لم تمضي ايام علي مقتل يورجين قائد مجموعة (فاغنر) في حادثة تحطم طائرة في سماء موسكو حتي اتي الانتقام الروسي سريعا بتدبير انقلاب عسكري جديد في دولة الغابون و الذي سوف يكون امتداد لسلسة الانقلابات العسكرية التي اجتاحت الدول الافريقية التي كانت تدور في فلك فرنسا المستعمرة السابقة لتلك البلدان التي سادة فيها موجة من السخط الشعبي باتهام فرنسا بسرقة مواردها الطبيعية مثل اليورانيوم والذهب والغاز والذهب وغيرها من الثروات فتلك الشعوب تعيش في فقر مدقع مقابل حياة ارستقراطية لطبقة من الحكام الفاشلين تتحكم فيهم فرنسا تحت غطاء الديمقراطية التي تحولت الى تسلط واستبداد و اسرة ( بونغو) نموذج للفساد السياسي الافريقي فالغابون لم تعرف حكم ديمقراطي حقيقي منذ استقلالها عن فرنسا في العام 1960حيث كان أول رئيس للغابون هو ليون إمبا و عندما توفي في عام 1967 حلَّ مكانه عمر بونغو و الذي استمر رئيساً للدولة حتى وفاته عام 2009 و بعدها تولي علي بونغو الابن السلطة كان ما البلاد مملكة وليست جمهورية ولكن فات علي اسرة (بونغو) ان عهد خداع الشعوب قد مضي في ظل انتشار الوعي بالقضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية و كان تصميم الرئيس الغابوني علي بونغو المضي علي خطأ عمر بونغو الاب بالعمل علي فرض نفسه كالعادة عبر الانتخابات العامة لولاية ثالثة وعندما اعترض خصومه السياسيين علي نتائج الانتخابات حاول الرئيس علي بونغو استغلال السلطة بحجب الاتصالات لمنع اي تواصل جماهيري يعمل علي تحريك الجماهير الشعبية الغاضبة من نتائج الانتخابات و قبل ساعات من اعلان الرئيس علي بونغو عن فوزه المزعوم استيقظ العالم علي اخبار تفيد عن سيطرة الجيش الوطني الغابوني علي مقاليد الحكم والاطاحة باسرة ( بونغو) التي ظلت تحكم الغابون لفترة سبعة وخمسين عاماً
قد تكون خطوة الجيش الغابوني صادقة في تخليص بلادهم من اطول ديكتاتورية فاسدة عرفتها افريقيا و لكنها خطوة تخالف المبادي التي اجمعت عليها المواثيق الدولية بضرورة ان يكون التغير بالطرق السلمية مثل نزول الجماهير الي الشوارع مطالبين بحقوقهم المشروعة في ممارسة الديمقراطية علي اسس حقيقية و ليست عن طريق التدليس والخداع ومن حق الجماهير حينها المطالبة برحيل الحاكم عن مقاعد السلطة متي ما خالف القانون والدستور ليقتصر حينها دور الجيش علي تلبية مطالب الشعب بالانحياز له و تامين نقل السلطة بسرعة الي ادارة مدنية تعمل على ادارة البلاد ليرجع الجيش للثكنات العسكرية مواصل عمله على حماية الامن والاستقرار بالبلاد
بلا شك ان انقلاب الغابون لن يخرج عن اطار الانقلابات العسكرية التي وقعت موخر والهدف منها تصفية الوجود الفرنسي في افريقيا وكما رحلت فرنسا من مالي ينبغي عليها الاستعداد بالرحيل من بوركينا فاسو وغينيا و النيجر خاصة وان روسيا لم تخفي عن دعمها الكامل لتحرير دول افريقيا علي حسب اخر ما قاله يورجين قائد مجموعة (فاغنر) قبل مصرعه بايام قليلة و يمكن تفسير اغتيال قائد (فاغنر) علي انها كانت رسالة من فرنسا علي ان مصالحه الخاصة في افريقيا لا يمكن المساس بها و لكن لم يتاخر الانتقام الروسي بالاسراع بتدبير انقلاب عسكري في الغابون اتخذ من اضطراب الاحداث السياسية فيها مبرر للتخلص من رجل فرنسا القوي علي بونغو حيث تعتبر الغابون درة المصالح الفرنسية و تسيطر الشركات الفرنسية علي انتاجها من النفط والغاز و المعادن الأخرى بشكل مطلق والغابون اضافة الي مواردها الطبيعية الضخمة تعد من اجمل البلدان الافريقية من حيث الطبيعة الخلابة و 85% من مساحتها تغطيها الغابات الاستوائية اضافة سواحلها الجميلة المطلة علي المحيط الأطلسي بالتالي هي مقصد للسياح الفرنسيين
ان خسارة فرنسا للغابون تعتبر ضربة قاضية تضاف إلى الضربات السابقة التي تلقتها في دول غرب افريقيا علي يد روسيا وبالتحالف مع الصين والهند وجنوب أفريقيا تكون روسيا قد فتحت لدول مجموعة ( بريكس) اسواق جديدة لتبسط سيطرتها علي اقتصاد افريقيا علي حساب اقتصاد فرنسا التي تحتكر اسواق الدول التي كانت تحت سيطرتها ابان حقبة الاستعمار
ان اكبر ما يهدد مستقبل فرنسا في افريقيا هو وعي الشعوب الأفريقية وليست الانقلابات العسكرية التي يمكن التحكم فيها في ظل المصالح الدولية فلطالما الشعوب الافريقية تعيش في فقر مدقع و قد اكتشفت اخيرا ان جوف بلدانها يتحوي كنوز من الثروات فانها لن تقبل بعد اليوم باستمرار انظمة سياسية لا تعمل علي رفاهيتها و لكن الخطير في امر الانقلابات العسكرية الاخيرة التي وقعت في افريقيا في انها اذا كانت تهدف الي استبدال مستعمر بمستغل اخر بدون النظر الي مصالح شعوبها فان ذلك يعد مدخل جديد للتسابق لاستعمار القارة الافريقية من جديد و لكن وعي الشعوب الافريقية قادر على منع ذلك حتي لا تتحول افريقيا الي ساحة لتصفية حسابات الدول الكبري
علاء الدين محمد ابكر 𝗔𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺 جمهورية السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
علاء الدين محمد ابكر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست