* نشرتُ مقالين في أكتوبر عام ٢٠٢٠ و في يناير عام ٢٠٢٢ حول الذهب السوداني.. و اليومَ أدمج مقتطفات منهما أدناه، بتصرف راجياً الانتباه لما جرى والحذر مما قد يجري:- * في ديسمبر 2017 صرح وزير المعادن السودانية بأن السودان يصدِّر ربع الكمية من انتاجه فقط، ويتم تهريب ثلاثة أرباع الباقي.. و تقول مجلة (جون أفريك الفرنسية) Jeune Afrique Media، الصادرة في يونيو 2019، أن السودان يحتل المرتبة الثانية أفريقياً بإنتاج بلغ 127 طناً.. بينما احتلت جنوب أفريقيا المركز الثالث 119 طناً وأن جنوب أفريقيا تراجعت عن المركز الأول بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل والإضرابات والتحديات الجيولوجية المتمثلة في تواجد الذهب في مناجم هي الأعمق في العالم.. علماً بأن الذهب السوداني على عمق قريب من سطح الأرض، و يتواجد في جميع الولايات بكميات تتفاوت من ولاية إلى ولاية..
* و إذا اعتمدنا ما نشرته المجلة وسلّمنا بما قاله وزير المعادن فسوف نجد أن السودان أنتج، في الفترة المذكورة، ما مقداره 508 طناً، وذلك حاصل ضرب (127 في 4)، وهكذا يحتل السودان المرتبة الأولى في إنتاج الذهب أفريقياً متفوقاً على غانا (158 طناً) و جنوب أفريقيا (119 طناً) بحوالي ضعف إنتاج الدولتين معاً..
* و حين تقول الصحيفة أن معظم ذهب السودان (مميز وبلا شوائب)، نجد أن للذهب السوداني مكانة متقدمة في بورصات الذهب العالمية.. و إذا حسبنا كمية الذهب عيار (24 قيراط) المذكورة بسعر الطن/دولار سوف نجد أن عائد الذهب السوداني المنتج كان سيبلغ حوالي ثلاثين مليار ونيف دولار (30,800,040,000)، وهو مبلغ كان حرياً أن يغنينا عن (الشلحتة) وانتظار أن (يحَنْدك لينا) سارقو ذهبنا وأراضينا بالريالات والدراهم والحديث الناعم..
* إن سارقي ذهبنا يستمرئون التعدي على حقوقنا حتى اليوم.. وما ذلك إلا لأن الله سبحانه وتعالى قد سلط علينا قيادات همها اكتناز الذهب في البطون والانبطاح للدول التي تستنزف مواردنا.. وحُقَّ لشاعرنا الكبير صلاح أحمد إبراهيم أن يتحسر باكيا على حالنا بقوله:- "والنيلُ وخيراتُ الأرضِ هنالك.. ومع ذلك.. مع ذلك..!! "
* لم تشمل بيانات مجلة جون أفريك الفرنسية كمية الذهب السوداني المهرَّب، لأن الكمية المهربة لا تظهر في أي دفاتر رسمية، بطبيعة الحال.. أما وزير المعادن فكان يتحدث، بالتأكيد، عن إنتاج القطاع المنظم من شركات الامتياز وشركات معالجة مخلفات التعدين التقليدي..
* أيها الناس، إن تهريب الذهب يتطلب و منافذه كثيرة، و منها منافذ برية و بحرية و أخرى جوية.. و المنافذ الجوية لا يستغلها إلا المتنفذون و المقربون والمتمكنون الذين رفعهم النظام (المنحل جداً) إلى الأعالي، العسكرييون منهم و المدنيون.. و لا تزال منافذ التهريب الجوية رهن إشارة من مكّنهم النظام بصورة أو بأخرى.. * و تتنوع أساليب تهريب الذهب بالبر فمنها تهريب بأسلوب حشو كميات منه في جوالات السمسم أو حب بطيخ أو الخ.. و منه ما يتم حمله على ظهور الجمال عبر دروب غير مطروقة في الفيافي و الصحراء.. و ما يتم حشوه في مهابل الإبل و العبور إلى مصر بالطرق الرسمية.. و هكذا دواليك..
* و عن الذهب المهرَّب أدلى مدير (شركة الفاخر) بحديث صحفي فحواه أن كميةً لا تقل عن 300 كيلوجرام من الذهب المهرَّب يتم تداولها يومياً داخل غرف عمارة الذهب.. أي أن حوالي ٩، بما يعني حوالي 108طناً سنويا أطنان من الذهب الخالص، و هذا التصريح اعتراف بشراكة (شركة الفاخر) في جريمة التهريب.. لكن لم و لن تطال المدير أي مساءلة من الجهات المعنية في وزارة الداخلية و وزارة العدل و غيرهما.. لن تطاله المساءلة، لأن (شركة الفاخر) شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص..و هناك قوىً تدور مع من يدورون داخل دائرة تجارة الذهب.. الكل متواجد في تلك الدائرة (Everybody is in the loop)!
* في يقيني أنه لا وجود لإرادة سياسية جادة لمحاربة التهريب، فمصالح أصحاب النفوذ في تجارة الذهب و تهريبه تتضارب مع مصلحة السودان الداعية لضبط منافذ التهريب و الحد منه.. و لا تزال الإرادة السياسية في وَهَنٍ شديدٍ يصيب إقتصاد السودان في مقتل و يشِّد من عضُد مصالح المتحكمين في انتاج و تصدير الذهب دون قيود.. و يبقى إقتصاد السودان يستغل موارده الحقيقية في الحد الأدنى، و الكل يشاهد و لا يحرك ساكناً..
* و يجب ألا يغيب عن بالنا أن فلول النظام (المنحل جداً) هم المهيمنون، غالباً، على تجارة الصادر و عن التهريب و أن عائدات صادرات الذهب من العملة الصعبة تبقى في الحفظ و الصون خارج السودان..
* و يتساءل الشارع السوداني عن كيف تم السماح بتصدير الذهب إلى دولة الإمارات وهي تشن حرباً ضروساً ضدنا؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عثمان محمد حسن
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست