(١) يحاجج بعض المثقفين بأن دعم المثقفين للجيش المختطف ، كان من الممكن أن يعيد هذا الجيش للصف الوطني وفك ارتباطه بالحركة الإسلامية المجرمة. ويتناسون في خضم الرغبة في تسويق مثل هذا الوهم، أن محاولة استعادة الجيش المختطف للصف الوطني فشلت والحركة الجماهيرية في عنفوانها وقمة تقدمها لحظة الصعود الجماهيري خلال ثورة ديسمبر المجيدة التي استمرت لسنوات وقدمت عدد ضخم من الشهداء. فحين كانت حركة الجماهير متسيدة للشوارع بعد أن هزمت الحركة الإسلامية المجر مة التي انكشفت أمامها سياسيا وأمنيا، انحاز الجيش المختطف لتلك الحركة وقام بإنقلاب القصر، ثم ارتكبت قيادته غير الشرعية مع الجنجويد مجزرة فض القيادة ، وفرض شراكة الدم على التسوويين ، وخرب الفترة الانتقالية ومنع الانتقال ، ثم أجهز على التغيير بإنقلاب أكتوبر ٢٠٢١ الذي فشل فشلا زريعا ليجبره على الموافقة على الاتفاق الإطاري ، ليصل إلى اشعال الحرب الراهنة بعد سقوط تمكين الاتفاق الإطاري بسبب خروج المليشيا المجرمة عن طاعة الحركة الإسلامية المجرمة التي صنعتها واختطفت الجيش. فكيف سيتسنى للحركة الجماهيرية استعادة الجيش المختطف للصف الوطني بدعمه خلال حرب صنعتها الحركة الإسلامية المجرمة المختطفة له ، وفي ظل انحسار حركة الجماهير وتفتتها ؟ وكيف يمكن لجيش مختطف اشعل حربا من أجل السيطرة وحماية تمكين الحركة الإسلامية المجرمة، أن يعود إلى حضن حركة الجماهير في حال دعمه من قبلها. (٢) وفي الحقيقة هذا التناسي المتعمد الذي لا يتم عن جهل لأنهم يعلمون تماما ان هذا الجيش مختطف، يكذبه الواقع يوميا ويؤكد أن هذا الجيش مختطف بواسطة قيادته غير الشرعية. فالتقدم المحدود الذي حققه الجيش في هجومه الواسع بالعاصمة مؤخرا ، أعقبته جريمة حرب يندى لها الجبين ، حيث قام أشخاص يلبسون ملابسه (هم على الارجح منسوبي مليشيا الحركة الإسلامية المجرمة المختطفة للجيش)، بإعدام مجموعة من الشباب العاملين بالتكايا التي تقدم الطعام بمنطقة حلفاية الملوك بدم بارد. جريمة قتل خارج نطاق القانون بزعم أن هؤلاء الشباب كانوا يقدمون الطعام لجنود مليشيا الجنجويد المجرمة. وحتى ان صح الاتهام بل وصح أن هؤلاء الشباب متعاونين مع تلك المليشيا المجرمة، فالجيش المختطف ليس جهة اختصاص لمحاكمتهم وتنفيذ الأحكام. إذ من حقهم دستوريا وقانونيا ان يقدموا للمحاكمة امام قاضيهم الطبيعي وأن يدافعوا عن أنفسهم، وأن تنفذ الحكم في مواجهتهم جهة الاختصاص بالتنفيذ قانونا في حال إدانتهم ، ولا علاقة للجيش المختطف بهذا الأمر من قريب أو بعيد. فوق ذلك وبالإضافة إليه، مجرد التقدم المحدود الذي حققه الجيش المختطف، الذي سوقته غرف إعلام الحركة الإسلامية المجرمة على أنه تحرير الخرطوم، أعقبه الوعيد بالويل والثبور والوعد بالتصفية، لكل خصوم تلك الحركة وكل القوى الوطنية المعارضة للحرب ، في تأكيد وقح أن هذا الجيش المختطف يقاتل من أجل إعادة تمكين الحركة الإسلامية المجرمة وتصفية ثورة ديسمبر المجيدة وكسر حركة الجماهير. (٣) يتناسى هؤلاء المثقفون حسني النية- والطريق إلى جهنم معبد بحسن النوايا- أن أحد ثلاثي القيادة غير الشرعية للجيش المختطف، قد صرح لجنوده قبل أيام بأن سلطة البلاد السيادية ستبقى دوما في يد الجيش المختطف (أي في يد الحركة الإسلامية المجرمة) ، حتى في حال عودة النظام الديمقراطي. وكذلك يغضون النظر عن حقيقة أن الجيش المختطف مستمر في قصف المدنيين وآخر جرائمه قصف بص المدنيين قرب جبل أولياء ، وأنه رافض لوقف الحرب والذهاب للمفاوضات برغم الهزائم المزمنة التي يتعرض لها والانسحاب المتكرر من أرض المعركة، وأنه تخلى عن واجب الدفاع عن المواطنين وتركهم تحت رحمة المليشيا المجرمة ، ليعود إلى محاسبتهم وقتلهم بتهمة التعاون معها وهم مغلوبون على أمرهم ومكشوفون امامها وعرضة للإعدام من قبلها ان رفضوا تنفيذ أوامرها. وإجرام الطرفين في حق المواطن المغلوب على أمره، يذكر بحقيقة أساسية هي أن هذه الحرب اشتعلت نتيجة لانقسام اللجنة الامنية للإنقاذ ، وأن طرفيها قاما بمعاداة الثورة والعمل على تصفيتها معا حتى القيام بإنقلاب اكتوبر ٢٠٢١م، وأنهما معا ضد إرادة الشعب السوداني ورغبته في الانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية يستعيد بها سلطته المسلوبة. (٤) ويقيننا هو أن المثقفين الذين يزعمون إمكانية استعادة الجيش إلى جانب الجماهير عبر دعمه في الحرب والتحول إلى بلابسة، يعلمون تمام العلم كل ما تقدم وأن زعمهم هذا مجرد وهم لا علاقة له بالواقع العياني الذي يشاهد بالعين المجردة. لكنهم يرددونه لتبرير دعمهم للحركة الإسلامية المجرمة المختطفة للجيش عبر دعمهم للجيش المختطف. وهذا الدعم هو مجرد تأكيد لاحساسهم بالعجز المطلق أمام مليشيا الجنجويد المجرمة ، وتوهمهم أن الجيش المختطف هو الوسيلة الوحيدة لهزيمتها . والتجربة اثبتت أن هذا الجيش عاجز عن القيام بهذه المهمة لأن اختطافه تم عبر تجريفه وفصل ضباطه الوطنيين الأكفاء ، ولأنه يعاني من خلل هيكلي نتيجة لتسييسه واختطافه من قبل الحركة الإسلامية المجرمة. ودعم الجيش المختطف يأتي في إطار أخف الضررين بزعم دعنا ننتهي من المليشيا المجرمة ثم نعود لهيكلة الجيش واستعادته، وهذا بالطبع تفكير ميكانيكي يتجاهل ان نتيجة انتصار الجيش المختطف يعني اعادة صياغة الخارطة السياسية بتمكين الحركة الإسلامية المجرمة التي تتوعد الجميع بالتصفية قبل ان تنتصر فما بالك بالوضع في حال انتصارها!! وهو ايضا دعم يأتي في إطار أن عدو عدوي صديقي، وهذا هو الخطأ الأكبر لأنه يقود لدعم عدو أسوأ للانتصار على عدو من صنعه وقابل إلى ان يصل لتسوية مع العدو المستهدف في اي لحظة تحت شعار "إن جنحوا للسلم". فمثل هذا التفكير الناتج عن العجز امام المليشيا المجرمة والخوف منها ، يقود إلى إتخاذ هذه المواقف التكتيكية ، بمعزل عن الهدف الاستراتيجي ، ويقود حتما إلى إعلاء التكتيكي على الاستراتيجي، بالسعي إلى هزيمة المليشيا المجرمة بإجراء يقود إلى تمكين الحركة الإسلامية المجرمة وهزيمة مشروع الجماهير الرامي لاستعادة السلطة للشعب. وفوق أن هذا التكتيك فاشل بوضوح في الواقع المعاش، فهو لا يزيد على كونه وقوع في مستنقع الانتهازية. فإستعادة الجيش المختطف بإسقاط سلطة الأمر الواقع واعادة هيكلته، شرط لهزيمة المليشيا المجرمة وتسليم السلطة للجماهير. والطريق هو طريق الجماهير القادرة على ايقاف الحرب بالصورة التي فصلناها في مقال سابق، وفرض الانتقال عبر هزيمة طرفي لجنة الإنقاذ الامنية المتحاربين. وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله !! ٤/١٠/٢٠٢٤
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة