السلام في السودان... بين نداء العقل ومأساة الهوية كتبه عاطف عبد الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-02-2025, 02:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-01-2025, 01:04 PM

عاطِف عبدالله قسم السيد
<aعاطِف عبدالله قسم السيد
تاريخ التسجيل: 09-13-2022
مجموع المشاركات: 29

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السلام في السودان... بين نداء العقل ومأساة الهوية كتبه عاطف عبد الله

    01:04 PM July, 01 2025

    سودانيز اون لاين
    عاطِف عبدالله قسم السيد-UAE
    مكتبتى
    رابط مختصر




    رغم الدماء التي سالت، والخراب الذي أتى على البلاد من أطرافها، لا تزال هناك نافذة – ضيقة لكنها حقيقية – لإحلال السلام في السودان. قد تبدو المعادلة مستحيلة للوهلة الأولى: جيش ومليشيات متحالفة تقاتل دعماً سريعاً طامحاً، وقوى مدنية منقسمة على ذاتها، فيما الشعب محاصر بالنزوح والجوع والخذلان. غير أن الإنهاك الشامل لجميع الأطراف، والضغط الدولي المتصاعد، والانكشاف الأخلاقي والسياسي للجميع، تهيئ لحظة فارقة تستحق اغتنامها.

    في هذا السياق المظلم، تأتي رسالة الدكتور فرانسيس مادينق دينق، السفير ووزير الخارجية السابق، كنداء ضمير وصرخة إنسانية، تدعونا إلى التمعّن في جذور الأزمة، التي تتجاوز مجرد صراع على السلطة إلى أزمة أعمق تتعلق بتعريف الهوية الوطنية السودانية.

    الحرب ليست فقط مواجهة بين جنرالات، ولا خلافاً سياسياً عابراً، بل هي في جوهرها تفجّر مأساوي لأزمة الذات الجمعية. فالسودانيون، منذ الاستقلال، لم يحسموا سؤال "من نحن؟"، وظلت الهويات الجزئية – العرقية، الدينية، الثقافية – تتغذى على غياب مشروع وطني جامع. يقول فرانسيس: "لا أحد يكسب من هذا الدمار"، وهي جملة تختزل حقيقة الحرب التي تعيد تصنيف المواطنين على أسس تسمح بإقصائهم وقتلهم دون ندم.

    من هنا، فإن أي صيغة حقيقية للسلام يجب أن تتجاوز وقف إطلاق النار المؤقت إلى معالجة جذر الأزمة. وأي مقاربة لهذه الحرب بمعزل عن الحروب السابقة ستنتج فرضيات خاطئة تؤدي حتماً إلى نتائج أكثر خطأ، ويكون استبعاد أي فرصة للسلام ضرباً من العبث.

    بعيداً عن البروباغندا السياسية والتفكير العاطفي، هناك حقيقة صارخة: لا أحد من أطراف الحرب يملك القدرة على حسم المعركة ميدانياً. وكل من يعتقد غير ذلك عليه أن يراجع حساباته. فكلما طال أمد القتال، زادت تكلفته على الجميع، وازدادت خسارة البلاد. ولذلك، فإن السلام لم يعد خياراً ناعماً، بل ضرورة وجودية.

    الصيغة الممكنة: بين السياسة والأخلاق

    الصيغة الأكثر واقعية تبدأ بوقف إطلاق نار دائم، بضمانات دولية، يشمل انسحاباً من المدن وفتح الممرات الإنسانية، ويتبعه ترتيبات أمنية انتقالية تدمج القوى المسلحة تدريجياً داخل جيش قومي موحد. يجب أن تُدار هذه العملية برقابة أممية صارمة، وبجداول زمنية تمنع إعادة إنتاج المليشيات داخل الجيش نفسه.

    سياسياً، لا بد من تشكيل سلطة مدنية انتقالية مستقلة تُدار عبر حكومة كفاءات، تمنع مشاركة الأطراف المسلحة في الحكم خلال المرحلة الانتقالية. ويمكن لمجلس سيادي مدني-عسكري بصلاحيات رمزية أن يشكل حلاً وسطاً لتجاوز الحساسيات.

    أما مسألة العدالة والمحاسبة، فهي معقدة بحكم توازنات القوى، لكن يمكن التوافق على مرحلة عدالة انتقالية تبدأ بجمع الأدلة وتأجيل المحاكمات، دون التخلي عن مبدأ عدم الإفلات من العقاب.

    مواجهة أزمة الهوية: مفتاح الاستدامة

    يشدد فرانسيس دينق على أن السلام لا يمكن أن يُبنى دون اعتراف متبادل بين كافة المكونات، ودون إدارة رشيدة للتنوع العرقي والديني والثقافي. وهذا لا يتحقق بصفقات نخب مغلقة، بل من خلال حوار وطني شامل وصادق، يعيد تعريف المواطنة على أساس المساواة والكرامة، ويوازن العلاقة بين الدين والدولة بما يضمن التعدد ولا ينفي الخصوصية وتحقيق حلم وطن يسع الجميع.

    لعل أقوى ما في رسالة فرانسيس دينق ليس تحليله السياسي الدقيق فحسب، بل نبرته الإنسانية التي خاطبت السودانيين كأمهات وآباء وأبناء، لا كأطراف سياسية. فالحرب، في جوهرها، ليست مجرد خلل في موازين القوى، بل انهيار في إنسانيتنا الجماعية. أو كما قال دكتور فرانسيس: "لا أحد يكسب من هذا الدمار." ولا أحد سيخرج منتصراً من حرب ضد نفسه.

    الخاتمة: لا سلام بلا شجاعة إنسانية

    إن السودان لا يحتاج إلى هدنة هشة، نخرج منها لنقع في حرب أو حروب ألعن منها. بل هو بحاجة إلى مشروع وطني جديد يعيد تعريف الدولة، ويضع حداً لدورات العنف والانقسام. فالحرب الجارية، بكل مآسيها، قد تكون الفرصة الأخيرة كي نعيد النظر في أنفسنا، ونتصالح مع تنوعنا، ونبني دولة للمستقبل لا للماضي.

    السلام ليس مستحيلاً. لكنه يتطلب شجاعة سياسية وأخلاقية، تتجاوز الحسابات الصغيرة، وتعترف بأن الانتصار الحقيقي لا يكمن في كسب المعارك، بل في إنقاذ الإنسان السوداني من أن يتحوّل إلى عدو لنفسه.

    _______________________________________________
    عاطِف عبدالله قسم السيد Atif Abdalla Gassime El-Siyd























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de