لا وطن يُبنى على أنقاض كنيسة - نخب المسلمين وصمتهم تجاه هدم الكنائس في السودان كتبه خالد كودي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-12-2025, 04:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-11-2025, 08:13 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 104

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا وطن يُبنى على أنقاض كنيسة - نخب المسلمين وصمتهم تجاه هدم الكنائس في السودان كتبه خالد كودي

    08:13 PM July, 11 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر











    11/7/2025 ، بوسطن

    في ظل ما يشهده السودان من اضطرابات سياسية ومآسٍ إنسانية متراكمة، تظل قضايا الحريات الدينية في الظل، مهملة أو مغيبة، وكأن معاناة المواطنين من المسيحيين ليست سوى تفصيل ثانوي في مشهد أكبر. لكن الحقيقة أن ما يتعرض له المسيحيون في السودان اليوم من هدم لكنائسهم، ومضايقات في حياتهم اليومية، وتجريف لمنازلهم، هو امتداد مباشر لعقود من الاضطهاد والتمييز الممنهج الذي تمارسه النخب الإسلامية الحاكمة، والتي تنتمي إلى مركز ديني– ثقافي يرى في التنوع خطراً، وفي التعددية تهديداً.

    هدم الكنيسة الخمسينية في الحاج يوسف يوم 8 يوليو 2025 ليس حادثاً معزولاً. بل هو حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تطال المجتمعات المسيحية، خاصة تلك المنحدرة من جبال النوبة والنيل الأزرق، والتي تعيش في أطراف الخرطوم ومناطق الهامش الحضري الأخرى، حيث يعاني الناس من الفقر، الإقصاء، وهشاشة الأوضاع القانونية. هؤلاء، وبعد أن طُردوا من أرضهم بسبب الحرب أو الافقار والتهميش، يُجردون اليوم من دور عبادتهم تحت دعاوى "إزالة العشوائيات"، وكأن كنائسهم ليست أماكن مقدسة، بل "مخالفات عمرانية" في دولة تشرع لبناء مئات المساجد في الميادين العامة والأراضي والمؤسسات الحكومية، دون تخطيط أو مراعاة للبيئة، أو حتى القانون.

    ازدواجية معايير الدولة: المساجد عشوائية مسموح بها، والكنائس عشوائية يجب هدمها:
    من المفارقات المؤلمة أن الدولة السودانية، تحت حكم الإسلاميين، شرعنت منذ عقود بناء المساجد في المدارس، الجامعات، والمستشفيات، والمرافق العامة، وحتى في قلب الساحات دون ترخيص أو تخطيط. لم يحتج أحد. بل كان يتم التساهل والتواطؤ تحت غطاء "العاطفة الإسلامية"، و"الغيرة على الدين". أما حين يتعلق الأمر بكنيسة تخدم جماعة صغيرة من المهمشين، يُسلط عليها سيف "قانون الأراضي" أو "الوجوه الغريبة". أي وجه غريب؟ أليست هذه الوجوه من مواطني هذا البلد؟ أليسوا من بناته وأبنائه؟ أليست حقوق المواطنة شاملة لحق العبادة والسكن الكريم؟ أم أن الوطن لا يسع الجميع إلا بشروط العرق والدين؟

    الترميز التضليلي: تمثيل زائف للمسيحيين:
    حتى خلال حكومة الثورة، لم تسلم المجتمعات المسيحية من التمييز. بل إن بعض النخب قدمت "تمثيلاً رمزياً" للمسيحيين في الحكومة والمجالس الانتقالية، لا لأجل تمكينهم، بل كواجهة تجميلية أمام المجتمع الدولي. هذا الترميز التضليلي زاد الطين بلة، وأدى إلى استبعاد أي معالجة جذرية لقضايا المواطنة المتساوية وحرية الضمير. فتمثيل المسيحيين في الخطاب السياسي ظل زائفاً، مراوغاً، وغير معني بحماية حقوقهم أو حتى رفع أصواتهم.

    في الحاجة إلى العلمانية: ضمانة المساواة وحماية العقيدة من الدولة:
    إن ما نشهده من هدم للكنائس وتجريفٍ لأحياء المسيحيين لا يُمكن فصله عن غياب مبدأ العلمانية في الدولة السودانية، وهي العلمانية التي لا تعني معاداة الدين – كما يُروَّج في خطاب الإسلاميين والنخب المتواطئة – بل تعني ببساطة أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان، وأن تفصل بين سلطتها السياسية وبين العقائد الدينية الخاصة بالأفراد. فحين تتحوّل الدولة إلى راعية لدين بعينه، تُصبح جميع الأديان الأخرى في موقع التهديد والاختزال، وتفقد الدولة حيادها الأخلاقي، وتتحوّل أجهزة السلطة إلى أدوات اضطهاد طائفي، وهذا بالظبط مايجري في السودان.
    إن العلمانية ليست ترفاً فكرياً ولا استيراداً غربياً، بل ضرورة واقعية لمجتمعات تعددية مثل السودان، حيث تتنوع المعتقدات، وتتشابك الهويات الدينية مع الجغرافيا والإثنية والتاريخ. ودون حياد الدولة، لا يمكن بناء وطن يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات. بل إن فشل مشروع الدولة السودانية منذ الاستقلال كان – في جوهره – فشلاً في الاعتراف بالتعدد، وإصراراً على تأسيس دولة بدين رسمي واحد، يُنتج القهر، ويُبرر التمييز، ويحوّل المواطنين إلى درجات، وأديانهم إلى مراتب في سلم الولاء والشرعية.
    إن حماية دور العبادة المسيحية اليوم، ومقاومة التمييز الديني، لا يمكن أن يُنجز فقط من خلال الإدانة الأخلاقية، بل عبر مشروع سياسي واضح يعيد بناء الدولة على أسس علمانية ديمقراطية، تُكرّس الحريات الفردية، وتُجرّم التمييز على أساس الدين، وتمنع تسخير أجهزة الدولة لصالح أغلبية عقائدية، أياً كانت.

    الإسلاميون، التهميش، واستهداف المسيحيين من الهامش:
    السلطة التي مارست التهميش البنيوي على كل من لا ينتمي إلى مركزها النيلي–العربي الاسلامي، وجدت في المجتمعات المسيحية هدفاً سهلاً لتوسيع سلطتها العقائدية. ولم يقتصر الأمر على الإقصاء الاجتماعي أو السياسي، بل تمادى إلى تجريف دور العبادة وتهديد الوجود الرمزي والديني لتلك الجماعات. لقد تعاملت الدولة السودانية مع وجود المسيحيين، خاصة من الهامش، كتهديد يجب تحجيمه، لا كمكون أصيل من نسيج البلاد، وكالعادة صمتت المنظمات الحقوقية التي تراسها النخب.

    القوانين والمعاهدات الدولية: أين التزامات السودان؟
    وفقًا للمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن لكل فرد الحق في حرية الفكر والضمير والدين، ويشمل هذا الحرية في إقامة الشعائر وممارسة العبادة، بشكل فردي أو جماعي. والسودان، وإن كان في وضع سياسي مضطرب، إلا أنه لا يزال مطالبًا باحترام هذه الالتزامات. هدم الكنائس، والتضييق على المسيحيين، وإزالة مساكنهم، كلها انتهاكات موثقة لهذه المواثيق، وتشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني.

    من يحمي دور عبادة المسلمين في الغرب؟
    دعونا نقارن: في الدول ذات الأغلبية المسيحية مثل ألمانيا، كندا، أو الولايات المتحدة، تحظى المساجد بحماية القانون والدولة. تُمنح للمسلمين حرية العبادة، وتُبنى المساجد في قلب المدن، ويحميها البوليس عند حدوث أي تهديد. هل سمعنا أن مسيحيين في برلين هدموا مسجداً بدعوى "العشوائية"؟ أو أن محكمة كندية أصدرت قراراً بمنع الصلاة؟ على العكس، المسلمون يجدون أمانهم الديني في مجتمعات غير إسلامية أكثر من المسلمين أنفسهم في دول تحكمها النخب الإسلامية.

    أين أنتم اليوم، يا مسلمي السودان، من عدل عمر وسماحة الإسلام؟
    يروي التاريخ الإسلامي أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، حين دخل القدس فاتحاً، رفض أداء الصلاة داخل كنيسة القيامة، رغم إلحاح مضيفيه، حتى لا يُتخذ صلاته سابقة تُفضي إلى تحويل الكنيسة إلى مسجد مستقبلاً. لقد كان ذلك موقفاً مبدئياً نابعاً من احترام واضح لقدسية دور عبادة غير المسلمين، وحرصاً على ألا تُستخدم سلطة الدولة في الاعتداء على معتقدات الآخرين.
    فأين أنتم اليوم، يا مسلمي السودان، من تلك الأخلاق السياسية والدينية الرفيعة؟ أبهدم الكنائس، وتجريف مساكن الفقراء المهمشين، والتواطؤ بالصمت، يتمثل الإسلام اليوم في مؤسسات الدولة وسلوك نخبها؟ أم أن هذا الانحدار في القيم إنما يعكس خيانة مزدوجة: خيانة لما جاء به الدين، وخيانة لعهد المواطنة والعدل بين الناس؟

    صمت النخب السياسية والأهلية: خيانة للقيم وموت للضمير:
    من المخزي أن الأحزاب السياسية السودانية، والمنظمات المدنية، وناشطي حقوق الإنسان، يلتزمون الصمت المطبق أمام هذه الانتهاكات. لا بيان، لا وقفة احتجاج، لا كلمة تضامن. وكأن المسيحيين من الهامش لا وجود لهم في مفهوم الوطن. إن صمت النخب السودانية – خاصة المسلمة – هو تواطؤ أخلاقي، وجُبن سياسي، ودليل على أن هذه النخب لا تزال أسيرة المركز، ورهينة لمفاهيم الإسلام السياسي المهيمن.

    دعوة إلى التصعيد الدولي:
    لا يمكن الانتظار أكثر. يجب التصعيد الدولي الفوري، ومخاطبة المؤسسات التالية:
    - الأمم المتحدة، وخاصة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان
    - الاتحاد الأفريقي، بوصفه مسؤولًا عن احترام الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب
    - الاتحاد الأوروبي، والضغط من خلال ملف الحرية الدينية الدولية
    - المنظمات الحقوقية الدولية، كـ هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية
    لكل المهتمين افراد وكيانات صياغة تقارير حقوقية موثقة، باللغتين العربية والإنجليزية، توضح الانتهاكات، وتقدم شهادات الناجين، وصور المواقع المهدمة، وتُرفع رسمياً إلى هذه الجهات، مع حملة توقيعات وتضامن ونشر واسعة.
    ولتكن مطالبنا:
    ١/ الوقف الفوري لجميع حملات إزالة الكنائس والمساكن في مناطق المسيحيين.
    ٢/ إطلاق سراح المعتقلين المسيحيين، ما لم تثبت ضدهم تهم جنائية حقيقية أمام محاكم عادلة.
    ٣/ اعتراف رسمي بحق المسيحيين في حرية الدين والعبادة، وضمان التمثيل العادل والحقيقي لهم.
    ٤/ فتح تحقيق دولي محايد ومستقل في عمليات هدم الكنائس وتجريف مساكن المسيحيين.
    ٥/ التزام دستوري واضح بحرية الضمير والدين دون قيود، على قدم المساواة مع الإسلام، دستور علماني.
    ٦/ حملات توعوية داخل المجتمع المسلم السوداني للتصدي للكراهية الدينية والعنصرية.
    ٧/ بناء تحالف مدني واسع للدفاع عن الحريات الدينية والتصدي للممارسات التمييزية.
    إن هدم الكنائس ليس مجرد عدوان على الأبنية، بل عدوان على معنى الوطن نفسه، على الحق في أن يكون الإنسان إنسانًا كامل الحقوق، مهما اختلف دينه أو لغته أو أصله. وإن لم تنتبه نخب المسلمين في السودان لهذا الآن، فإنها تكون قد اختارت الانتماء إلى القهر بدل التحرر، وإلى الظلم بدل العدالة.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de