مُقدمة ضرورية: شخصي من أوائل المُبادرين والفاعليّن العامِلين لوحدة جميّع القوي المدنية والثورية علي أُسس ديمُقراطية سليمة ، وحتي ماقبل الحرب وما قبل إنقلاب ٢٥ أكتوبر ومابعد الثورة ، ولا أزال مؤمناً إيماناً قاطعاً وعميقاً بأهمية التوصل لها ، برُغم عديد الصعوبات العمليّة وتركيبة القوي السياسِية نفسها وتعقيدات تضارب مصالحها وإدارتها للصراع السياسِي فيما بينها... أما الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو أمرين: ١/الإلمام بكثير من التفاصيل والمُتابعة الدقيقة لكيف ولماذا تكونت ونشأت تقدّم ، والصراع بداخلها ٢/الوصول لبناء وحدة للقوي المدنية والثورية يمُّر عبر عمليتي النقد و التصحيح لما هو قائم ، أو التخطي له نحو بناء جديد مُختلف علي أُسس سليمة أستطيع القول وبكل وضوح أن تنسيقية تقدّم الحالية قامت علي فكرة الإستمرار بذات القوي الدافعة والمُهيمنة و التي ظلت مُمسكة بدفة الأمور ما بعد الثورة من بين القوي المدنية ، ثمّ التي تمكنت بعد التشظيّات التي حدثت داخل الحرية والتغيير أولاً ، مع بعض المجموعات المدنية التي كانت مُساندة في فترة السُلطة الإنتقالية ، مروراً بالمجموعة المدنية التي ساندت الخط التسووي ، ثم ذهبت هي نفسها وساندت الإتفاق الإطارئ ، ثم إنتقلت بعد ذلك للمجموعة التي إبتدرت محاولات توحيد الصف المدني وفقاً لذات العقلية ولتشكيل حاضنة سياسِية جديدة بديلة للحرية والتغيير مع إصطحاب ذات القوام الأساسِي سواء في الحرية والتغيير أو المجموعة المدنية المُساندة منذ تشكيلات السُلطة الإنتقالية من منظمات المجتمع المدني ولافتاتها في القوي المدنية الديمُقراطية. وبعد أن برزت الأهمية القصوي ومن عديد من المُبادرين والمُبادرات لضرورة وحدة جميع القوي الرافضة للحرب من بيّن جميع الصف الوطني والمدني والثوري ، وكانت جميعها تقريباً تتحدث بذات اللغة ، عدا بعض الإختلافات في الآليات وفي ترتيب الأولويات ، تمسكت مجموعات من داخل القوي المدنية بذات الطريق والآليات وحتي القوام الأساسِي لها في محاولة منها لإحتكار الصوت المدني مُستغلةً ذات الهدف الذي كان يسعي إليه جميع المُبادرون في تلك المرحلة وعديد المُبادرات التي أنتظمت بالداخل والخارج وكلها ترفض الحرب ، تَقَوّت ذات المجموعة التي كان أساسها قوي الحرية والتغيير وبعض المجموعات المدنية والشخصيات من القوي المدنية ومنظمات المجتمع المدّني بالمجتمع الدولي ومؤسساته الفاعلة التي كانت ذات صلة وثيقة وعلي متابعة لما يحدث بالسُودان ولها مصالحها المُباشرة فيه ، حيث ظلت تلك المجموعة والتي إرتضت التنسيق فقط فيما بينها وفي جسم موحد فيما عُرف بتنسيقية القوي الديمُقراطية "تقدّم" ، وجمعتها هيكلة ذات تقسيّم للنسب فيما بينها في الهيكلة والعمل القيادي كانت غالبيتها لصالح مجموعات مُنظمات المجتمع المدني ولافتاتها ، وبعض لجان المقاومة وقوي مهنية والشخصيات غير الحزبية والمُستقلة ٧٠% مقابل ٣٠% للاحزاب السياسية ومجموعة الحركات ، وكان هذا لتضمن تلك المجموعة الهيمّنة علي مركز وتوجيه القرار داخلها ، وكذلك لضمان إستمرار تدفق الدعم الخارجي الذي يأتي عن طريق تلك المنظمات والمانحين ، وتسيير جميع نشاطها ، وكذلك لسبب آخر هو عدم قناعة المجتمع الدولي وبعض الفاعِلين فيه بالقوي الحزبية السُودانية ولهم رأي واضح في تلك القوي خاصة التقليدية منها والأيدلوجية ، قامت تقدم بإصطحاب ذات الفئية والقوام الذي ظلّ مُمسكاً ومنفرداً ومهيمناً علي القرار السياسِي وتوجيهه لفترة طويلة مابعد الثورة وحتي حدوث الحرب ، وأهمّ ما يميّز هذا القوام هو ركونه لإقصاء الآخرين وتُحركه مجموعة أفراد مُحدّدين ظلوا علي الدوام هم من يسيّرون العمل القيادي الداخلي ويقفون علي كل صغيرة وكبيرة ، ويتقاسمون العمل ويمثلون في كل اوجهه داخلياً وخارجياً ويعملون بنظام "الشُلليات" ، وكان هنالك الكثير من المُغيبون و المُهمشون و حتي الكومبارس داخل مجموعة تقدّم من الآخرين ، و بدأت فيه الخلافات والتناحرات باكراً لأنه تأسس علي ذات العقلية الإقصائية المُهيمنة والمُتنفذة ، وتربطها فقط المصالح حتي تظل مُتماسكة ظاهرياً وموجودة إعلامياً ومُحتكرة للصوت المدني وتمثيله. وجاءت تقدّم بشخص الدكتور عبدالله حمدوك في رئاستها ، حتي تحافظ به علي بعض النفوذ الخارجي ولخطها العام وقبوله من الحُلفاء وبعض المنظمات المدنية وللتوازن القيادي والمصالح فيما بينها. في القادم سنواصل بإذن الله حول كيف قامت تقدم بإقصاء الآخرين من القوي الرافضة للحرب ولماذا ، وكيف أصبحت تقدّم نفسها أو أفراد داخلها مُهيمنة علي القرار عقبة حقيقية في وحدة القوي المدنية والثورية الرافضة للحرب وتحول الصراع لمُجرد صراع للمصالح الذاتية والمكاسب الشخصية ومن أجل السُلطة و إستمرار النفوذ. 15 مايو 2024
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة