُملى ي .. هذا هو كامل إدريس، وهذه هي حكومته المرتقبة !
* لقد توقعتُ لك قبل عشرين عامًا مستقبلًا سياسيًا وادرايا باهرًا، يا صديقي القديم .. رأيت فيك آنذاك مزيجًا نادرًا من الذكاء والطموح والقدرة، ولكنك سرعان ما خذلت التوقعات، عندما ظهر انك تلاعبت بالتواريخ والحقائق لتمر من فوق الأسوار الأخلاقية والقانونية وتحقق ما تريده بأي ثمن. ورغم ذلك دافعنا عنك، غفرنا لك، ظنًّنا أنها زلّة شباب أو نزوة طموح، لكنك أصررت على إعادة نفس السيناريو الكارثي مرةً تلو الأخرى بعد ان اقتربت سنواتُ خدمتك من النهاية لتحصل على امتيازات ليست من حقك، فوقعتَ في شر اعمالك وفي غياهب الصحافة الغربية التي لا ترحم، وأُرغمتَ على المغادرة مطأطأ الرأس!
* وها أنت تعود من بوابة الخضوع الكامل، تركع تحت اقدام الكيزان والانقلابيين والمليشيات، محاولا ان تخلع عليهم شرعية دولية لن يجدوها، "ففاقد الشئ لا يعطيه"، وتعطيهم الغطاء لمواصلة القتل والاجرام والفساد .. وذلك في سبيل لقب لا يسمن ولا يغني. لقد اخترت مصيرك بنفسك. انتهى الفيلم يا كامل!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة