* كان القحاتة في حافة الهاوية طوال شهور الحرب، و هم الآن في داهية.. واستمعتُ، قبل ساعتين تقريباً، إلى قحاتي أجوف يتحدث في (قناة الجزيرة مباشر)، طالباً من المجتمع المدني، الذي هو أمريكا، تفعيل قرار حظر الطيران الحربي في إقليم دارفور، وكم أضحكتني تبريرات طلبه، فحسابات هؤلاء القحاتة حسابات خاطئة على الدوام، وقد ظلوا (يقامرون) على مائدة المجتمع الدولي، الذي هو أمريكا، وعلى طاولة الاتحاد الأفريقي دون وضع اعتبار للشعب السوداني بالطبع.. وتلك مقامرات خاسرة خاصةً عند النظر إلى الراهن السياسي المحلي.. ولا أشك مطلقاً في أن تجارتهم ربما ربحت في الراهن السياسي الإقليمي والدولي لبعض الوقت..
* لكن مشكلة قحتقدم أنها بَنَت استراتيجيتها، على المجتمع الدولي (الأمريكي) و الاتحاد الأفريقي، إتكاءاً على التوافق المستحدث لمنبر جدة، توافقاً تبنته (ماما أمريكا) بقوة و راحت تروِّج له عبر مبعوثها الخاص، جون بيريللو.. وهذا التوافق يأخذ الحل الأفريقي كأساس لمفاوضات جدة المستجدة..
* يقول موقع (اسكاي نيوز)، بتاريخ ٩ أبريل الجاي، أن وفد (الآلية رفيعة المستوى)، التي شكلها الاتحاد الأفريقي، إلتقى البرهان في نهاية مارس وأوصل إليه رسالة ((صارمة)) للعمل على انهاء الحرب.. ومن سياق ما قاله الموقع يتبين أن المبعوث الأمريكي هو من سلم الوفد تلك الرسالة ((الصارمة)) ليبلِّغها للبرهان! وذكر الموقع أن (منبر جدة) سوف ينعقد في يوم ١٨ أبريل ٢٠٢٤، وأن هناك خطة مكونة من 6 نقاط، ومن ضمنها نقطة خطيرة تتحدث عن "" إدخال قوات أفريقية مدعومة من الأمم المتحدة للفصل بين القوتين المتحاربتين، وتجميع قوات الجيش والدعم السريع في مراكز خارج المدن.. و نقطة أخرى تعيد الاتفاق الإطاري إلى المشهد السياسي حيث تقول النقطة.. وتتبع تلك النقطةَ الخطيرة نقطةٌ خطيرةِ أخرى تتحدث عن ""الانخراط في عملية سياسية تنطلق من معطيات الصيغة التي تم التوصل إليها قبل اندلاع الحرب والتي كانت تستند إلى الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر 2022. ""..
* في تقديري أن هذه النقطةَ نقطةٌ تعيد الإتفاق الإطاري إلى المشهد السياسي السوداني بقوة باتعة.. وهذا ما ترفضه أغلبية الشعب السوداني..
* وتحدث موقع القناة عن توقعات تشير إلى (حتمية) اللجوء، عما قريب، إلى تدخل دولي أو إقليمي على أساس الفصل السابع أو البند الرابع من دستور تأسيس الاتحاد الأفريقي..
* وبثقةٍ أشبه بثقة المنصر انتصاراً بيِّناً أعلنت قحتقدم من مقرها (الدائم) في أديس أببا أنها لن تسمح بانتكاس رايات ثورة ديسمبر 2018م.. قالت ذلك، في محاولة منها لتلميع صورتها، الملطخة بالدماء والدموع.. بينما الثوار الحقيقيون يعلمون أن قحت نكَّسَت رايات الثورة المجيدة منذ أن كسرت اللاءات الثلاث التي تقول :(لا تفاوض و لا شراكة و لا شرعية لإنقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١).. كسّرت هذه اللاءات الثلاث ومضت تفاوض الإنقلابيين وتشاركهم، وتعطي الشرعية للإنقلاب، وفوق ذلك كله راحت واحتضنت ميليشيا الجنجويد وحرضت الميليشيا على شن حرب ١٥ أبريل الفاجرة على الجيش و الشعب السوداني معاً.. فارتبط اسم قحت باسم الميليشيا الفاجرة الملطخ بدماء ودموع الشعب السوداني.. ما دعى قحت لغيير إسمها إلى (تقدم).. ورغم ذلك التغيير لا يزال اسمها القديم ملازماً لها، و الشارع العام يشير إلى منسوبيها بكلمة (القحاتة) لا بكلمة (التقدميين)..
* و قحتقدم، كدأبها، لا تزال تبني استراتيجياتها على حسابات خاطئة معتمدة، تمويلاً وتسليحاً، على عضلات بعض الدول والمنظمات الأجنبية تناسقاً مع أجندتها.. و لذلك يتوهم القحاتة أن الإمارات و (ماما أمريكا) سوف يعيدانها إلى المشهد السياسي من أوسع أبواب منبرٍ يًستحدث في جدة..
* لم ينتبهوا لما ظل يردده ياسر العطا ولا ما يقوله شمس الدين كباشي ولا ما كان يصرح به البرهان، قبل عيد الفطر المبارك، حول مفاوضات مرفوضة شعبياً، بل غرقوا في الأمنيات، إعتماداً على التهديدات الأمريكية المُبَطَنة لحكومة الأمر الواقع بالسودان، و تترافق تلك التهديدات مع بعض الترغيبات المغرية إغراءَ (راس تيس بَملا بيت جَنَا مسكين لحم)!
* و عصا (البند السابع) ضمن التهديدات التي يشير إليها القحاتة، فلا يدهشني يذكر موقع إسكاي نيوز أن المبعوث الأمريكي الخاص أشار إلى "التداعيات الخطيرة للحرب السودانية على الأمن الإقليمي والدولي، ويضع أمن أوروبا والعالم على المحك..."..
* هل ستنجح أمريكا، في تحقيق مرادها ومراد الدول الطامعة في السودان، إلى جانب تطلعات قحتقدم، بالضغط على حكومة الأمر الواقع كي تنصاع وتستأنف المفاوضات العسكرية والسباسية؟
* في يوم ٩ أبريل الجاري الموافق، لليوم الأول لعيد الفطر المبارك، كسَّر البرهان أي محاولة فوقية تأتي من أمريكا ومجتمعها الدولي لفرض واقع غير الذي ترتضيه الغالبية الغالبة من الشعب السوداني، وليس الكيزان فقط.. كسَّر البرهان تلك المحاولة الفوقية و بدد تطلعات قحتقدم بإعلانه اللاءت الثلاث وهي لاءات (وَدّت القحاتة في ستين داهية)!
* و بغض النظر عن المدلولات الأخرى للإعلان، فإن لاءات البرهان الصفرية الثلاث القائلة: لا عودة إلى ما قبل 15 أبريل، ولا عودة إلى ما قبل 25 أكتوبر، ولا عودة لما قبل أبريل 2019 ، قد حسمت أمر المفاوضات بشكل غير قابل للنقاش.. * Period!
* كان ذلك الإعلان إعلاناً لانقلاب آخر.. لكن الذي لمسته حتى من أقرب الأقربين إلىَّ، دعك عن ما لمسته في الشارع العام، أن إنقلاب البرهان، يوم ٩ أبريل ٢٠٢٤، قد أراح قلوب الشعب السوداني الذي ملَّ المبادرات والمفاوضات و جعجعات ميليشيا الجنجويد و القحاتة.. و الشعب السوداني شعب كره الحرب الدائرة، لكنه يصر على استمرارها حتى زوال ميليشيا الجنجويد وأتباعها من أرض السودان.. رغم عواء الذين يزعمون هراءاً أنها حرب لا منتصر فيها..
* و يمكنك أن تسمي إعلان البرهان انقلاباً، و أوافقك على أنه انقلاب بالفعل، لكنه انقلاب جاء نتيجة تحريضٍ شعبي، غير مباشر، على القيام به.. وقد يحاول البعض تزيينه بادعاء أنه ليس انقلاباً، لكنه سيظل إنقلاباً.. أما وصفه بأنه إنقلاب كيزاني، فإن فيه مغالطة الحقيقة المُرُة.. وعلى الذين يقولون بكيزانية الانقلاب أن يراجعوا أنفسهم وبفحصوا الأسباب التي جعلت الشعب المحب جداً للحرية والديمقراطية يجنح لتأييد انقلاب يحمل الكثير من سمات الشمولية!
* هذا، وقد تغيرت لغة موقع إسكاي نيوز بعد أن أعلن البرهان لاءاته الثلاث، يوم ٩ أبريل، فتراجع التهديد والترهيب و حل محله الترغيب.. واختفت العصا الأمريكية و بقيت الجزرة معلقة في الهواء.. و نشر الموقع ، يوم ١١أبريل، أن المبعوث الأمريكي الخاص أعلن أن الولايات المتحدة خصصت مائة مليون دولار ( راس تيس بَملا راس جنا مسكين لحم) في شكل مساعدات إنسانية، وأن أمريكا، وقال: "“سنقدم دفعة أخرى بمبلغ من تسعة أرقام أكثر من مئة مليون دولار"".. و ده (برضو راس تيس)!
* و يا لحسرة قحتقدم، فقد ذكر الموقع أن المبعوث الأمريكي الخاص، بيرييلو، قال "" إن من غير المرجح أن تُستأنف محادثات السلام في 18 أبريل، وهو التاريخ الذي قال في وقت سابق إن واشنطن تتطلع إليه.""
* و إعترف المبعوت الأمريكي بفشل الضغط على حكومة الأمر الواقع قائلاً: “لا أعتقد أننا سنشهد اجتماعات في جدة يوم ١٨.... لكن المفاوضات تجري في كل يوم.. "! أي أن أمريكا لا تزال تحاول إقناع البرهان بالعودة إلى ما تريده هي و حلفؤها و يريده القحاتة والجنجويد..
* و أقول لكم أن عضلات أمريكا لم تعد تخيف أحداً.. و لن أطلب من القحاتة ألا يتغطوا بالإمارات وأمريكا، ولا أن يطرحوا حساباتهم الخاطئة جانباً.. لن أفعل ذلك، فالنصح للعودة إلى صوت العقل لا يكون إلا لمن كان لديه عقلٌ!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة