المتتبع لحركة التاريخ في اتون الكتب تستوقفه تلك السلاسل الطويلة الممتدة من الحروب التي كان ضحيتها الانسان حيث يعتمل في النفس الانسانية سؤال بديهي لماذا يصعب على البشر أن يعيشوا في سلام؟ خاصة ونحن في خضم هذ الحرب والناس مشدوه في أجواء الحرب، ففي مثل هذه الأجواء عادةً ما تظهر العديد من الأسئلة، ليست فقط الأسئلة المتعلقة بهذه الحرب بعينها، القائمة الان بين الجيش ومليشيا الدعم السريع او الحرب التي تدور بين إسرائيل ل وحماس او تلك الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أو تلك الحروب التي عايشناها على مدار العقدين الماضيين سواء في منطقتنا العربية او علي مستوى العالم، حيث يجد الانسان نفسه امام سؤال لماذا تحدث أصلا هذه الحروب ولماذا يَصعُب على البشر أن يعيشوا في سلام؟ وهل هناك ما يمكن أن يفسر كل هذا العنف الذي يكون غير مبرر في كثير من الأحيان؟ في هذا المقال احاول أن استعرض مجموعة من الأسباب التي يتوقع أن لها دورا في نشأة الحروب بين البشر وعند قراءة أي كتاب عن تاريخ العالم، سينتهي بك المطاف على الأرجح وأنت تحمل انطباعا عاما بأنه من المستحيل على البشر أن يعيشوا في سلام، وأقرب مثال على ذلك هو هذه الحروب و الصراعات العنيفة الدامية التي نشهدها الآن في السودان وفي اليمن وروسيا وأوكرانيا، وفلسطين ان التفكير في سيكولوجيا الحرب ربما يقودنا الي الاسباب وراء حدوث كل هذه الحروب و لاينحصر في سيكولوجيا الانسان انما الامر في يقيني يرجع لتقدير إلاهي ورباني خصوصا اذا توقفنا في القرآن الكريم عند الاية{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} (سورةالحج:40) فما معنى لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد؟المقصود بـ ( صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ ) بيوت عبادة أهل الكتاب من اليهود والنصارى قال الطبري رحمه الله " معنى ذلك لهدّمت صوامع الرهبان وبِيَع النصارى، وصلوات اليهود، وهي كنائسهم، ومساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله كثيرا، لهذا جعل الله التدافع بين الناس احدي السنن الكونية في هذا الكون، ولحضور التدافع والحروب في حياة الإنسان بصورة مستمرة في التاريخ البشري لهذا نجد عادة ما تبدأ الكتب المهتمة بتاريخ العالم بالاستشهاد بالحضارات الانسانية القديمة مثل سومر ومصر اللتين بدأتا فجر تاريخهما قبل 3000 عام من الميلاد ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا، لم يكن التاريخ الراجح فيه سلسلة من الحروب التي لا تنتهي، ففي الفترة التي بين عامي 1740 و1897، شهدت أوروبا وحدها قرابة 230 حربا وثورة على أراضيها، لدرجة أن الدول كادت تُعلِن إفلاسها بسبب نفقاتها العسكرية وقدحصدت الحرب العالمية الثانية أرواح 50 مليون شخص، ومنذ ذلك الحين، انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الحروب انخفاضًا كبيرًا، ثم أصبحت الحرب في الواقع أقل انتشارا خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين نتيجة لظهور عنصر جديد يعلن عن نفسه في ساحة الحرب، وهو القوة التكنولوجية الهائلة التي استغلتها الدول في إنهاء الحروب بشكل قوي وسريع، فحينما ننظر إلى تاريخ الحروب، سنجد أنه كلما مر الوقت ازداد عدد القتلى بجنون، فمثلا تسببت الحروب التي نشبت بين عامي 1740 و1897 في قتل ثلاثين مليون شخص، في حين تتراوح نسبة القتلى في الحرب العالمية الأولى ما بين خمسة ملايين إلى ثلاثة عشر مليون شخص، أما الحرب العالمية الثانية فتجاوزت كل هذه الأرقام لتحصد أرواح خمسين مليون شخص وتقريبا منذ ذلك الوقت، انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الحروب انخفاضا كبيرا لأسباب سوف احاول اتطرق اليها لاحقا في هذا المقال اذا نحن حاولنا ان نتطرق الي التفسيرات النفسية للحروب سوف نجد ان "ويليام جيمس" أول عالم نفسي يحقق في الأسباب النفسية وراء اندلاع الحروب، فكتب مقالا مهمّا بعنوان "المعادل الأخلاقي للحرب" في عام 1910 يقول فيه إن الحروب كانت منتشرة جدا بسبب آثارها النفسية الإيجابية سواء على الفرد أو المجتمع رأى جيمس أن الآثار الإيجابية للحرب على المستوى الاجتماعي تتمثل في خلق شعور بالتكاتف والوحدة الوطنية في وجه التهديد الجماعي بتوحيدها لصفوف الناس معا، حيث إن الانخراط في المعارك لا يقتصر على الجيش فقط، بل يشاركه أفراد المجتمع كافة،فضلا عن أنها تجلب إحساسا بالانضباط والامتثال واحترام الأهداف المشتركة،بجانب إلهام المواطنين (وليس الجنود فحسب) بالتصرف بشرف والتخلي عن الأنانية من أجل خدمة الصالح العام، أما على المستوى الفردي، فيرى جيمس أن الحرب تبعث في نفوس الناس شعورا بأنهم على قيد الحياة وعلى أهبة الاستعداد، كما أنها تمنحهم هدفا ومعنى لتجاوز رتابة الحياة اليومية والتحرر من سطحيتها. تتيح الحرب أيضا الفرصة للتعبير عن القيم الإنسانية مثل الانضباط والشجاعة والتضحية بالذات، والتي غالبا ما تكون متخفية في قلب دوامة الحياة العادية. تم الإرسال من هاتف Huawei الخاص بي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالرحمن محمد فضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست