عامان من الحرب في السودان- إخفاق نخبة ومجتمع في امتحان الثورة #

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-01-2025, 09:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-30-2025, 10:27 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11887

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عامان من الحرب في السودان- إخفاق نخبة ومجتمع في امتحان الثورة #

    10:27 PM June, 30 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    فشل النخبة السودانية الجديدة وغياب المسؤولية التاريخية

    في أبريل ٢٠٢٣، انفجرت حرب أهلية مدمرة في قلب السودان، بعد أقل من أربع سنوات على انتصار ثورة ديسمبر ٢٠١٨ التي أطاحت بنظام البشير.
    هذان العامان من الدمار والموت والتهجير ليسا مجرد صراع على السلطة، بل هما النتيجة المأساوية لإخفاق عميق: إخفاق نخبة سودانية جديدة في إدراك
    جوهر الفعل الثوري وتحمل مسؤوليتها التاريخية.
    لقد ورثت هذه النخبة – ممثلة في قوى الحرية والتغيير (FFC) بتياراتها المتنافسة، والقوى السياسية التقليدية العائدة، والقادة العسكريين المتحولين إلى سياسيين – لحظة
    تاريخية نادرة.
    ثورة شعبية عارقة طالبت بالحرية والسلام والعدالة، وبدلاً من أن تكون هذه النخبة قناة لتحويل طموحات الشارع إلى دولة مدنية ديمقراطية، سقطت في فخ الانقسامات
    الضيقة والصراعات الشخصية والانتهازية قصيرة المدى.

    افتقدت هذه "النخبة الجديدة" الشعور بالمسؤولية التاريخية بشكل صارخ. لقد تعاملت مع مرحلة ما بعد الثورة وكأنها غنيمة يجب اقتسامها، لا كمسؤولية مقدسة لبناء دولة
    جديدة على أنقاض ثلاثين عاماً من الديكتاتورية.
    غاب عنها التواضع الثوري والرؤية الاستراتيجية الموحدة.
    انشغلت بالمناورات السياسية، والاستقطاب الأيديولوجي، والتفاوض من مواقع قوة حزبية ضيقة، متناسية أن الثورة قامت ضد هذا النمط من السياسة.
    الأكثر خطورة كان سوء إدراكها للفعل الثوري ذاته: ظنت أن إزاحة رأس النظام كافٍ، دون تفكيك بنيته العميقة (الدولة العميقة، الاقتصاد الريعي، ثقافة الاستبداد)
    ودون بناء مؤسسات تحمي مكتسبات الثورة وتضمن انتقالاً ديمقراطياً حقيقياً.
    سمحت ببقاء وتقوية قوى الثورة المضادة، ممثلة في الجيش النظامي والمليشيات (خاصة قوات الدعم السريع)، كشركاء في السلطة، دون آليات فعالة لإخضاعهم للسلطة
    المدنية أو دمجهم في مؤسسة وطنية واحدة، مما مهد الطريق مباشرة للحرب التي نعيشها.
    السودان الحائر- بين الموروث القبلي والحاضر المسكون بالمليشيات

    تتفاعل هذه الإخفاقات السياسية مع واقع اجتماعي معقد يجعل السودان حائراً بين ماضٍ ثقيل وحاضر دموي.
    فمن ناحية، لا يزال الموروث القبلي والإثني يشكل هوية وانتماءً قوياً لكثير من السودانيين، خاصة في المناطق الطرفية المهمشة تاريخياً.
    هذا الموروث، الذي لم يتم التعامل معه بحكمة عبر سياسات اندماج وطني حقيقية وتوزيع عادل للثروة والسلطة، أصبح وقوداً سهلاً للصراع.
    استغلت النخبة السياسية والعسكرية هذه الهويات لتحشيد الأنصار، وتم تسليحها وتحويلها إلى خطوط تماسك أمامية في حرب النخبة على السلطة.
    فتح الباب على مصراعيه لعودة العصبيات الضيقة كبديل للهوية الوطنية الجامعة التي نادت بها الثورة.

    ومن ناحية أخرى، أفرز الواقع السياسي والاقتصادي المريض حاضراً مسكوناً بالمليشيات والصراع والتوتر.
    تحولت قوات الدعم السريع، التي نشأت كذراع شبه رسمي لقمع المعارضة في عهد البشير، إلى قوة عسكرية واقتصادية طاغية لها أجندتها الخاصة ومصالحها الاقتصاد
    ية الضخمة (خاصة في قطاع الذهب). كما ظهرت مليشيات أخرى إقليمية وعرقية متنافسة.
    لم تتمكن الدولة الضعيفة من احتكار العنف، بل أصبحت هي نفسها ساحة صراع بين مؤسستين عسكريتين أساسيتين: الجيش النظامي وقوات الدعم السريع.
    تحول السودان إلى فسيفساء من مناطق نفوذ مسلح، حيث حكم الميليشيا والصراع المسلح على حساب حكم القانون والمواطنة.

    السودان بين نموذج الدولة الرخوة والدولة الفاشلة
    في هذا السياق، يترنح السودان على حافة الهاوية، عاجزاً عن تجسيد نموذج الدولة القادرة، عالقاً في منطقة رمادية خطيرة بين الدولة الرخوة (Weak State)
    والدولة الفاشلة (Failed State).
    الدولة الرخوة: هي التي تفتقد السيطرة الفعلية على كامل أراضيها، وتعجز عن تقديم الخدمات الأساسية (صحة، تعليم، أمن) لمواطنيها بشكل متساوٍ وفعال، وتكون فيها
    مؤسسات الحكم ضعيفة وهشة، وتنتشر الفساد والاقتصاد غير الرسمي. هذا الوصف ينطبق تماماً على السودان قبل الحرب وبشكل كارثي خلالها.
    فقد عجزت الحكومة الانتقالية عن بسط سلطتها خارج الخرطوم، وفشلت في إصلاح الاقتصاد المنهار، واستمر الفساد كالسرطان.

    الدولة الفاشلة- هي التي تفقد احتكار العنف الشرعي تماماً، وتنهار مؤسساتها المركزية، وتغيب فيها سلطة القانون، وتنتشر الفوضى والحرب الأهلية.
    السودان اليوم يقترب بشكل مخيف من هذا النموذج. سيطرة المليشيات على مناطق شاسعة، انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية
    (ما يقارب 80% من المستشفيات خارج الخدمة)، أزمة إنسانية هي الأسوأ عالمياً (مجاعة تهدد الملايين، نزوح أكثر من 10 ملايين شخص)، وغياب أي سلطة مركزية
    فاعلة – كلها مؤشرات على سيرورة الفشل.

    الحرب الحالية ليست سوى التسارع النهائي في هذا المسار التدهوري، حيث تحول الصراع على السلطة بين برهان و دقلو (حميدتي) إلى آلة دمار تسحق الدولة
    ومؤسساتها المتبقية تحت أقدامها.

    خطوة للماضي أم استباق للمستقبل؟

    هل تمثل الحرب الحالية وحالة الانهيار مجرد خطوة قسرية إلى الماضي، إلى عصور الإمارات والممالك القبلية المتصارعة قبل قيام الدولة الحديثة؟ هناك عناصر تدعم
    هذا- عودة الخطاب القبلي والإثني بقوة كأساس للتعبئة والولاء، سيطرة قوى مسلحة (مليشيات) تشبه في سلوكها إمارات الحرب، انهيار مفهوم المواطنة لصالح الولاءات الأولية، وتفكك النسيج الاجتماعي.
    لكن الواقع أكثر تعقيداً.
    هذه ليست عودة ساذجة للماضي. إنها استباق مشوه ومأساوي لمستقبل لم يُبنَ.
    إنها نتيجة لانهيار نموذج الدولة الوطنية الحديثة في السودان (الذي كان هشاً ومشوهاً منذ البداية) دون أن يحل محله أي نموذج مستقر أو مقبول.
    القوى المتحاربة تستخدم أدوات حديثة (أسلحة متطورة، إعلام رقمي، تمويل عبر شبكات اقتصادية معولمة) وتدير صراعاً على موارد وامتيازات دولة حديثة
    (أو ما تبقى منها).
    هم لا يريدون تفكيك فكرة "الدولة" تماماً، بل يريدون السيطرة عليها وتحويلها إلى غنيمة.
    الحرب إذن هي محاولة استباقية من قبل هذه القوى لفرض رؤيتها لمستقبل السودان، حيث تسود قوتها العسكرية والاقتصادية وتُكرس هيمنتها تحت أي غطاء سياسي
    شكلي.
    نحو رؤية مستقبلية للخلاص السياسي من الواقع المأزوم
    الخلاص من هذا المستنقع الدامي يتطلب أكثر من مجرد وقف إطلاق نار هش أو توقيع اتفاق سياسي بين النخب المتصارعة على السلطة.
    إنه يتطلب ثورة في الفكر السياسي والنهج:
    إعادة بناء مفهوم المسؤولية التاريخية: يجب أن تدرك أي قوى سياسية أو مدنية طامحة في قيادة المستقبل أن مهمتها الأولى هي إنقاذ السودان من الهاوية
    وليس تحقيق مكاسب حزبية أو شخصية. هذا يتطلب تضحيات وتواضعاً ورؤية وطنية تتجاوز الأنا الضيقة.

    إعادة تعريف الفعل الثوري- الخلاص لن يأتي عبر انقلاب عسكري أو اتفاق بين جنرالات.
    يجب أن يعود التركيز إلى القوى الثورية الحقيقية: لجان المقاومة، النقابات، المنظمات المجتمعية، النساء والشباب الذين صنعوا الثورة. بناء دولة مدنية ديمقراطية يتطلب تفكيك بنية اقتصاد الحرب والفساد، ونزع سلاح المليشيات
    ودمجها في جيش وطني مهني واحد تحت قيادة مدنية، وإرساء سيادة القانون.

    معالجة جذرية لأسباب الصراع - لا يمكن تجاوز الحرب دون معالجة حقيقية لقضايا الهُوية والمواطنة المتساوية، والعدالة الانتقالية، وتوزيع السلطة والثروة بشكل عادل بين المركز والأطراف، وفقاً لأسس لا مركزية حقيقية
    أو فدرالية عادلة.

    دور إقليمي ودولي مسؤول- يجب على المجتمع الدولي والجهات الإقليمية الفاعلة التوقف عن دعم أطراف الصراع لتحقيق مكاسب جيوسياسية، والتركيز بدلاً من ذلك على دعم عملية سياسية شاملة يقودها السودانيون
    والضغط لوقف تدفق الأسلحة، وتقديم المساعدة الإنسانية دون عوائق.

    البدء من القاعدة - أي عملية سلام أو بناء دولة يجب أن تنطلق من المجتمعات المحلية، تعزيز المصالحات المجتمعية المحلية، وإشراك النساء والشباب بشكل حقيقي في كل مراحل الحل السياسي وإعادة البناء.

    عامان من الحرب كشفا الهوة السحيقة بين أحلام ثورة ديسمبر ومآل إدارتها الخائنة لتلك الأحلام. الخلاص السياسي يتطلب الاعتراف بهذا الإخفاق التاريخي للنخبة
    والمجتمع في فهم وحماية الثورة، والشجاعة لتبني نهج جذري جديد يضع مصلحة السودان وشعبه فوق كل اعتبار. الطريق طويل وشاق، لكن البديل هو استمرار السقوط في هاوية قد لا يكون منها عودة.
    مستقبل السودان يتوقف على القدرة الجماعية على استخلاص الدروس المرة من هذين العامين، وبناء رؤية سياسية جديدة تقوم على أسس المسؤولية والعدالة والمواطنة الحقيقية.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de