إجراءات..إجراءات..إجراءات كتبه د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 02:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-24-2023, 03:48 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2506

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إجراءات..إجراءات..إجراءات كتبه د.أمل الكردفاني

    02:48 PM November, 24 2023

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    في الجامعة كنت أكره المواد الإجرائية، بعد أن تخرجت اكتشفت أن الحياة كلها إجراءات، فلا تهم الفلسفات ولا النظريات ولا المنطق، بل تهم الإجراءات. وإذ تأملت حياتي وحياة البشر وجدت أنها مؤسسة على الإجراءات، إن الطقوس ليست سوى إجراءات، وقد تخترع بعض الأديان طقوساً شديدة التعقيد كي تنال قبول البشر، وحياة الإنسان (كشخص قانوني) تبدأ بالإجراءات منذ ميلاده (استخراج شهادة ميلاده)، وتنتهي بإجراء (استخراج شهادة وفاته)، وما بين إجراءات الحياة والموت هناك إجراءات المعاش الذي يهرول فيه الإنسان في دربه الواحد من المنبع إلى المصب، محاولاً البحث عن معناه داخل إجراءات مختلفة، فالزواج كعلاقة إنسانية يمكن أن تتم فقط بتلاقي الإيجاب والقبول مع شاهدين (وهذه أيضاً إجراءات) ولكن الأمر يحتاج لأكثر من ذلك ؛ فهناك المزيد من الإجراءات. وكما يقول المرحوم أحمد فؤاد نجم (كل الحياة ورق). والورق هنا هو توثيق للإجراءات. فالإجراءات تلعب أدواراً نفسية وقانونية. النفسية (كالطقوس واجراءات الزواج..الخ) لتؤكد للنفس الإنسانية جدية المعنى الذي يحاول اكتسابه عبر الموضوع، أما الإجراءات كأداة قانونية، فهي لأن هناك قناعة عند الإنسان بأنه يحتاج لتوثيق حقوقه عبر الإجراءات. وتستهلك الإجراءات ملايين الأوراق في دولاب الخدمة المدنية والمؤسسات الخاصة. وملايين الموظفين ليتعاملوا مع التوثيقات الورقية.
    ظللت أكره الإجراءات، حتى أنني أحلم بأن أمتلك مزرعة (عبر عملية إجرائية) وشراء خراف ودجاج (عبر عملية إجرائية) وتربية المواشي (عبر عمليات إجرائية) لأهرب من المزيد من الإجراءات. ولكن.
    يخلق الإنسان روتيناً إجرائياً حتى لا يعتبره الآخرون (صايع وضايع)، ويبحث عن المال لكي يرتاح من تلك الإجراءات الروتينية، ولكن هيهات. البارحة شاهدت فيلما لتاجر مجوهرات يهودي، وهو يحاول بقدر الإمكان تجاوز انهيار حياته العملية والزوجية عبر القيام بعمليات يجازف فيها بكل شيء عبر المقامرة والرهانات، ولكنه يخسر باستمرار، كان يبحث عن (الضربة الكبرى) وفي مقامرة أخيرة كبرى راهن فيها بآلاف الدولار ليكسب أكثر من مليون دولار نجح في المراهنة على فريق كرة سلة، لكن الدائنين الذين كان يسوف في إعادة اموالهم إليهم قتلوه ونهبوا محله. فقد جاء الانتصار في المجازفة بعد فوات الأوان. كان "هوارد" يقامر بكل ما يملك لكي يرتاح، وقد ارتاح بالفعل. هناك شعوبٌ هكذا، ليس لديها الصبر على الإجراءات لذلك فإنها تغامر، ففي الوقت الذي تعمل فيه شعوب بأيديها وأرجلها من أجل النجاة كالشعب المصري والصيني والهندي، سنجد الشعب السوداني لا يميل إلى اتباع الإجراءات التي تفرضها قوانين الدولة ولا حتى قوانين الطبيعة، إنه شعب قليل العمل واتكالي، وهو داخل محيط الإتكالية الآمن يبحث عن (الضربة الكبرى)، لقد تحول إلى شعب لا يؤمن بفكرة الإجراءات الروتينية، ولا العمل الجاد، ولا تطوير مهاراته الحرفية والعلمية، بل وأصبح المناخ كله مناخاً يمجد النصب والاحتيال والاسترزاق عبر أسهل شيء وهو ممارسة السياسية. إنه شعب بلا رسوخ، شعب يقف على سطح المفاهيم. ولذلك كانت قابلية سقوطه كبيرة وحدث سقوطه بالفعل بسهولة أكبر. ففي مصر مثلاً يعمل الجميع، الصبي منذ الخامسة من عمره يذهب لتعلم صنعة، والرجل يبلغ الثمانين من عمره وهو يعمل في (كاره الذي تعلمه من أبيه وجده وجد أبيه)، والهندي والصيني بل وحتى الأوروبيين البيض لم يبلغوا الرفاهية إلا بعد قرون من العمل الشاق والمعاناة. ولذلك سنجد السودانيين في أوروبا هم الأقل انتاجية، إنهم في الواقع (رمتالة) يعتمدون على الدعم الاجتماعي، ويتكتلون في تجمعات ثقيلة الظل على المجتمعات الأخرى الأكثر فعالية. وعندما نشبت الحرب، وجد أهلهم الذين يعيشون في السودان وجدوا أنفسهم بلا حرفة ولا صنعة، ولا يملكون أي أدوات للنجاة. في حين أن الحرب عندما نشبت في سوريا وتفرق السوريون في أمصار العالم، شرعوا في العمل فوراً بل ونافسوا أهالي تلك البلاد، فكل شيء، كل مهنة، كل حرفة بما فيها الجريمة كانت مؤسسة على خبرات تراكمية قديمة ومتوارثة. أما السودانيون فذهبوا إلى دول العالم، فإما اعتمدوا على الدعم الاجتماعي أو على أعمال هامشية فرضتها عليهم مجتمعات لا تعرف الاتكالية، لأن من لا يعمل يموت (تحت السلم).
    نعم، أنا كرهت الإجراءات، وهذا من انتقال ثقافة القطيع إلى عقلي. فأنت عندما تعيش مع قطاع الطرق ستكون ثقافتك هي ثقافة قطاع الطرق، وعندما تعيش مع الصينيين الذين يعملون كثيران الحقل، فستصبح ثور حقل. وعندما تعيش مع مجتمعات تهدم كل قيمة للإجراءات القانونية فستستاء من كل الإجراءات. وأعتقد أن الشعب الشمال سوداني هو من علم الشعوب الأخرى تلك النزعة نحو كره العمل المؤسس بالتجويد، ونقل إليهم ثقافة القفز بالزانة كهوارد اليهودي، وفي النهاية، ها هي الرصاصة تنطلق لتثقب جمجمته في لحظة نصره الأخير.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de