لمن عرفوا السياسة ؛ فإن خلق أو إنشاء نظام حكم ناجح هي إحدى أهم معضلات الحقل السياسي ، و ما زالت العديد من الدول تعاني في هذا المجال ، فالسودان و اليمن و أفغانستان لم تنجح بعد في تلك الجزئية في الحقل السياسي ، و كانت الدول الغربية تتوقع فشل الحزب الشيوعي الصيني في تجربة الحكم ، و لكن حدث العكس تماما ، إذ صارت الصين اليوم رمز النجاح في الكثير من مجالات الحياة ؛ ذلك لأن تجربتها في الحكم لم تكن جامدة ، فهي تتخلص من عيوبها في كل مرة ، و تأخذ من الدول الغربية الثمار التي تناسب حضارتها .. و نجحت تجربة العقيد معمر القذافي في ليبيا في الشق الإقتصادي نجاحاً ملفتاً ، و عاش المواطن الليبي إزدهارا لم يعهده من قبل ، و قد كان زوال نظامه شاهدا على أهمية حفاظ البشر على الأنظمة المستقرة إلي حين مجيء التغيير بسلاسة و بطريقة تلقائية ، فدخلت ليبيا في دوامة الفوضى غير الخلاقة . . و لا ننسى نجاح نظام كوريا الشمالية في الحكم في الجانب العسكري ، فهي قد أولت هذا الجانب جل إهتمامها منذ أن تحالفت كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، و ربما أعاق تقدمها في بقية الجوانب الحصار المفروض عليها و محدودية الموارد .. في قطعة نثر في كتاب المطالعة بعنوان ( طريق النجاح) يقول الكاتب و لعله أحمد حسن الزيات إذا لم تخن الذاكرة في تعريف النجاح : ( النجاح هو النتيجة الحتمية لسداد الرأي ، و سعة الإدراك ، و نفاذ البصيرة) .. و نظام الحكم في إيران ، و إن إختلف معه في الرأي شق من شعبه في الداخل والخارج ، و إن تسبب في بعض الأضرار للبعض من جيرانه بسبب سياسته الخارجية غير الرشيد في بعض الأحيان ، إلاّ أن الخطوة التي أقدم عليها دولة إسرائيل بمهاجمة دولة ذات سيادة نهاراً جهاراً ، ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط ، هذه الخطوة الجريئة و الصريحة في العداء ينبغي أن تقابل من دول العالم الحر ، التي تحترم مواثيق و عهود القانون الدولي ، بوقفة صلبة مع دولة إيران حماية لهذه المواثيق أن تحترم و تبجل ، لا أن يخرقها في كل مرة كل طاغية و متجبر و يقابل فعله بالصمت المريب .. لا نريد أن يسود قانون الغابة و نحن في القرن الحادي والعشرين .. و لن يغلب نتنياهو و ترامب بقية أحرار العالم إذا أجمعوا على حماية القيم و النظم التي هي طوق النجاة لسياسة حكم البشر .. أن العدوان الإسرائيلي على إيران هي عدوان على القيم التي تحمي قدسية الدول ، لقد أبلى النظام الإيراني حتى الآن بلاء حسنا ، و أستطاعت أفهام دولة إسرائيل معنى الحرب ، فطوال السنوات الماضية نسيت إسرائيل في خضم إنتصاراتها المتتالية معنى و حقيقة الحرب .. للإيرانيين المختلفين مع النظام ، ينبغي أن يكون إنجازات نظامكم في المجال العسكري مقدمة مهر رضاكم ، فقد كسب نظامكم الاحترام والتقدير حتى من الأحرار من الإسرائيليين قبل غيرهم من بقية أحرار العالم ، لأنهم لم يتوقعوا منهم هذا الصمود و هذه الصلابة بتاتاً ، ففي الحرب قيم تلزم الأحرار المتحاربين على وجوب إحترام شجاعة و بسالة كل طرف إذا تفوق أو فاز بجولة .. و بجهود الإيرانيين ، يمكن تطوير نظام حكمهم هذا ليصل إلى ما وصل إليه نظام الحكم في دولة الصين الشعبية ، فإيران ترقد فوق أريكة مريحة من الموارد ، و تأريخ حضاري لا يقل من تأريخ الصين و إسرائيل أحفاد داود و سليمان ، و لكن كل شيء إلا الطغيان في الأرض ، فلا ينبغي أن يسكت الأحرار للطغاة ، و إلا إندثرت قيم الخير تحت أقدامهم ، و لكن هيهات أن يحدث ذلك و على البسيطة أحرار و أبطال .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة