صراع السدود وديناميكيات النفوذ المتغيرة في شرق إفريقيا يكتبها محمد هاشم محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-08-2025, 05:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2025, 02:21 AM

محمد هاشم محمد الحسن
<aمحمد هاشم محمد الحسن
تاريخ التسجيل: 05-09-2025
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صراع السدود وديناميكيات النفوذ المتغيرة في شرق إفريقيا يكتبها محمد هاشم محمد الحسن

    02:21 AM July, 06 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد هاشم محمد الحسن-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر





    في قلب التحولات المتسارعة التي يشهدها إقليم شرق إفريقيا، يبرز نهر النيل كمسرح لتفاعلات جيوسياسية معقدة، حيث تتداخل المشاريع التنموية مع حسابات النفوذ والأمن المائي. إثيوبيا، بعد أن رسّخت وجودها بسد النهضة، أعلنت عن خطط لإنشاء ثلاثة سدود جديدة  (مندايا، بيكوابو، وكاردوبي)  بسعة تخزينية تقارب 200 مليار متر مكعب. هذه الخطوة تُقرأ في سياق إعادة تشكيل موازين القوى في حوض النيل، وسط غياب توافق إقليمي شامل.

    تأتي هذه المشاريع في ظل لحظة إقليمية مضطربة، حيث تتقاطع الأزمات في السودان واليمن وغزة، مع انشغالات مصرية متعددة. هذا التوقيت يثير تساؤلات حول مدى قدرة دول المصب على صياغة رد جماعي، في مقابل تحركات إثيوبية أحادية تُخاطب المجتمع الدولي أكثر مما تُخاطب الجوار الإقليمي.

    ما يزيد المشهد تعقيدًا هو الحزام المالي والأمني الذي يحيط بمشروع سد النهضة، ويمنحه غطاءً سياسيًا واستراتيجيًا يتجاوز البعد التنموي. فالمشروع لم يكن محليًا خالصًا، بل استقطب استثمارات ضخمة من أطراف إقليمية ودولية، ما جعله جزءًا من شبكة مصالح عابرة للحدود. السعودية والإمارات ضختا أكثر من عشرة مليارات دولار، مقابل امتيازات اقتصادية واسعة. الصين وفرنسا دخلتا عبر شركات متخصصة، بينما قدمت الولايات المتحدة تمويلًا جزئيًا يُعد موافقة ضمنية. أما إسرائيل، فتولّت حماية السد عبر منظومة الدفاع الجوي (سبايدر-MR)، ما أضفى عليه بعدًا أمنيًا حساسًا.

    يبدو أن مشروع سد النهضة تجاوز كونه منشأة مائية إلى كونه أداة صريحة لإعادة تشكيل النفوذ في شرق إفريقيا. فالمنطق الذي يحكم سلوك أديس أبابا لا ينفصل عن الرغبة في فرض وقائع استراتيجية تُقيد حركة دول المصب وتُعيد ترتيب المعادلة الإقليمية. وما كان يُقدَّم على أنه مسعى تنموي أصبح يُوظف في لعبة ضغط متعددة المستويات من الاستثمار السياسي في لحظة الانشغال الإقليمي، إلى توظيف الدعم الدولي في إحكام السيطرة، وصولًا إلى استخدام المفاوضات كواجهة لتكريس الأمر الواقع.

    ومن يقرأ المشهد بعيون استراتيجية يدرك أن إثيوبيا لا تعمل بمعزل، بل تتحرك ضمن شبكة مصالح دولية تُحسن الاستثمار في الجغرافيا المائية كوسيلة للنفوذ لا فقط للتنمية. ويبدو أن مشروع السد لم يعد يُخاطب دول الجوار بقدر ما يُخاطب القوى الكبرى، باعتباره بوابة جيواستراتيجية لإعادة رسم تموضع اللاعبين الدوليين في شرق إفريقيا، من خلال استقطاب الاستثمارات، وتقديم الامتيازات، وترسيخ مظلة ردع أمني غير تقليدية. بهذا المعنى، يتحول السد إلى ما يشبه منصة لإعادة تعريف التحالفات الخارجية، أكثر من كونه بنية تحتية وطنية.

    إن الوظيفة السياسية للسد لا تنفصل عن الرغبة الإثيوبية في إعادة تعريف مفهوم السيادة الإقليمية عبر المياه، بوصفها موردًا استراتيجيًا لا يخضع للماضي الاستعماري أو للاتفاقيات القديمة. وهكذا، تتحول مشاريع السدود إلى أدوات لإعادة هندسة العلاقة بين دول الحوض، وتكريس منطق السيادة المائية كمدخل لتغيير المعادلات الإقليمية. وفي هذا السياق، تبرز وظيفة الردع غير التقليدي، إذ يغدو السد أداة ضغط صامتة توظّفها أديس أبابا لتقييد خيارات دول المصب، دون حاجة إلى أدوات عسكرية مباشرة. فالمشروع ينتج كهرباء، لكنه أيضًا يُنتج واقعًا سياسيًا جديدًا، تتداخل فيه البنية التحتية مع النفوذ الإقليمي، والسيادة مع معادلة الردع، في لحظة إفريقية لا تُشجّع على التفاهم بل على تثبيت المواقع.

    في المقابل، تتحرك دول المصب لحماية مصالحها، فمصر كثّفت من حضورها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، عبر تحالفات أمنية ودبلوماسية، وتعاون عسكري مع دول مثل الصومال وجيبوتي، في محاولة لضبط التوازن الإقليمي. لكنها تُواجه تحديات في تسويق خطابها المائي دوليًا، بينما يبقى السودان غائبًا سياسيًا رغم حضوره في حسابات الأطراف الأخرى، ما يجعل موقفه أقرب إلى الانفعال منه إلى الفعل.

    تُقدّم إثيوبيا مشاريعها كحق سيادي واستحقاق تنموي، مستندة إلى اتفاقية عنتيبي التي تُعدها بديلًا عن الاتفاقيات التاريخية. ورغم منطقية هذا الطرح داخليًا، إلا أن غياب آليات إقليمية ملزمة يُحوّل النزاع إلى أزمة ثقة، ويُضعف فرص التفاهم المستدام.

    في الحقل الإعلامي، تنجح أديس أبابا في بناء سردية تنموية فعالة تخاطب المجتمع الدولي بلغته ومصالحه، بينما يُعاني الخطاب المصري والسوداني من ضعف في التأطير الاستراتيجي وغياب أدوات التأثير لدى المنابر الغربية، حيث تغيب صياغة سردية تُربط بين الأمن المائي والتهديدات الإقليمية بشكل يُحفّز التدخل الدولي أو يغيّر زاوية التغطية الإعلامية خارج المنطقة.

    إن المشهد لا يتعلق بالسدود فقط، بل بخارطة نفوذ تُرسم بالماء والدبلوماسية والتمويل، وتُدار في غرف التخطيط وممرات التجارة. وبين طموحات التنمية، وهواجس السيادة، وتغيّر منطق الردع، تتبلور معركة لا تُخاض بصوت، لكنها تُعيد تشكيل الموازين بصمت. وما لم تُعاد صياغة المصالح المشتركة ضمن هندسة إقليمية جديدة، فإن النيل قد يتحول من نهر للتكامل إلى مسرح محتمل لصراعات مؤجلة، تُدار خارج الضجيج لكنها تُغيّر خرائط القوة بعمق يصعب تجاهله.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de