ساهمت القوة المشتركة إسهاماً كبيراً، إلى جانب القوات المسلحة، في معركة الكرامة، وقدّمت تضحياتٍ جسيمةً تفوق ما قدّمته في سنوات النضال السابقة. كان دافعها الرئيسيّ هو المسؤولية الوطنية، وهدفها ردّ كرامة الشعب السودانيّ، ووقف التآمر الدولي والإقليميّ والداخليّ على الوطن. لم تكن تضحيات القوة المشتركة مرتبطةً بالسلطة أو تقاسمها، بل نابعةً من ضميرها الوطنيّ وأخلاقياتها. وقدّمت القوة المشتركة دعمًا لوجستيًا كبيرًا عبر نشر قواتها وعتادها في مختلف جبهات القتال (نهر النيل، ولاية الجزيرة، النيل الأبيض، الشمالية، ولاية الخرطوم، وكردفان)، مما أسهم في تحرير تلك المناطق.
تُمثّل اتفاقية جوبا للسلام استحقاقًا دستوريًّا ملزمًا يجب تنفيذه. أيّ تقصيرٍ في تنفيذه يُمثّل انتكاسةً، ونقضًا للعهود والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية، بما فيها الأعراف المتعارف عليها. إنّ ما تمّ التفاوض عليه وتوزيعه من حقائب وزارية قبل بدء تنفيذ الاتفاق يُعتبر ملزمًا طالما استمرّت الفترة الانتقالية.
أكدت قيادات القوة المشتركة مراراً رفضها لتكرار تجربة الدعم السريع، وتأكيدها على بناء جيشٍ وطنيٍّ موحّدٍ تحت إمرة القوات المسلحة، وقد استلمت أرقامًا عسكريةً. ستتمّ عملية الترتيبات الأمنية بعد انتهاء الحرب، وهي عمليةٌ فنيةٌ طويلة الأمد تتطلّب دراسةً مُعمّقةً وخبراتٍ متخصّصة.
لا تزال هناك عقلياتٌ تتّعامل مع حركات الكفاح المسلّح بعقلية التمرد السابق، وتُروّج لتقاريرٍ كاذبةٍ لتشويه صورتها لدى القيادة السياسية والرأي العامّ. يُلاحظ أنّ الدولة، تاريخيًا، هي من تُنشئ المليشيات، ولديها مصانعها ومطابخها لذلك، ظنًّا منها أنّها تُقصّ أجنحة حركات الكفاح المسلّح. يجب على قيادة الدولة تغيير هذه المفاهيم التقليدية التي أضعفت الوطن، وأفرغت مفهوم الانتماء الوطنيّ من محتواه. لبناء دولة مدنيةٍ تُساوي فيها الجميع، يجب تكافؤ الفرص في الحكم، وتغيير العقلية التي ترى أنّ الحقّ مُنَحٌ يُعطى لمن تُريده.
* سيناريو الأول (الاستمرار على النهج الحالي): يُؤدّي إلى استمرار التوتر، وربما تفاقمه، مع احتمالية اندلاع صراعات جديدة. * سيناريو الثاني (التفاوض والحلول الوسط): يتطلّب هذا السيناريو حوارًا جادًّا بين الحكومة والقوة المشتركة، مع مراعاةٍ لتضحيات القوة المشتركة، وتنفيذ اتفاقية جوبا بشكلٍ كامل، وتحديد آلياتٍ واضحةٍ لدمج القوات في جيشٍ وطنيٍّ موحّد.
سيناريو الثالث (فرض الحلّ): قد يؤدّي هذا السيناريو إلى صدامٍ عسكريٍّ جديد، مع عواقبٍ وخيمةٍ على البلاد.
يتمثّل الحلّ الأمثل في السيناريو الثاني، أي التفاوض والحلول الوسط، مع التركيز على الآتي:
1.تنفيذ اتفاقية جوبا كاملاً: مع ضمان تمثيل عادل لحركات الكفاح المسلّح في السلطة. 2.بناء جيش وطنيّ موحّد: من خلال آلياتٍ مُحايدةٍ وشفّافةٍ لدمج القوات، مع الحفاظ على كرامة جميع المشاركين. 3.تغيير العقليات: من خلال حوارٍ وطنيٍّ شامل، يُسهم في بناء الثقة، وتغيير النظرة السلبية إلى حركات الكفاح المسلّح. 4.شراك المجتمع المدنيّ: في عملية بناء الدولة، والعمل على تحقيق العدالة والمساواة للجميع.
يُمثّل بناء جيش وطنيّ موحّدٍ، وتنفيذ اتفاقية جوبا، ركيزتين أساسيتين لبناء دولةٍ ديمقراطيةٍ مستقرةٍ في السودان. يُتطلّب ذلك حوارًا جادًّا، وتغييراً في العقليات، والعمل على بناء ثقةٍ مُتبادلةٍ بين جميع الأطراف.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة