لستة أشهر أو أكثر ظلت عشرات الأصوات الصادقة المحبة ، والتي يمتلك أصحابها حسن التوقع ، وبعد النظر ، تنادي بتحييد كبري شمبات باي طريقة كانت ، ولكن قيادة الجيش بقت على صمتها ، تستمع لتلك المطالب دون أن تقدم على أي فعل ، برغم كل المبررات التي كنا نسوقها ، ويسوقها اولئك المخلصلون الحادبون على أمن السودان ، واستقراره ، فذلك الكبري كان يمثل شريان الحياة للمتمردين ، ولقواتهم الباطشة في الامداد ، وفي سهولة الحركة بين بحري ، وامدرمان ، ويمثل الطريق الآمن لهم للتجمع لشن الهجمات فهم يعملون – كما هومعروف للجميع - باستراتيجية الفزع ، التي تستند على استعانة بعضهم ببعض ، لشن الهجمات على مواقع ، ومعسكرات القوات المسلحة ، وتحييد الكبري كان سيقلل من فاعلية تلك الاستراتيجية ، بل كان سيجعلها عديمة الجدوى وكان المتمردون سيخسرون الكثير من عدتهم ، ومن عتادتهم ، وربما لكانوا قد انهزموا في أمدرمان ، أو في بحري منذ وقت طويل . كان تجاهل القيادة لذلك المطلب الملح يزعجنا جميعا ، ولكننا كنا نقول دائما أن القيادة أدرى ، وأنها ترى الصورة كاملة واننا لانرى الا جزءً منها ، وربما لذلك السبب ترى ما لا نراه ، ولذلك هي تتفادى الحاق الضرر بذلك الكبري البالغ الاهمية ، لاسباب استراتيجة ، أو لوجستية ، او فنية ، ولكن إن كان السبب كما ذكر الكثيرون اخيراً هو فقط محاولة تفادي الحاق الضرر بالبنى التحتية ذات القيمة العالية ، والنفع الكبير والتي تحتاج للكثير من الجهد و الوقت في المستقبل من اجل اعادة بنائها فاننا نقول ان تقديرات القيادة كانت خاطئة لابعد حد ، فالخسائر المادية ، والبشرية التي حدثت بسبب ترك ذلك الكبري يعمل طوال تلك الشهور كانت أكثر بكثير من كلفة انشائه من جديد ، ورغم ذلك ها نحن أخيراً نخسره بعد أن استفاد منه التمرد كل ذلك الوقت ، وبعد أن تكبدنا بسبب بقائه الكثير جدا من الخسائر في الارواح ، والاموال ، والمعدات ، وهذا احد الامثلة الواضحة على التردد وعلى التأخير في إتخاذ القرارات الهامة ، ومثله التردد الذي حدث في تسمية الدول المشاركة ، والداعمة ، لما يحدث في السودان من دمار ، ومن جرائم ، يندى لها جبين الانسانية ان كان لانسانية اليوم جبين. لقد جلس البرهان في الرياض ، وتحدث عن دول الاقليم ، والعالم التي تدعم التمرد بالمال ، وبالسلاح وبالمرتزقة ، وبكل ما تستطيع لتدمير السودان ، دولا يعرفها الكل ، وتكتب عنها صحف العالم ، ولكن البرهان لم يسميها باسمائها مجاراة لما يسمى بالدبلوماسية ، وكان الاوجب ، والاصح ، والأكثر فاعلية أن يسمى تلك الدول صراحة ، وأن يعلن قطع اي علاقات معها على الفور ، وأن يقول بالحرف الواحد أننا سنرد لها الصاع صاعين ، واننا سنجعلها تدفع الثمن غاليا ، واننا سنضطرب مصالحها في كل مكان ، كان على البرهان وعلى القيادة ان تتخذ تلك قرارا التصريح باسماء تلك الانظمة قبل ذهاب البرهان الى تلك القمة. ما فعله البرهان وهو يحدث رؤساء الدول في قمة الرياض عن داعمي التمرد الذي أحرق الجامعات ، والمتاحف ، والسجلات ، من اجل حرق الهوية الوطنية لهذه الدولة ، هو تردد وتاخرآخر في اتخاذ القرار ، يشبه التردد والتاخر الذي حدث بشان كبري شمبات الذي خسره السودان بعدما خدم اعدائه لسبعة أشهر كاملة فالبرهان سيجد نفسه في نهاية المطاف ، مضطراً لتسمية تلك الانظمة - التي يقول انه يملك الادلة الدامغة والبراهين الساطعة على تورطها - باسمائها ولقطع العلاقات معها لان تلك الانظمة ( الاصيل منها والعميل ) لن تتوقف عن السعي لتدمير السودان ، ولترميم جسد الدعم السريع كلما اهترأ ، طالما ان دولتنا تتعامل معها بتلك ( الحنية ) وبتلك اللغة الدبلوماسية الباردة . ان العالم الذي نعيش فيه اليوم ، العالم الذي يتفرج على أهل غزة في الارض المحتلة وهم يبادون اطفالا ونساءً ، وشيوخاً من قبل المحتل ، العالم الذي يدعم اسرائيل الدولة الغاصبة ، ضد صاحب الارض المظلوم ، العالم الذي تحتكر مؤسساته الدولية ، و قرارتها ، دول الغرب الكافرة ، الظالمة ، التي تحصل على مصالحها ، على حساب الشعوب المستضفعة ، بالحصار ، وبالتجويع ، وبدعم الطغاة ، وبنهب الثروات ، العالم الغربي الذي يحارب الاسلام صراحة ، ويسعى للقضاء على كل ما ومن له صلة بالاسلام هو عالم يتلاعب بكل الانظمة الغير خاضعة ، وغير متجاوبة مع ما يريد ( ويقوم بعمل الالاف من الكباري بين انظمتها الحاكمة وبين الخونة من ابنائها دون ان تشعرتلك الانظمة ) وهو عالم يضحك في سره من مواقف الكثير من رؤسانا العرب الذين لا زالون يبتلعون بارادتهم او رغما عنهم طعم الهيئات والمؤسسات الاممية ويصدق نفاق الامم المنتحرة وشقيقاتها . إن أنظمة تجرأت على تدمير دولتنا ، وعلى دعم قوة اغتصبت حرائرنا ، وانتهكت حرماتنا ، واحتلت بيوتنا علينا أن نسميها بكل جراة ، وعلينا ان ننفهمها في كل صراحة ، وشجاعة ، وقوة اننا لن نترك فرصة تسنح الا وسننال منها فيها ونكبدها من الخسائر اكثر مما كبتدنا . ان المطلوب الان هو الاستماع ، والانصات لما يقوله المحللون الوطنيون ، ودراسته ، واتخاذ القرارات بناء على ما يشيرون به ، دون تاخير متى ما تبين ان فيه المصلحة ، إن على القيادة أن تستعين في هذه المرحلة بكل أصحاب التجربة ، والخبرة ، والتخصص ،عليها ان تستشير كل من يمكنه ان يساهم في انهاء هذه المعركة ، وكل من يستطيع ان يتعامل مع الدول الداعمة لهذه المليشيا ، ومع دول العالم بفاعلية وبحنكة ايا كان اتجاهه ، او انتمائه ، دون خوف ، أو تردد ، فهم ونحن جميعا أبناء هذا الوطن ، الذي يواجه الان مسالة البقاء او الشتات ، وعندما ننال النصر المؤزر ، ونخرج العدو من أرضنا ، يمكن لقيادة الجيش وقتها ان تحتكر كل شي ، وأن تفعل ما تراه مناسبا ، وسنرفع لها قبعات التجلة والاحترام . لقد عجزت اسرائيل ومن أمامها الامارات عن تحقيق أي هدف من أهداف الحرب التي أشعلها الدعم السريع - مخلب القط وناب الثعلب وسن الافعى - ولقد يئسا معا من تحقيق ايا من تلك الاهداف في المستقبل فالشهور تمضي ، و التكلفة تزداد ، ولا امل في السيطرة على الخرطوم بعد ان تحطمت الالة العسكرية وقتل القادة الميدانيين ، وفر الرعاة السياسيين ، لقد شعرا بوتيرة الضغوط تزداد على قيادة الجيش السوداني من اجل القيام بعملية واسعة - مهما كانت تكلفتها - حتى تنهي هذه الحرب ، وتغسل العار الذي لحق بشعب السودان ، وبترابه ، وان الوضع الذي عليه الخرطوم الان لن يستمر طويلاً - فمعسكرات المستنفرين تزداد كل صباح – والتواقين للدخول الى أتون المعركة بالملايين - ففكرا في خطة بديلة فخطط الاستيلاء على مدن دارفور بشن الهجمات الواسعة عليها ، لم تكن اقل كلفة ، ولا اكثر فائدة من عمليات الخرطوم فلجؤا الى الحل الاخير، فلتسابق قيادة الجيش ، ولتسارع للحفاظ على ما بقى من بنية تحتية بالسيطرة عليها مهما كانت التكلفة ، وبطرد المتمرد المحتل منها ، فهو سيدمرها ساعة فراغه منها ، أو ياسه من منفعتها او فائدتها له . لقد قلنا مراراً ، وتكراراً أنّ هذه المعركة طريقها واحد ، وأن الشعب السوداني – خلا الخونة والحاقدين – ينتظر نتيجة واحدة ، وهي الانتصار الكامل ، ولو تكالبت علينا أمم الدنيا باسرها ، ولو خسرنا نصف شباب هذا الوطن فهي قبل كل شيء معركة كرامة واستعادة شرف ، لكن البرهان الذي يريد أن يرضي قحط ويريد ان يرضي المجتمع الدولي ، ويريد ان يرضي الحكومات العربية ، لا يريد ان يفهم ان المجمتع الدولي يتامر عليه وانه لا يسعى ، ولن يسعى لحل المشكلة ، وانما يسعى فقط لايجاد سبيل لابقاء الدعم السريع كجسم ، وككيان ، ولاعادة قحط كواجهة ، فهو يعلم انه عن طريق اولئك فقط وامثالهم يستطيع ان يصل الى ما يريد في السودان ، ومن بقاء خيوط اللعبة بين اصابعه . وأن الدول العربية ليس بيدها شيء وانها رضيت ام ابيت ستفعل ما يراد منها ، فلا فائدة من ارضائها ، ولا خسارة من سخطها ، وان الجهة الوحيدة التي على البرهان ان يتكيء ويستند عليها هي شعبه الصبور وشبابه المغوار .
نصر الله السودان وغزة وكل حر شريف يقاتل من أجل دينه ، وارضه ، وعرضه ، وخزل كل خائن وعميل ، يبيع شرفه وأرض اجداده ودين ابائه . بهاء جميل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بهاء جميل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست