أمدرمان تحتضر!! هجاء المدن السودانية، الشاعر محمد الواثق كتبه صلاح التوم إبراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 02:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-25-2023, 06:18 AM

صلاح التوم إبراهيم
<aصلاح التوم إبراهيم
تاريخ التسجيل: 11-15-2023
مجموع المشاركات: 22

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أمدرمان تحتضر!! هجاء المدن السودانية، الشاعر محمد الواثق كتبه صلاح التوم إبراهيم

    05:18 AM November, 25 2023

    سودانيز اون لاين
    صلاح التوم إبراهيم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    💢أقصد بهذا العنوان ديوان الشاعر الدكتور محمد الواثق والذي حمل اسم قصيدة أمدرمان تحتضر التي تناولها الكثيرون بالنقد والتحليل ، وفيها ذم وهجاء وسخط لمدينة امدرمان وأهلها في ذاك الزمان إذ نشر الديوان عام 1973 أي قبل خمسين عاماً تقريباً. جاء في مطلعها:
    لا حبذا أنت يا ام رمان من بلد
    أمطرتني نكدا لا جادك المطر
    من صحن مسجدها حتى مشارفها
    حط الخمول بها واستحكم الضجر

    💢فمن الطبيعي أن الإنسان يمدح موطنه ومدنه وقراه، ويثني علي مدينته، وأن يغضب ويهيج فى وجه من أراد الانتقاص من أرضه أو ازدراء او تقليل من مكانة أي بقعة في الوطن، حتى وإن كان البلد أو المدينة جائرة وظالمة بسبب حكامها أو ممن تقلدوا أمرها أو أهلها، قال الشاعر:
    بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام

    💢فقد لاقت قصيدة الشاعر الدكتور، بل ديوان أم درمان تحتضر ككل سيل من النقد ووابل من الاستهجان ، ولقي معارضات شعرية عديدة من كبار الشعراء.

    💢فقد صدح الشاعر دون مواراة أو تهيب بذم وهجاء المدينة ومدن أخرى، فديوانه يكفي اسمه ما يحمله من مضامين قبل رسمه عن استياء واضح من مدينة ام درمان، فأم درمان تحتضر ديوان جمع فيه الشاعر مجموعة من القصائد هى أقسى ما يهجو به شاعر مدينة.

    💢فهل كان الشاعر يمقت ويكره مدينة أم درمان لهذا الحد ؟
    أم كان ساخطاً على الوضع السياسي والاجتماعي والفوضوي القائم آنذاك؟
    أم أنه قارن بين الوضع في مدينته ومدن أوربا التي درس فيها، فسخط من الوضع المعيش في مدينته؟

    لكنما انت يا ام درمان غانية تمرغت فى أباطيل وأوحال
    هجنت كل جميل كنت اعشقه فلا أرى فى جميل غير محتال
    متى أمر على باريس منطلقا حيث الأنيس وحيث العيشة الرغد

    💢فالديوان بقصائده التسع ، يهجو فيه مدينة أم درمان هجاءاً مقذعاً، لم يسلم من هجائه شئ فيها، فقصيدة أم درمان تحتضر طويلة يقول فيها:
    لا حبذا انت يا أم درمان من بلد
    أمطرتنى نكدا لا جادك المطر
    من صحن مسجدها حتى مشارفها
    حط الخمول بها واستحكم الضجر
    ولا أحب بلادا لا ظلال لها
    يظلها النيم والهجليج والعشر

    ثم يعرج على رجالها قائلا:

    ولا أحب رجالا من جهالتهم
    أضحى وامسى فيهم آمنا زفر
    اكلما قام فيهم شاعر فطن
    جم المقال نبيل القلب مبتكر
    ضاقوا بهمته واستدبروا جزعا
    صم القلوب وفى آذانهم وقر
    أكلما غرست كفى لهم غرسا
    كانوا الجراد فلا يبقى ولا يذر
    المظهرون بياض الصبح خشيتهم
    والمفسدون اذا ما صرح القمر
    قميص يوسف فى كفى أليح به
    قميص يوسف لم يرجع لهم بصر

    وحتى النساء فى ام درمان نلن النصيب من الهجاء:

    ولا أحب نساءا أن سفرن فقد
    تحجر الحسن والإشراق والخفر
    من كل ماكرة فى زى طاهرة
    فى ثوبها تستكن الحية الذكر

    ثم يقول ويعبر عن حالة السأم التى يعانى منها وهو يقيم فى ام درمان ويتوق الى الرحيل :

    يابعض أهلى سئمت العيش بينكم
    وفى الرحيل لنا من دونكم وطر
    سألتك الله رب العرش فى حرق
    انى ابتأست وانى مسنى الضرر

    واختتم قصيدته بالتغزل فى محاسن الخواجية(انجليزية) مونيك والبيئة التى أنجبتها :

    هل تبلغنى حقول الرون ناجية
    تطوى الفضاء ولا يلفى لها أثر
    قرب الجبال جبال الألب دسكرة
    قد خصها الريف لاهم ولا كدر
    تلقاك مونيك فى أغيائها عرضا
    غض الاهاب ووجه ناعم نضر
    من صبح غرتها حيك الضياء لنا
    ومسك دارين من أردانها عطر
    مونيك انى وما حج الحجيج له
    لم يلهنى عنكم صحو ولا سكر
    وعهدك الغر فى أغوار محتمل
    انى لذاكره ما أورق الشجر
    كيف اللقاء وقد عز الرحيل وما
    يثنى عنانى سوى ما خطه القدر
    راحلتى همت لاتبتغى وطنا
    لكن يقيدها الاشفاق والحذر
    مونيك كانت لنا أم درمان مقبرة
    فيها قبرت شبابى كالألى غبروا
    ان الأنيس بها سطر أطالعه
    قد بت اقرأه حتى عفا النظر
    ثم اصطحبت كميتا استلذ بها
    وخلت فى سكرتى ام درمان تحتضر

    💢وفي القصيدة الثانية من الديوان يقول:
    كيما أرتق لأم درمان ما اخترمت
    تلك العناكب مــن جلبابها البالي
    كي أسأل السحب أن تغشى أباطحها
    بواكفٍ مـن عمـيم المزن هطال
    حتى أقــول إذا التاريخ عاتبني
    لقـد دفعت حميداً مهرها الغالي
    ********
    لكنما أنــت يا أم درمان غانية
    تمـرغت في أباطيل ٍ وأوحـال
    هجنت كل جميلٍ كـنت أعشـقه
    فلا أرى في جميل غير محتال
    أكلما شــدت تمثالا لعفتــها
    تشيد للعار صرحاً فوق تمثالي
    أكلما جـد مني العـزم تقعدني
    هـذى البغي بأمـراسٍ وأغلالِ

    💢وفي القصيدة الثالثة بعنوان أمدرمان تتزوج يقول:
    وعدتني بعد قربي منك بالولد
    لكن كعهدك يا أم درمان لم تلدي
    قالوا ” تزوجتها من بعد ما اكتهلت
    وأذبل الدهر منها زهرة الجسد
    وقال قائلهم: أنثي بلا رحـــم
    تهوي الرجال ولا تبقي علي أحد
    قد كان مضجعها قبراً لطائفة
    من المحبين أفنتهم بلا عدد
    كم شاعر دنست فيه مشاعره
    وعاشق بات مطوياً علي كمد
    فارفق بنفسك من شعر تسطره
    للحيزبون التي تهوي ولا تزد

    💢وبقية القصائد لا تقل ذماً وهجاءً لمدينة أمدرمان ، منها: أمدرمان والانهزام ، وفضيحة أمدرمان ، ونساء أمدرمان، وجنازة أمدرمان .

    💢لقد كانت مدينة ام درمان آنذاك عاصمة الوطنية وسودان مصغر، ومدينة الثقافة والفن والإبداع والرياضة والثراث ومدينة العلم والعلماء ، ولا تضارعها من حيث الحسن والجمال مدينة أخرى.

    إذن لماذا كل هذا الهجاء والذم واللوم؟
    ولماذا شيع مدينة مثل هذه بكل هذه المواصفات إلى مثواها الأخير؟

    💢حقيقة تباينت الآراء الأدبية والنقدية ، وآراء عامة الناس ، فمنهم من يري أن شاعرنا:
    • كان يحب أمدرمان ، فقصيدته ردة فعل لما رآه من اعوجاج، وخمول مستفحل، وسياسة خرقاء، وعطالة مقننة، فجاء شعره كتعبير عن الواقع المعيش ، آملاً أن يتحسن الحال. فكأنه أراد أن يقول إنني لا أفضلك ولا أقبلك بهذا الوضع القاتم ! فقد رأى فيها متناقضات كل المدن في الدنيا .

    • أو أنه رأى جحوداً كبيراً ونكران جميل منها ومن أهلها، ولم يوف له حقه الأدبي والاجتماعي .

    * أو أنه وصف ام درمان بالمدينة المحتضرة مجازا كونها فقدت بريقها في عينيه مقارنة بالمجتمات الأخرى.

    • أو أن شعره نوع من أنواع الخيال ولا شأن له بالحقائق التى مثلت أمامنا في النصوص .

    • ويرى بعضهم أن دافع محمد الواثق لهجاء المدن هو الحقد، والبعض يقول إن دافعه العبثية وآخرون قالوا إن غرضه تهديم الواقع لبناء مستقبل أفضل، وطائفة نسبته للاستعلاء الصفوي الذي يصيب المتعلمين، وهناك من قال إن دوافع الحطيئة قد تقمصته.

    • أو إن أم درمان ليست سوى فتاة هام بها الشاعر ذات يوم، أو أنها رمز لحاكم متجبّر أو سلطة باغية، وهى على ذلك من الشعر الرمزي. فالناقدان (أوستين وارين ورينيه ويليك) صاحبا كتاب (نظرية الأدب) يقولا: (إن الرمز موضوع يشير إلى موضوع آخر لكن فيه ما يؤهله لأن يتطلب الانتباه أيضاً لذاته بصفته شيئاً معروضاً).

    * أو إن قصد هذا النص صدمة للذوق العام الراضي عن نفسه فقد اختار الشاعر رمزاً عزيزاً، فهو يستهدف ماهو أبعد من مدينة أو عاصمة، ليستهدف ان يصدم حالة من الرضا المتبلد الذي يفوق حد الاعتزاز والعزة وتمجيداً للذات تلك النظرة التي ترى كل ما هو سوداني متميزا فالمقصود ليس أم درمان المدينة.
    * أو أن هذا ما يُسمى بإسقاط شعري للحالة الداخلية للشاعر فهو في حالة من حالات التوتر أو القلق والغضب أو كراهة لما يحدث وقد أسقطها على الآخرين في شكل شعر ، فهو لا يرى إلا من خلال مصادمته مع الأشياء والتصادم الداخلي يضفيه على ما حوله، فالحطيئة مثلا يهجو أمه فهل هو هجاء أم هجاء حقيقيا نابع من القلب، أم هي حالة شعرية داخلية وحاول أن يجسدها .

    • ومنهم من يرى أنه قطع تلك الوشيجة مع أهل ام درمان والمدينة نفسها نهائيا عندما عشق الشاعر الفتاة مونيك، تلك الأوربية الفاتنة !

    • أو إن هذه الكراهية بسبب انفصام أو صدمة حضارية أصابت الشاعر عندما ابتعث لدراسة ماجستير الأدب ببريطانيا فى أول عقد الستينيات وعندما عاد لم يرق له العيش فى ام درمان بعد أن صدمته بلاد الإنجليز وانبهر بطبيعتها الساحرة.

    💢فشاعرنا يحتل مكانة بارزة في طليعة شعراء السودان فقد عاد بالشعر إلى التراكيب العربية واللغة الفصيحة، وظل وفياً لشكل القصيدة العربية الأصيلة عندما علت أصوات مدرسة التحديث في الشعرالعربي وجلجلت. وهو علم من علماء السودان .

    💢هو محمد الواثق يوسف المصطفى محمد مساعد ولد عام 1936م بقرية (النية) شمال الخرطوم، تخرج في مدرسة وادي سيدنا الثانوية ليلتحق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم قسم اللغة العربية، وتخرج فيها العام 1962 بمرتبة الشرف الأولى، وقد عُد الواثق فيها من أوثق أركان مدرسة البروفيسور عبدالله الطيب الشعرية، الذي حسبه من أنبغ تلامذته وأقربهم الى قلبه. ومن بعد شد شاعرنا الواثق رحاله صوب المملكة المتحدة ليلتحق بجامعة (كمبردج)، وذلك في العام 1967. ليعود للسودان محاضراً بجامعة الخرطوم كلية الآداب ثم رئيساً لقسم اللغة العربية فيها. وتبوأ عمادة معهد الموسيقى والمسرح ثم إدارة معهد البروفيسور عبد الله الطيب للغة العربية بجامعة الخرطوم. وللواثق عدة أبحاث علمية مطبوعة، على رأسها أبحاثه في أوزان الدوبيت السوداني، وفن الدراما، والسيرة الذاتية لمحمد أحمد محجوب. كما أشرف على كثير من أبحاث الماجستير والدكتوراه. وامتد نشاطه الواسع ليتصل بوسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة للمحاضرات العامة التي يقدمها، ساهم مساهمة فاعلة في الكتاب الموسوعة (مختارات من الشعر العربي في القرن العشرين) الذي صدر عن مؤسسة جائزة البابطين للإبداع الشعري، وذلك عندما اختار نصوصاً لثلاثين شاعراً سودانياً مشفوعة بمقدمه طويلة حول الشعر السوداني والتعريف ببعض شعرائه. وصدر له في العام 1973 ديوانه المعروف (أم درمان تحتضر)، وله ديوان آخر يحمل اسم (الفارس الأعزل).


    💢ظل ديوان أم درمان تحتضر – رغم ما لقيه من نقد علامة فارقة في مسيرة الشعر العربي الأصيل في السودان، فهو كما قال عنه الكتاب: نخلة متينة الجذور، باسقة الطول، تكاد تلثم من ذيل السحاب بلا كدٍ وإجهاد، إن ألقيت عليها حجراً ألقت اليك ثمراً. هذا الشعر مازجه اللفظ الفحل والمعنى البكر المرفود بالموهبة الحقيقية والمعرفة العالية والعلم الغزير.

    💢فتصدى له عدد كبير من الأدباء والشعراء، بالرد نثراً وشعراً، وقد جاءت بعض ردودهم رصينة وموضوعية، وجاء بعضها قاسياً.
    كان الشاعر والمؤرخ الكبير الراحل التجاني عامر أول من رد على الواثق شعراً بقصيدة دافع فيها عن أم درمان وقال وهو يقدم لقصيدته هذه: (الدكتور محمد الواثق بمجموعته الشعرية - أم درمان تحتضر – سلح على رؤوسنا نحن أهالي أم درمان (الغبش) كلنا لا ننكر روعة التجربة المقدمة التي انضجت على الحيرة والقلق).

    💢أما الشاعر عادل حسن طه فعارض قصيدة أم درمان تحتضر بقصيدة جاءت بعنوان (أم درمان تزدهر):

    يا حبذا أنتِ يا ام درمانُ من بلدٍ
    من بيتِ عَالِمِهَا حتى مَعالمها
    شربتني غيماً لا ضَامَكِ القَدَرُ
    لفَّ الجهادُ بها واستشهدَ البشَرُ

    💢والشاعر السماني الشيخ الحفيان في ديوانه (ام درمان الحياة) عارض به ديوان أم درمان تحتضر قصيدة قصيدة وبيتاً بيتاً.

    💢ويقول البروفيسور صلاح الدين المليك: (إن قصيدة أم درمان تحتضر فيها شئ غير قليل من الكراهية والاحتقار ولا نود ان نبسط القول في هذا فقد يكون للشاعر ما يدعو لذلك).

    💢ويقول الأستاذ مصطفى محمد أحمد الصاوي في دراسته النقدية( قراءة في ديوان محمد الواثق أم درمان تحتضر):" إن الأقلام التي تناولت العمل سعت في الغالب الأعم لمحاكمة الشعر والشاعر، فقد مسَّ الأخير في ظنهم شرف مدينة أم درمان وعفتها، وخطل هذا الرأي يكمن في محاكمته للتجربة الفنية ورؤية الشاعر، وغاب عنهم أن العمل في مجمله إبداع تخيُّلي ورؤية فنية لا يشترط فيها تطابق مع الواقع بكل تفاصيله وجزئياته".

    💢إن الواثق أعطى لوطنه الكثير قبل أن ينتقل إلى جوار ربه في 20 إكتوبر 2014م ، وإن ما انتحاه الواثق من نهج أدبي جرئ أوقع طائفة كبيرة من المتلقين لشعره في دوامة من الاندهاش، إلا أن الحقيقة كما يراها كثيرون تكمن في أنه عمد إلى هذا المنحى في شعره ليجعل القصيدة تتحدث بلسان المجتمع، وتعكس آلامه وأحلامه، بلغة فصيحة سهلة بسيطة واضحة ، كما أنه في اعتقاد الكثيرين يتمنى أن يرى مدن السودان ترفل في أمجادها ، وأن يكون أهلها جميعاً أصحاب ثقافة وعلم منفتحين على ثقافة المحيط الإقليمي والعالمي .

    فالناظر لأشعاره الأخرى يدرك مدى حبه لوطنه وأهله:
    يا رحمتا للمستجيرِ النازحِ
    أتركتَ نهرَ النيلِ آزرَ نبته
    كم أطربتني في خمائلِ شَطِهِ
    كم قد تهادتْ في الأصائلِ دونه
    فإذا ندمتُ على فراقِ أليفِهِ
    تركَ البلادَ مُنقِباً عن رِزقِهِ
    يُسقى بكأسِ فواجعٍ وعلاقمِ
    طميٌ طَما من موجهِ المتلاطمِ
    قمريةٌ سَجعتْ لشدوِ حَمائمِ
    حورٌ تُرَجْرِجُ بَضَّ جِسمٍ ناعمِ
    ووريفِهِ ماكنتُ أول نادمِ
    في أرضِ عُرْبٍ - لايَني – وأعاجِم

    ونلحظ في قصيدة رثى بها والده مدى حنينه للوطن وأهله وهو في الغربة:
    أرتادُ أسبابَ الغِنى فَتُحِلُنِي
    أتركتَ نهرَ النيلِ يصدحُ طيرُه
    ضيفاً على لمعِ السرابِ الواهمِ
    وشَريتَ تَغْرِيداً ببخسِ دراهمِ
    وأبعد من ذلك أنه اتخذ شريكة حياته من أهالي المدينة فتزوج من أم درمان،

    وهو القائل:
    ولو شئت أملت في منصبٍ
    ولكنني شئت أن اعتلى
    يطيبُ به الظلُ والمأكلُ
    أحلق ما حلقَ الأجدلُ

    💢ولم يكتف بهجاء أمدرمان فحسب، فأحلام التغيير التي ينشدها الشاعر من خلال أسلوبه الشعري، والرمزية الكامنة بين طياته، جعلته يهجو العديد من مدن السودن:
    فقصيدته في كوستي قادته إلى الحبس ، وكان ذلك في نحو العام 1995م.:
    سُميتِ باسمِ غريبِ الدار نازِحها
    أورَثَها مِن طباعِ الرُومِ ألونةً
    فصارَ باخُوسُ ربِّ الخمرِ ربهمُ
    حتى كأنَّ أذانَ الفجرِ يبلغهم
    ما كان كوستي على قدرٍ من الشَرَفِ
    من الفسادِ تَراءتْ داخِلَ الغُرفِ
    ما بينَ مُنْهَمكٌ منهم ومُرتشِفِ
    حيَّ على الشُرْبِ في حانوتِ مُنْحَرِفِ
    قومٌ من الطيشِ لا تُرجى عقولهم
    إنَّ الإمامَ الذي عَادُوا جزيرتَهُ
    يخشى الزمان الذي قَدْ عادَ مُنقلباً
    أما تراني شددتُ الرحلَ مُنْصَرِفاً
    لا أقربُ الدارَ تَستعلي النساءُ بها
    كوستي الرديف تُرى بانتْ نَصيحَتُنا
    كأنما العقلَ فيهم صِِيغََ من خَزَفِ
    قد كانَ يَخشى على كوستي من التلَفِ
    فكانَ يخشى عليهم غصةُ الأسفِ
    أُحاذِرُ الناسَ في حِلي ومُنْصَرَفي
    ولا أقيمُ بدارِ اللهثِ واللهَفِ

    💢وعن توتي التي قال عنها:
    النيلُ يسعى لأمرٍ سوفَ يدركهُ
    والنيلُ لا ينثني إنْ جاشَ مُندفِعاً
    والنيلُ ماضٍ لوعدٍ أن يُطَهِرَها
    يَرَونَ حربَ قُدومِ النيلِ مأثرةٌ
    أَلهى أوائلهم عن كلِ مكرمةٍ
    قصيدةٌ لو أفاقوا ذاتَ توريةٍ
    فهل رأيت أناساً في غبائهم
    لله ربك سِرٌ في جزائرِه
    فَهلْ شَذى زِنْجِبَارَ في قُرنفُلِهَا
    أو شدو مُلهِمَةٍ غنّتْ لمُلْْهِمها
    لو كانَ رَبكَ يَرْضَى عن فِعالهم
    لا حاجزَ سيصدُ النيلَ يا تُوتي
    حتى يجاورُ في أرضِ المسَاليتِ
    سينجزُ الوعدَ يا تُوتي بتوقيتِ
    كأنما حاربوا في جيشِ طالوتِ
    قصيدةٌ للتجاني تُعجبُ النوتي
    فيها الحميرُ وتصياحُ الكتاكيتِ
    من وادي حلفا إلى غاباتِ توريتِ
    منها الشهيرُ ومنها خَافتُ الصِيتِ
    كَرَوثِ أبقارهم في الأرضِ مَفتوتِ
    كلغوِ خرتيتةٍ في إثرِ خِرْتِيتِ
    لصَوَّرَ اللهُ تُوتي مِثلَ هَاييتي

    فتصدى له ابن توتي الشاعر الدكتور الصديق عمر الصديق بقصيدة ، قال فيها :
    هَجوتَ تُوتي فَخُذْهَا اليومَ قافية
    فأعلم بأن قتال النيل مأثرة
    ثُر أيها النيل إن الوعد منتظر
    إن أزبد النيلُ أوجاشتْ غواربه
    قد حازت الشرف العالي أوائلنا
    وبات يحسدنا قوم لأن لنا
    أما التجاني لما قال قافيةً
    شاقته توتي بحسنٍ لا نظير له
    شتان بين بلاد في قرنفلها
    وبين توتي وقد صانت محارمها
    لن تبلغ النية الشوهاء مبلغنا
    ان الجزائر لا ترقى لهامتنا
    أوحي إليّ بها شيخُ العفاريتِ
    أعيت رجالاً وجوماً كالمباهيتِ
    لن يخزي الله في يوم الوغى توتي
    ذاق الهزيمة من صدٍ وتشتيتِ
    فليس حبلهم منا بمد توتي
    فخراً عظيماً ومجداً ذائع الصيتِ
    تحكي شعور فؤادٍ منه مبهوتِ
    كأنما اشتُق منه سحر هاروتِ
    لم ينجها حسنها من بطشِ طاغوتِ
    رجالُ صِدقٍ من الصِيدِ المصَاليتِ
    حتى وإن غنمت أسلاب جالوتِ
    لا صَيَّرَ اللهُ توتي مِثلَ هَاييتي

    وتصدى له أيضاً شاعر توتي مصطفى طيب الأسماء ورد عليه بقصيدة لا أذكرها الآن .

    💢ولم تسلم مدينة كسلا الوريفة عنده من صوت الهجاء والذم:
    ماذا تقولُ لقومٍ من كسالتهم
    أوشيكَ أشعثَ مُغبَرٌ له ودكٌ
    إذا هممت لمجدٍ كان همهمُ
    التاكا اسمى من التوباد عندهم
    سَمَّوا مدينتَهُم يا أُختنا كسلا
    لو فاض بالقرب منه القاش ما اغتسلا
    البُن والتمر والتمباك والعَسلا
    وست مريم حاكت فيهم الرسلا

    فتصدى له عدد من الشعراء نذكر منهم الشاعر اللواء أبوقرون عبدالله أبوقرون الذي دافع عن كسلا بشعر بعد أن سقطت عليها أشعار الواثق كحجارة من سجيل ، قال فيها:
    إني أقولُ لقومٍ من بسالتِهم
    (تاماي) تعرفهم (هندوب) تذكرهم
    شُعْثٌ شعورهم سُمْرٌ وجوههم
    سَلْ كَبْلََنا عن قصيدٍ قالَه طرباً
    إذا رأيت سماء الشرق صافية
    إذا رأيت أسود الشرق نائمة
    يغدو صغيرهم يوم الوغى بطلا
    ما فرّ فارسهم يوماً وما انخذلا
    بيِضٌ سيوفهم سَلْ عنهموا كسلا
    وسَلْ جرهام وسل مصطفى الهدلا
    أيقن بأن هميلَ المُزْنِ قد نزلا
    لا تحسبن نومها يا واثق كسلا

    💢وفي العام 1999م يقول محمد الواثق عن وادي حلفا :
    لو كانَ فيكِ رِجالٌ يُستضاءُ بهم
    إذا ذكرتُ الصبا حنت لصورتها
    وعادني جبل الصديق أذكره
    معاِلمٌ لو مفيض الدمعِ من شيمي
    ماذا تقولين يا (إشكيت) في نفرٍ
    تبدلوا بعد صنوان النخيل بها
    تسعى الثعابين في أنحائها فِرَقاً
    خانوا العهود فيسموا الضيم يلزمهم
    أَحْبِبْ بأوشيك رغم الجهد ضافهم
    ماذا وجدتِ بقاعِ النيلِ يا حلفا
    فيا عروساً مضى لليمِ موكبها
    كم راود النيل في الشطآن غادته
    فإن طوى النيلُ في أعماقِه حلفا
    لما مكثتِ بقاعِ النيلِ يا حلفَا
    (أرقين) والمسجد المعمور والمرفَا
    احتار في آيتيه الكهف والكفَا
    إذن جعلت دموعي دونها وقفَا
    باعوا حماكِ وخَانوا العهدَ والعُرفَا
    أرضاً تَناثرَ فيها السدر والطرفَا
    إذا دوى الرعدُ في أرجائها قصفَا
    لا يملكون له عدلاً ولا صرفَا
    وصارَ في أرضِهم من بعدِهم ضيفاَ
    تلك العرائس تُلقى عنده زُلفى
    حارت نفرتيتي في أعطافِها وصفَا
    لكنه عاشقٌ قد يُضمر الحتفَا!

    💢ويستمر قطار الهجاء للمدن السودانية لديه، فيمر بمدينة الحصاحيصا:
    لولا العُلا لم تجب بي ما أجوب بها
    أقول للحصاحيصا إذا مررت بها
    غادرتها وطريق الموت تحففه
    حتى توجهت والأقدار ماثلة
    قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم
    شحت ببولتها وهو السماد لهم
    💢ويتوقف قطار الهجاء بودمدني من نفس قصيدته السابقة:
    وجناءُ حرْفٍ ولا بصات ودمدني
    آويتِ من طردتِ يا بؤرة العفنِ
    قرى الملاريا حذاء الجدول العطنِ
    لمعشر زعموهم سلة الوطنِ
    قالوا لأمهم بولي على القطنِ
    بئس السماد وبئس القطن يا مدني

    💢فيا ترى إن كان على قيد الحياة ، فماذا كان هو قائل عن أمدرمان اليوم، بعد قوله هذا:
    سمعت صوتا دفينا كنت أحذره
    يقول إذ هدّت الأعناب أوصالي
    بدّلت لندن بام درمان تلزمها
    بدّلت زهر الربا بالسدر و الضال

    💢وأخيراً نقول : يقال إن الأصمعي سأل أحد الأعراب من بني عامر عن مجنون ليلى، فقال له الأعرابي: عن أيهم تسأل؟
    ولأنه من المستبعد أن يكون جميع شعراء بني عامر قد هاموا بليلى العامرية، ومن المستبعد أيضًا أن تكون كل فتيات بني عامر اسمهنّ ليلى؛ فقد قال العرب "إن كلًا يغني على ليلاه"، أيّ على ما يهجس فيه ويؤرقه.
    فالشاعر الدكتور محمد الواثق هجا أمدرمان وهجا العديد من المدن السودانية ، فكل فسر على هواه ، وللشاعر بلا شك تفسير آخر لم يبح به لأحد.

    تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ،،،،،























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de