في تصريح حديث ، أكد أحد مسؤولي حركة العدل والمساواة تمسكهم بعدد من الوزارات ضمن حكومة بورتسودان ، معتبرًا ذلك "استحقاقًا لمشروع إنهاء التهميش"، ومشدّدًا على أن اتفاق جوبا ليس مجرد تسوية سياسية عابرة ، بل لحظة تاريخية ينبغي احترامها .
لكن خلف هذا الخطاب المزيّن بالمفردات الثورية ، تقبع حقائق مريرة عن الفساد السياسي ، وصفقات تبادل النفوذ ، وانهيار القيم التي تأسست عليها قوى الهامش .
كيف يمكن لحركة تأسست على مناهضة المركز ، أن تتحالف مع مركز جديد يُمارس الإقصاء بأساليب أكثر دهاءً وفسادا؟ كيف تُبرر التمسك بوزارات خدمية وسيادية في وقت يعاني فيه الهامش من الجوع والنزوح ، ولا يرى أي تغيير في حياته أو معاشه ؟ ، إنها البراغماتية حين تتجرد من الأخلاق ، وتتحول إلى شكل من أشكال الانتهازية السياسية .
سلطة بورتسودان التي تبحث عن الشرعية وتتشدق بالمدنية وتعتقل النشطاء ، ومتطوعي التكايا وتنتهك الحريات ، وجدت في بعض الحركات المسلحة غطاءً وهميًا وشريكا دستوريا بموجب اتفاق جوبا لخدعة الشعب والمجتمع الدولي بالشرعية المزعومة . وفي المقابل ، تحصل الحركات على حصص وزارية وامتيازات مالية ، وحصانات مانعة من المحاسبة للعب هذا الدور . هذه المعادلة المقلوبة ما هي إلا إعادة تدوير للفساد ، بلونه الجديد .
اتفاق جوبا ، الذي كان يفترض أن يكون مدخلًا لإصلاح سياسي شامل ، تم اغتياله على يد من وقّعوا عليه ، حيث تم تفريغه من مضمونه ، وتحويله إلى سوق للمكاسب الوزارية وحصانات لحماية المفسدين بدلًا من أن يكون أداة لتحقيق العدالة والتنمية المتوازنة .
الشعوب في الهامش التي مزقتها الحروب وقتلها الجوع تدفع ثمن هذه الخيانات اليومية والمتاجرة بإسمهم والتي تم خداعها بشعارات العدالة ، حين ترى من ادعوا تمثيلها يتحولون إلى رجال دولة فاسدين ، يرتدون بذلات أنيقة ويجلسون في قصور السلطة . إن إنهاء التهميش لا يكون عبر وزارة أو اتفاق ، بل عبر تفكيك البنية السياسية التي تحتقر المواطن وتمجد السلاح .
إن ما يجري بين حركة العدل والمساواة وسلطة بورتسودان هو تحالف مصالح لقسمة المنهوب لا تحالف مبادئ . والمعركة الحقيقية اليوم ليست حول من يشغل الوزارات ، بل حول من يملك الجرأة على فضح هذا النظام الفاسد ، والانحياز بصدق إلى الهامش الجريح المغلوب على أمره .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة