زكرت كاثرين شورلى في كتابها ( الجيوش وفن الثورة ) بأن روبسبير، اهم قادة الثورة الفرنسية قال مخاطبا احد اندية اليعاقبة: " لقد قضيتم على النبلاء لكن تركتم النبلاء في قيادة جيشكم. الجيوش هي التي ترضخ الشعوب للحكومات في كل العالم و انتم تضعون امرة جيشكم تحت امرة الضباط الارستقراطيين. انا اقولها لكم بكل صراحة، و ربما ببعض الحدة، ان اي شخص ينصح بعدم تسريح ضباط الجيش خاين" مع الأسف كل الذين وضعتهم سخرية الاقدار في قيادة ثورة ديسمبر لم يطلعوا على تجارب الشعوب و لم يتواضعوا ليسمعوا "الصايحة"، فمكنوا لجنة البشير الأمنية التي ظلت تعمل بكل جد منذ أول وهلة لتجهض الثورة بداية من ٢٠١٩ عقب الاتفاق على الشراكة و مع الاختلاف حول تمثيل نسب العسكريين والمدنيين في مجلس السيادة تراجع قائد الجيش عن الأتفاق بعد أن قام بفض الاعتصام بصورة وحشية ومن ثم اذاع بيانه الشهير بعد ذلك معلن فيه قيام المؤسسة العسكرية بالغاء كل ما تم الاتفاق عليه مع الحرية والتغيير، وحكم الجيش لفترة انتقالية تعقبها انتخابات. بعد ٣ اسابيع من ذلك وعقب تيقنهم من إستحالة أن تمضي الأمور على ذاك النحو تواصل قادة الجيش مع مفاوضي قوى الحرية والتغيير ليدعوهم مجددا للتفاوض لاكمال الاتفاق ودماء شهداء فض اعتصام القيادة العامة لم تجف بعد . كذلك في ٢٠٢١، ومع اقتراب نهاية مدة الرئاسة العسكرية لمجلس السيادة قام الجيش بعمل انقلاب عسكري وفض الشراكة مع المكون المدني المتمثل في قوى الحرية والتغيير ، الإنقلاب المدعوم من قبل فلول النظام السابق وبمعاونة بعض حركات الكفاح المسلح المغرور بهم ، وعقب تتفيذه اعلنوا فيه حكم الجيش لفترة انتقالية تعقبها انتخابات وقالوا بأن على جميع القوى السياسية أن تذهب وتستعد للانتخابات إذا ما رغبت في تسلم السلطة . لم يمضي شهرين على ذلك ومع الضغط الشعبى وتدهور الأوضاع بالبلاد رأيناهم يجأرون بالشكوى مرة أخرى ومعلنين تعطل جميع الأمور وأن المسؤل عن سبب تدهور الأوضاع هو القوي المدنية المتمثلة في الحرية والتغيير لرفضهم الجلوس والتفاوض معهم لأصلاح الأمر . وبعد أن اذعنت القوى المدنية للأمر مرة أخرى للجلوس والتفاوض لمعالجة أثار الإنقلاب و بعد أن كون الجيش لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع وتسميته "رئيسا للجنة الرباعية للمكون العسكري المعنية بالحوار السوداني السوداني" وبعضوية كل من ياسر العطا و شمس الدين كباشي وابراهيم جابر، من أجل التحاور مع القوى السياسية المدنية والتوصل معاها لاتفاق بموجبه ينهي الأزمة الأمر الذي أفضى إلى إتفاق إطارى لإنهاء الأزمة كان كفيلا بإصلاح الأمر لو التزم الجيش بذلك. ، المحير في إنه في يوم ٥ ديسمبر ٢٠٢٣ وقع على الأتفاق القائد العام للجيش وقائد قوات الدعم السريع، وقعا معا على الاتفاق الاطاري مع الحرية والتغيير، والتزما فيه بتسليم السلطة للمدنيين ، وعلى ان تختار الحرية والتغيير ومعها القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري اعضاء مجلس السيادة، ورئيس الوزراء وولاة الولايات من أجل استكمال مرحلة الإنتقال الأمر الذي أزعج فلول النظام السابق بعد أن ايقنوا بأنه سيقطع عليهم ما اكتسبوه جراء الإنقلاب فجن جنونهم فسعوا لافشال الأمر بكل ما يملكون .
ومع اقتراب نهاية العملية السياسية بأنتهاء ورش الإطاري وإقتراب تسليم السلطة للمدنيين والمضي قدما نحو التحول المدني الديموقراطي قاموا بإشعال الحرب لاجل أفشال عملية التسليم تلبية لاطماعهم الشخصية و قاموا بتحول البلد الى ساحة حرب دون الاكتراث لنتائجه الكارثية من قتل للمدنيين وتدمير للبنى التحتية مما يؤكد بأن قيادة الجيش في قمة عدم المسؤولية وبعيدين جدا عن الصفات القيادية . على الرغم من أن العالم شهد انتصار العديد من الثورات والانتفاضات الشعبية إلا أنه نادرا ما نجد أن هناك ثورة استطاعت تغير نظام بشكل دائم ما عداء الثورتين الفرنسية والايرانية. ولتصحيح مسار ثورتنا ثورة ديسمبر المجيدة لابد لنا من مراجعة أنفسنا والاطلاع على تجارب الشعوب الأخرى حتى لا يصير السودان بلدا للثورات العبثية. -amaaqi.jpg
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة