يخيل لي أن الله _ جل شأنه _عندما شاء لهذه البقعة المطهرة من أرض البشر ان تنبت النبوات ، وأن تصدح في أرجائها أصداء الرسالات السماوية السامية، شاء الله أن يجعل أمتنا العربية مالكة لهذه الأرض المقدسة، حامية لها، وكتب الله جل شأنه على أمتنا أن تدفع ثمن ذلك الامتياز العظيم بدلا غاليا من حر دمها ، تسقي به تربة فلسطين الطاهرة ، من دمها المظلوم ، يريقه في كل مرة ذؤبان معتدون تغريهم بها مطامع وشهوات، ويسوقهم إليها تعصب أعمى!
إن مأساة فلسطين اليوم عشناها، أو عاشها أكثرنا بكل دفقة من دمائه وبكل رجفة من أعصابه، وقل من لم يسهم في البكاء على فلسطين البلد العربي الشهيد، أو في مواساة المنكوبين، أو في بث روح الصبر والمقاومة والعزيمة للنضال.
وما شاهدناه اليوم من تلاحم شعبي في كل بقاع الدنيا لهو دليل واضح لوعي الشعوب العربية جميعا بالقضية الفلسطينية، ولوعيهم أن وراء المأساة في فلسطين ليس الاستعمار والصهيونية وحدهما، فهناك الغدر والخيانة والمطامع والأهواء ، من معظم حكام وأمراء وملوك العرب!
إننا اليوم أمام خيانة جديدة من أولئك الحكام والأمراء ؛ خيانة عظمى تسعى الي تصفية القضية الفلسطينية بأبخس الأثمان ، لقد أجزموا أن الشعب الفلسطيني ميت لا محال فسارعوا لإرسال هذه الكميات الكبيرة من الأكفان بدلا عن العتاد والرجال والطعام والدواء!!
إن مأساتنا في فلسطين قد كشفت للشعوب العربية والإسلامية مدى التآمر ، ومدى التكالب عبر كل النكبات ، منذ أن كتب وعد بلفور صفحاتها الأولى، وما يزال التآمر إلى اليوم في تضخم مستمر، وكلما تضخم التآمر ازدادت ملحمة الدم العربي في فلسطين غنى واتساعا.
فلسطين قضية كل عربي وقضية كل مسلم ومسيحي غيور وشجاع ، والقدس فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين، فإن التخلي عنها خيانة عظمى للمقدسات وللأرض وللإنسانية جمعاء .
إن اهل فلسطين ولا سيما في غزة اليوم قد قطع عنهم الماء والغذاء والدواء وهدمت منازلهم على رؤوس ساكنيها، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، قتل الصغير قبل الكبير ، والجميع ينادي، أين العرب !؟ أين أمة الإسلام!؟ أين الحكام والأمراء!؟ أين الملوك والزعماء!؟
لقد أراق اليهود النازيون الدم العربي المظلوم، وتفطرت قلوب الشعوب الأبية وسالت دموعهم في كل مكان، إلا هؤلاء الملوك والحكام لم يرتعش وجدانهم، ولم ينطلق منهم فعل يوازي شناعة النكبة !
ديار السلام وأرض الهنا يشق على الكل أن تحزنا فخطب فلسطين خطب العلا وما كان رزء العلا هينا وكيف تطيب الحياة لقوم تسد عليهم دروب المنى "أبوماضي"
إن ما يتعرض له الفلسطينيون اليوم يجب أن يكون نقطة انعطاف كبرى في يقظة الأمة العربية ، والجميع مدعو إلى إن يسهم ويشارك في تعبئة الفكر والوجدان الشعبي ويساعد على نشر الوعي وتكامله، فلا نهاية للمأساة بدون إقامة مجتمع متماسك وتعميق لروح النضال، فإن ليل المأساة ينتظر الفجر، وإنه لقريب، وقد لاحت تباشيره بطوفان الأقصى. يقول الله تعالى في كتابه العزيز ، وقوله الحق: ﴿ لَنْ يَضُرُّوُكُمْ إِلاَّ أَذَىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ﴾
اللهم إنا أستودعناك قطاع غزة وأهله ، وأهل المقدس وكُل فلسطين، اللهم كُن لهم عونًا، اللهم إنا لا نملكُ لفلسطين إلا الدُعاء فيارب لا تردّ لنا دعاء ولا تخيب لنا رجاء وأنت أرحم الراحمين. اللهم أنصر ضعفهم فإنهم ليس لهم سِواك. Screenshot_٢٠٢٣١١١٦-٠٩١٠٤٦_Facebook.jpg
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة