حين يرتفع السلاح وتغيب الدولة كتبه محمد هاشم محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-01-2025, 10:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-29-2025, 03:38 AM

محمد هاشم محمد الحسن
<aمحمد هاشم محمد الحسن
تاريخ التسجيل: 05-09-2025
مجموع المشاركات: 34

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حين يرتفع السلاح وتغيب الدولة كتبه محمد هاشم محمد الحسن

    03:38 AM June, 28 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد هاشم محمد الحسن-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر




    ليس في الخرطوم ولا عبر صناديق الانتخابات، بل في معسكر على أطراف أسمرا، تُصاغ مسودة جديدة لمعنى (السيادة) في السودان. في بلد تم اختطاف مركزه وتفجير هوامشه، لم يعد من المستغرب أن تبزغ المشاريع السياسية من سبطانة بندقية، وأن يُقاس وزن الرجال بعدد من ينتظرون أمر التجنيد لا بأثر ما يكتبونه في دفتر الوطن.

    المشهد الذي يرسمه محمد سيد أحمد سرالختم الشهير بـ(الجاكومي) وهو يسعى لتدريب 50 ألف شاب من أبناء الشمال في إريتريا، لا يبدو كمبادرة أمنية لحماية الإقليم كما يُروج لها، بل أشبه بمحاولة يائسة لرش رذاذ الهيبة على جسد سياسي فقد بريقه وسط زحام البنادق المتكاثرة في سوق السياسة السودانية. الرجل الذي لطالما تلوّن بين صفوف المعارضة والمصالحة والمواثيق، يبدو أنه قد أدرك أخيراً أن الكلمة في بلادنا لا تُسمع إلا إن خرجت من فوهة بندقية.

    حين قيل للجكومي (الماعندو جيش ماعندو كلمة) وكان ذلك خلال معركة سياسية حول وزارتي المعادن والمالية، لم يرد بخطاب عقلاني أو بمشروع وطني جامع، بل اختار طريقًا آخر تمامًا، مسيرة إلى أسمرا، حيث تُغزل الأحلام السياسية على ماكينات التدريب العسكري المتقدم. ويبدو أن أفورقي، الذي لا يُعرف عنه شغف ببناء المجتمعات المدنية، كان مستعدًا ليضع أرضه وسلاحه رهن إشارة مشروع جديد من مشاريع السودنة المسلحة.

    بعيداً عن الزخرفة الخطابية، فإن هذا التحرك يكشف عن احتقار عميق لفكرة الدولة نفسها. كيف يمكن لكيان موقّع على اتفاق سلام، أن يُجهز لتدريب جيش خارج مؤسسات الدولة ثم يتحدث في ذات الوقت عن حماية الإقليم؟ لا أحد يعلم من الذي يهدد الشمالية فعلياً، لكن يبدو أن التهديد الأكبر في نظر الجاكومي ليس قادمًا من الخارج، بل من داخل أروقة السلطة التي لا تُعير اعتباراً لمن لا يحمل (ثقلاً ميدانياً). ولأنّ المفارقة لا تكتمل إلا بالتمادي، يُوصف هذا التدريب بعبارات مثل (تعزيز التوازن والاعتدال)، وكأن تجهيز 50 ألف شاب لمعسكرات عسكرية خارج الحدود هو مظهر من مظاهر الرشد السياسي، أو هكذا يُراد لنا أن نصدّق. فإذا كانت البنادق قد أصبحت معياراً للحكمة، فربما علينا مراجعة تعريف الفوضى. وهكذا، لا نكون أمام مشروع جديد، بل أمام استنساخ مشوَّه لماضٍ مأزوم، فـما يُسمى بـ(التدريب) هنا لا يعبّر عن اجتهاد مألوف، بل هو إعادة إنتاج صريحة لدوامة السودان الأزلية، إعداد مقاتلين بلا مشروع، وخلق جبهات بلا حدود، وصناعة أزمات باسم الوقاية منها.

    فإذا صحّ هذا المسار، فإن الجكومي قد اعتبر نفسه مكتشفًا لاختصار عبقري للمسار السياسي، وهو أن لا حاجة لمؤسسات، ولا برامج، يكفيك أن تلوّح بقائمة انتظار للتجنيد، وستُحسب كأنك تملك وزنًا ميدانياً. فلا تدريب بدأ، ولا الأعداد اكتملت، لكن هذا لم يمنع الرجل من التصرّف كقائد عام لجبهة لم تولد بعد. إنه الاستثمار السياسي في الوهم، حيث تُباع النوايا كما تُباع المناصب بمنطق السوق، لا منطق الدولة.

    وعلى مستوى التحولات الرمزية، ثمة تحوّل لا يقل خطورة فالشمال، الذي كان يُصوَّر لعقود كمركز الدولة ونواة البيروقراطية، ينقلب اليوم إلى نموذج جديد للهامش المسلح. من كان جزءاً من الدولة بالأمس، بات يحاكي أدوات من تمرّدوا عليها. لم تعد الجغرافيا هي التي تصنع المركز، بل منطق القوّة وحده، ما يُعيد تركيب المشهد السياسي على أسس مليشياوية لا وطنية.

    لكن وسط كل هذا الضجيج العسكري والسياسي، يظل العنصر الأكثر غيابًا عن هذا الخطاب هو الشباب، من هم هؤلاء الـ50 ألفاً المفترضين؟ هل هم عاطلون تم انتشالهم من ضياع اقتصادي؟ أم طلاب حُرموا من فرصة التعليم؟ أم ضحايا للخطاب السياسي الذي يعدهم بمجد قادم من فوهة البندقية؟ بدل أن يكونوا شركاء في بناء المستقبل، يُعاد تدويرهم كوقود لمعركة ليست معركتهم، تحت لافتة فضفاضة اسمها الحماية. وهنا يُطرح السؤال حماية ممّن؟ ولصالح من؟

    أما أخطر ما في هذه الفوضى، فهو أن كل ذلك يحدث خارج أي رقابة مؤسسية أو قانونية. لا مجلس سيادة يعترض، ولا وزارة دفاع تبدي رأيًا، ولا قنوات تشريعية تنظر في المسألة، ولا وسيلة إعلامية تطرح أسئلة جادة حول هذا المسار، بل إن بعض المنصات انشغلت باتهام حركة صمود بالعمالة للسفارات، في حين تجاهلت كليًا عسكرة خطاب الجكومي وتنقلاته خارج سلطة الدولة.

    تُدار البلاد بتفاهمات جانبية، لا دستور ولا مؤسسات. الشرعية باتت مجرد ملحق تفاوضي، يُحدَّد موقعها الجغرافي قبل تعريفها القانوني، وكأن الوطن صار قابلًا للتصميم بحسب توفر الدعم العسكري ورضا الجوار.

    ولا يخلو الخطاب المستخدم من لغة خشبية مطاطة تُقدَّم بوجه وطني بينما تُخفي أنياباً جهوية. عبارات مثل (التوازن)، (العدالة الجهوية)، أو (مواجهة المهددات) تبدو كأنها منجزات فكرية، لكنها في الحقيقة مجرد أقنعة لفظية لشرعنة الاستقواء والسعي لحجز مقعد ضمن نظام سياسي فقد القدرة على الفرز بين المشروع والتهديد أي لم يعد يميّز بين من يملك رؤية وطنية متكاملة، ومن يرفع السلاح فقط ليبتز السلطة من خارجها، فكلاهما يُوزن بالرصاص لا بالمضمون.

    وبينما كان الوطن يحلم بجيوش موحدة ومؤسسات مدنية قوية بعد ثورة دفع فيها السودانيون أرواحهم، نكتشف أن الاتفاقيات تُستخدم كأوراق هوية في مطارات الجوار فقط، أما الفعل الحقيقي فيُنجز في معسكرات التدريب والكوادر المسلحة. الشمال، الذي طالما وُصف بالتوازن والاعتدال، يُسحب الآن نحو منطق المليشيا، تحت راية الحماية الذاتية، تماماً كما سُحبت دارفور وجبال النوبة من قبلهما.

    فالأسوأ من كل ذلك، أن هذه الخطوات لا تُنتج سلطة حقيقية، بل وهمًا ثقيلًا بها. فالسلاح لا يمنح شرعية، بل يؤجّل سقوطها. من لا يأتي إلى مائدة النقاش، بل إلى ساحة الحسم، لا يملك ما يُصلح به ما يهدم ولهذا يخسر النقاش منذ الطلقة الأولى.

    وهذا ما يعيد إنتاج المأساة بصيغة أكثر خبثًا، ففي زمن يُفترض أن تتسابق فيه الأقاليم لتأكيد مدنيتها، يصرّ البعض على استحضار أشباح الحروب الجهوية، وكأن السودان لم يتعلم من مآسيه شيئاً. كلما خرجنا من حفرة، صنع لنا أحدهم أخرى وأهدانا حبلاً من خطاب الانتصار الزائف لنهوي فيه بإرادتنا.

    هذا ليس مساراً لحماية الشمال، بل لمزيد من تفخيخه. وهو ليس مشروعاً سياسياً، بل إعلان إفلاس سياسي بصيغة عسكرية. السودان لا يحتاج لمزيد من الجيوش الصغيرة بقدر ما يحتاج لمشروع كبير، لا يُبنى بالطلقات بل بالأفكار. لكن من قال إن كل من وقع على اتفاق سلام يفهم معنى السلام؟

    فالوطن لا يُبنى بحسابات السلاح، بل بمعادلات الضمير، ومن يبحث عن شرعيته في فوهة البندقية، سيتوه حين تُسكت البنادق وتُطلب الكلمة.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de