* تحدثت الحلقة السابقة عن إشارة صحيفة ( الخليج أونلاين) إلى مكوث ياسر عرمان في أبوظبي لنحو أسبوعين.. وفي تقديري أن مكوثه كل تلك المدة كان كافياً للتخطيط الذي ذكرته في مقالات نشرها موقع سودانيز أونلاين ومواقع أخرى عن اجتماع تم في أبوظبي بين الإماراتيين و مالك عقار و ياسر عرمان بتاريخ ١٩ أبريل ٣٠١٩، تحت (رعاية) جهاز الأمن والمخابرات الوطني الإماراتي.. وتم تسريب مداولاته، و وصلت إليَّ التسريبات دون أن أبحث عنها.. وأسميت المقال ب(السواهي التي وراء الدواهي).. أقتطف منه التالي:- "" اجتماع بين الإماراتيين و مالك عقار و ياسر عرمان بتاريخ 19 أبريل 2019 في أبوظبي، تحت (رعاية) جهاز الامن والمخابرات الوطني الإماراتي.. وتم تسريب مداولاته، و وصلت إلينا أدق تفاصيل المداولات، دون أن نبحث عنها.. فكان وصولها مصداقاً لقول الشاعر طرفة بن العبد: " ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً.. ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تزوِّدِ ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ له بَتاتاً ولم تَضْربْ له ظهرَ مَوْعدِ!" - و قد كشفت مداولات ذلك الاجتماع أن الحركة الشعبية- جناح عقار- تَدَجَنت إماراتيا سلفاً.. ومنذ تدجينها توَّلت مهمة تدجين حركات وأحزاب (قوى نداء السودان)، إماراتياً كذلك.. فصارت كتلة نداء السودان كلها حصان طروادة إماراتي في قلب (قوى الحرية و التغيير).. و أحدثت الكتلة من التصدعات ما أبطأ قوة دفع الثورة قُدماً نحو أهدافها المعلنة..
- و يفاخر ياسر عرمان بمتانة العلاقة بين قوى نداء السودان و المجلس العسكري ، أمام الإماراتيين في الإجتماع المذكور، قائلاً:- " لا توجد خلافات بين المجلس العسكري ونداء السودان!".. - كان عرمان مملوءاً ثقةً بأن كتلة نداء السودان تمالئ المجلس العسكري في كل ما يصدر من المجلس، رغم أن كتلة (نداء السودان) إحدى الكُتَل المكونة لقوى الحرية و التغيير (قحت)، بينما كان الصراع على أشده بين قحت والمجلس العسكري حينذاك!! - لن أفسر هذا التناقض أكثر .. و عليك ألا تقَصِّر، أيها القرئ الكريم، فقط عُد بذاكرتك إلى تلك الأيام الكالحة سواد أفعال المجلس العسكري فيها و محاولاته النشطة لإفراغ الثورة من أهدافها.. - وقد نجحت الإمارات في إصدار (تعليماتها) للمجلس العسكري ل(طبخ) الوثيقة الدستورية بالصورة الشائهة التي جعلت كلمة العسكر هي العليا.. وتلت تلك (الطبخة) (طبخات) أخرى حولت (مسار) الثورة السودانية للسلام إلى (مسارات) ملتوية في جوبا وفي الخرطوم.. مسارات مكتوبٌ في نهاياتها: الطريق مسدود! Deadend! Impasse!
- و إليك بعض النقاط المنقولة من محضر اجتماع أبوظبي بين الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال – جناح عقار- و الوساطة الإماراتية لعملية السلام المرسوم بعناية:- * مكتوب على ترويسة محضر الاجتماع: (جهاز الامن والمخابرات الوطني ادارة المخابرات الخارجية) * ومكتوب في المتن:- "" محضر مداولات اجتماع قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، الوساطة الإماراتية لعملية السلام في السودان، المنعقد بمكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 19/4/2019 – الحضور:- دكتور: انور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الامارات العربية المتحدة فريق أمن : طه عثمان الحسين مبعوث صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز و مستشار المملكة العربية السعودية للشؤون الافريقية الفريق: مالك عقار رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الفريق : ياسر سعيد عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال العقيد: محمد يوسف شاكر دحلان مستشار الشؤون الامنيه لصاحب السمو الشيخ آل نهيان ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد آل نهيان"" * كان قرقاش يعلم ما يطمح إليه مالك عقار و عرمان، بينما عقار وعرمان يعتقدان أنهما يعلمان ما يريده قرقاش منهما، فصار الجانبان يتبادلان الوعود بتبادل المنافع.. * إستهل انور قرقاش المداولات بنقل سلام وتبريكات محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وعميق تقديره لشخص عقار وعرمان للإنجازات التي حققتها حركتهما مع شركائهما في قوي اعلان الحرية والتغيير بقيادة الاحتجاجات واسقاط حكم البشير، ما يجعل الحركة الشعبية من الشركاء الأساسيين مع القوات المسلحة والامارات و المملكة السعودية ومصر في دعم قضايا الامن على الساحة الداخلية للسودان.. * وقال قرقاش أن الأمير محمد بن زايد (يطلب) منهما ان (تضع) الحركة الشعبية لتحرير السودان تصورا متكاملاً عن كيفية الخروج من الوضع المعقد في جنوب كردفان والنيل الازرق. وأن قضية المنطقتين مرتبطة بالتدخلات الخارجية لعدة اسباب، منها الصراع علي مياه النيل، مما ادي الي تدخل خبيث من بعض الدول التي تحاول ان يكون لها موطئ قدم في المنطقة..... وأن الموارد الطبيعية التي تذخر بها جنوب كردفان والنيل االزرق كافية لسد احتياجات الوطن العربي والسودان. * وقال فرقاش إن الامارات والمملكة العربية ومصر علي استعداد لمساعدة قيادات الحركات المسلحة وتوفير الضمانات والأمن الشخصي لهم للجلوس مع المجلس العسكري واجراء المشاورات والحوار حول مشاركة الحركات المسلحة في السلطة ، ووضعية قواتها وكيفية دمجها وتسريحها...
* و قد ألمح قرقاش، منذ البداية، إلى أن دولة الإمارات والسعودية ومصر ((شركاء اساسيين)) في الثورة، مثلهم مثل الحركة الشعبية- جناح عقار.... وتحدث حديث المريب الذي بكاد يقول خذوني بإشارته إلى:- "...ارتباط قضية المنطقتين بالتدخلات الخارجية ، اقليمية ودولية لعدة اسباب، منها الصراع علي مياه النيل ، مما ادي الي تدخل خبيث من بعض الدول التي تحاول ان يكون لها موطئ قدم هناك.. وكل دولة تحاول استخدام الجيش الشعبي لتحقيق مكاسب ومصالح سياسية واقتصادية، و اصبحت الموارد الطبيعية أداة تستخدم لتبرير حالة الصراع السياسي...
* ما يثير الانتباه إسداء شكر قرقاش لمالك عقار وياسر عرمان لجعلهما لقاء الإماراتيين بحركات دارفور ممكناً! و هذا يعني أن علاقة الحركة الشعبية (جناح عقار) بالإمارات سبقت علاقة قوى نداء السودان بها.. * كان قرقاش يتحدث تلميحاً حيناً وتصريحاً أحياناً عن رغبات الامارات والسعودية ومصر وأطماعهم في السودان ( العربي الإسلامي).. و فهم مالك عقار و ياسر عرمان الكلام، فتحدثا، عندما أتى دورهما، عن ارتباط السودان بالاسلام و العروبة، وعن القومية العربية وتأمين احتياجات الدول العربية الغذائية و احتياجات مصر المائية..
* وقد شن مالك عقار هجوماً شرساً على عبدالعزيز الحلو الذي بزعم أنه سيطر على مقاليد الأمور في النيل الأزرق بإنقلاب، و أن الحلو ضد العروبة والاسلام.. وأن خطورته تكمن في مطالبته بالحكم الذاتي..
*ثم أكد عقار على موقف الحركة الشعبية الثابت تجاه بقاء القوات المسلحة في تحالف دعم الشرعية في اليمن (للدفاع عن امن الحرمين الشريفين).. كما أكد على تأمين الأمن الغذائي والاقتصادي... و زعم عقار أن رفض الحلو وقياداته لأي تقارب عربي سوداني سببه عداؤه للعرب.. وطلب من الإماراتيين أن تتحول استراتيجيتهم من استراتيجية وساطة الى استراتيجية ضغط على عبد العزيز الحلو ومجموعته بغرض الوصول الى سلام حقيقي ونهائي، حتى تتفادى المنطقة قيام دولة في النيل الأزرق و جنوب كردفان معادية للعرب والمسلمين، ومهددة للأمن القومي العربي والإسلامي..
* واعترف عقار بأن الحلو مازال يسيطر على مناطق شاسعة من الأراضي المحررة.. و أفرط عقار في الحديث عن تهديد عبدالعزيز الحلو لمنظومة الأمن القومي السوداني والمصري والعربي.. وبالغ في تذكير المجتمعين بأن بعض الدول تلعب دوراً جيواستراتيجي كبيراً سوف يؤثر بشكل سلبي على استقرار معادلة الأمن المائي والغذائي العربي....
* و على نفس الروي تحدث ياسر عرمان، مهاجماً ما زعمه توجهات عبدالعزيز الحلو الانفصالية.. و رآى عرمان الخطورة في تمَسُّك الحلو بقواته مع ارتفاع سقف مطالبه السياسية عالياً... وأشار إلى خطورة مبدأ تقريرالمصير والحكم الذاتي وتهديده للامن القومي العربي والاسلامي و المصري.. واكد ما ذهب إليه عقار حول وقوف الحركة الشعبية الى جانب (الإخوة) في دول الخليج ودعمهم في الحفاظ على امنهم واستقرارهم وعلى إبقاء القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في تحالف دعم الشرعية في اليمن، و أن السودان جزء من الأمة العربية والإسلامية ، وأن كل محاولات ابعاد السودان من محيطه العربي والإسلامي باءت بالفشل.. و صرح بعدم وجود خلافات بين المجلس العسكري ونداء السودان وقتها..
* قال عرمان هذا، بينما كان الخلاف وقتها في قمة اشتعاله بين قحت و المجلس العسكري،علماً بأن (نداء السودان) كان جزءاً من قحت والحركة؛ الشعبية (جناح عقار) كانت جزءاً من (نداء السودان)!
* و تحدث عرمان عن موقف عبد العزيز الحلو من المجلس العسكري ، و وحدة السودان ، وقضايا الأمة االعربية والإسلامية.. وأن الصراع على الموارد الطبيعيه والمياه مازال مستمرا.. و أن غالبية اراضي جنوب كردفان والنيل الازرق مازالت بكرة ، وبها ثروات لم تُستغل.. وأن نهر النيل الازرق يعتبر أهم شريان ورافد للمياه.. وأنهم عندما كانوا علي سدة قيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي كانوا حريصين علي عدم تعريض الأمن القومي العربي والمصر للخطر..
*وقال عرمان، أنهم في الحركة الشعبية، ابعدوا النيل الازرق من الصراع، وأنهم غادروا كابينة القيادة للحركة الشعبية والجيش الشعبي ،وانقسمت الحركة الشعبية إلى مجموعتين مختلفين في الأهداف.. وبقيت الحركة الشعبية والجيش الشعبي بقيادة الحلو تهيمنان علي الأراضي بالمنطقتين ،ونخشي من تجدد الحرب . * وكان هذا اعتراف من ياسر عرمان، تأكيداً لاعتراف عقار المذكور أعلاه بأن الحركة الشعبية (جناح عقار) لا تملك، حقيقةً، ما تفاوض الحكومة عليه لنحقيق السلام المنشود..
* وبكى عرمان على الماضي المفقود بقوله:- " ومن المؤثرات الحقيقية تغيير الفاعلين المؤثرين في المنطقتين و بروز قيادات مغمورة لم تكن من قيادات الحركة الشعبية في الصف الأول من أمثال عمار اموم السكرتير العام للحركة الشعبية واعضاء المكتب السياسي، واصبحوا من اللاعبين المؤثرين في قضية المنطقتين رغم انه ما عندهم معرفة بجذور المشكلة في المنطقتين ،مما ساهم في تراجع دورنا نحن"!
* و طالب، بإلحاح، بضرورة وجود "دور فعال لمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ممثلة في دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر والبحرين فى ادارة الأزمة السياسة في السودان عامة والمنطقتين خاصة، لايجاد مظلة عربية حقيقية وعمل عربى جماعى.."!!
* و ذكر عرمان أن "الدور العربى يجعل السودان تحت (حماية) حلف قوي ، مما يؤدي الي ابعاد الدور الإقليمي والدولي الساعى إلى تحقيق مصالح إقليمية ودولية معينة، وان دور السودان ومشاركته الدول العربية فى تحالف دعم الشرعية في اليمن تجعله مؤهلاً للمظلة العربية لتشكل طوق النجاة، ومنع أى تهديدات تواجه السودان مستقبلا. "
* ثم أكد عقار على موقف الحركة الشعبية الثابت تجاه بقاء القوات المسلحة في تحالف دعم الشرعية في اليمن (للدفاع عن امن الحرمين الشريفين).. كما أكد على تأمين الأمن الغذائي والاقتصادي... و أن رفض الحلو وقياداته لأي تقارب عربي سوداني سببه عداؤه للعرب.. وطلب من الإماراتيين أن تتحول استراتيجيتهم من استراتيجية وساطة الى استراتيجية ضغط على عبد العزيز الحلو ومجموعته بغرض الوصول الى سلام حقيقي ونهائي، حتى تتفادى المنطقة قيام دولة في النيل الأزرق و جنوب كردفان معادية للعرب والمسلمين، ومهددة للأمن القومي العربي والإسلامي..
* وفي الختام، جاءت القرارات بتكليف الإجتماع لياسر عرمان والقاتل المأجور، محمد دحلان، المستشار الأمني لمحمد بن زايد، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح، للعمل في السودان، والذي سوف نتحدث عنه لاحقاً كأخطبط يحركه محمد بن زايد لخنق الثورات في المنطقة!!
* هذا، وقد تكشف لي، بعد تقديم الإمارات لمبادرتها، وتقسيمها لمنطقة الفشقة، ورفض مالك عقار للمبادرة برمتها، أن مرامي عقار غير مرامي عرمان.. وأن مُناخ تفكير عقار غير ﻤُناخ تفكير عرمان، ويا للهول! __________________________ حاشية..... حاشية...... حاشية.....
- يبدو مما حصل بعد تولي مالك عقار عضوية مجلس السيادة، وتقديم الإمارات مبادرة حل الخلاف حول منطقة الفشقة، أن عقار كان يرمي من حديثه، في إجتماع ١٩ أبريل ٢٠١٩، إلى التعاون مع الإماراتيين تعاوناً منصفاً بحيث الكل يكسب (Win win game).. وحين جاءت المبادرة الإماراتية باقتراح تقسيم منطقة الفشقة بصورة لا يقبلها أي سوداني متمسك بتراب السودان، دون جور على التراب، أعلن مالك عقار، بالصوت العالي:- " ده كلام فارغ"! ورفض الاقتراح رفضاً غليظاً!
- أما ياسر عرمان، كبير مستشاري حمدوك، فكان مع الاقتراح، قلباً وقالباً، وكان وزير مجلس الوزراء، خالد سلك، أحد أشد المدافعين عن الإقتراح بإصرارخ على العمل بإتفاقية بعد عام 1972 حول الحدود.. وهي نفس الاتفاقية التي أعلن رئيس الوزراء آبي أحمد، في 18 أكتوبر 2018، عن أن أي اتفاق حول الحدود بين البلدين بعد 1972 يعتير لاغياً لا أثر له..
* وفي تقديري أن من الفشقة ظهرت بوادر شق الحركة الشعبية (جناح عقار) وبروز الحركه الشعبية ( جناح عرمان).. والله أعلم!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة