لقد خلق الله عز وجل هذا الكون الهائل العجيب وفق نظام دقيق في كل جوانبه المختلفة والارض التي نعيش علي ظهرها هي عبارة عن زرة غبار في هذا الكون الشاسع ولان النظام هو محور هذا الكون لهذا نجد ان النظام والدقة من المطلوبات في تعمير وتنظيم الارض وكذلك نجد كثير من المخلوقات غير الانسان لها ممالك وقري ونظام وقادة ولهم همة ونشاط واهتمام بالعمل والقدرة علي وضع الخطط للاحتفاظ بالطعام لفترات طويلة ومن هذه الممالك المدهشة نجد مملكة النمل حيث يقول الله تعالى في سورة النمل {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} الآية يظهر لنا هنا النظام والدقة ويمكن ان نسميه قانون المصلحة العامة حيث إن النملة عممت خطابها للجميع وأخذت في الاعتبار مصلحة الجماعة ولم يقتصر على من حولها أو عشيرتها الأقربين ولا يستبعد أن يكون ثمة خلافات بينها وبين الآخرين (جيش دعم سريع حركات مسلحة متمردين قوة الحرية والتغير مرتزقة عملاء سفارات اجنبية احزاب ووالخ) ،ومع هذا فلم تخص بالتحذير المقربين منها ولم تشمل بخطابها من حولها من النمل، ولكنها تجاوزت ما هو أكثر من ذلك بنداء عام لجميع النمل (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ). اعتقد ان هذه النملة اكثر انسانية ورحمة منا نحن بني البشر وايضا يظهر لنا نظام وقانون الثقة بالنفس فلم تقلل من شانها ولم تحتقر ذاتها ولم تحدث نفسها أنها أقل من أن تنادي في النمل، بل انبرت للمهمة وقامت بتوجيه الخطاب للجميع ورأت أن عليها واجباً يجب أن تقوم به، فقامت به دون هيبة أو وجل او خوف او تردد وايضا يظهر لنا نظام و قانون المسؤوليةما كان هذا التصرف الرائع لولا وجود درجة عالية من الإحساس بالمسؤولية التي استشعرتها تلك النملة ويظهر أن تلك النملة ليست ذات منصب ( زعيم دولة او وزير او قائد للجيش) وربما كانت في أدنى الهرم التنظيمي في مملكة النمل، ومع هذا تصرفت وكأنها المسؤول الأول عن قومها بهمة وسرعة، وايضا يمكننا ان نقرأ في هذه الاية قانون المبادرة وتمثل هذا في نهوضها بالأمر والقيام بواجبها دون انتظار الآخرين أو حتى أخذ الإذن فالوضع غاية في الحرج ولا يحتمل التأخير والتسويف والا حصل الهلاك لبني قومها من النمل والمسفاد الخامس يظهر لنا مسألة الإنجاز فإذا كانت المبادرة هي التفاعل والتأهب والإقدام على فكرة أو الاستعداد لأداء مهمة، فإن الإنجاز هو الانتهاء بتلك المهمة إلى دائرة العمل والتنفيذ والتمام وكلاهما (المبادرة والإنجاز) يعتبر محورا هاما من محاور النجاح وهو ما فعلته النملة تماما فبادرت وأنجزت واما الفائدة السادسة التي ظهرت لنا هي قانون تقديم الحلول على الرغم من أن الأمر قد فاجأها غفلة وباغتها من حيث لا تحتسب فلم تكتفِ بالصياح والنواح بل أضافت إلى التحذير والتنبيه تقديم حل مناسب بذهن حاد ودقيق فالوضع جدا حرج فأشارت بالحل المناسب دون تردد (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ) اما الدرس السابع هو قانون استشراف المستقبل حيث التركيز التام والقدرة على تحليل المواقف وقراءة الأحداث والتأمل في العواقب وقد أتى هذا في قولها (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) فبقاؤكم في أماكنكم وعدم التحرك السريع يعني فناؤكم من خلال تحطيمكم تحت ارجل جند الملك والنبي سليمان وكذلك يمكننا ان نضيف النقطة رقم ثمانية وهي قانون اليقظة فغفوة أو غفلة صغيرة من أحد أفراد المجتمع قد يترتب عليها هلاك كامل ودمار ماحق لكافة أفراد المجتمع، ولربما انتباهه تحمي المجتمع وتصد عنه شراً عظيماً, ومن ثم فإن من دواعي الإتقان والانضباط أن يكون كل فرد في كامل اليقظة والمسؤولية بالدور المنوط به على أعلى درجة من درجات اليقظة والانتباه،فهو إنما يقف على ثغر من الثغور،ولا يجب أن تؤتى الأمة من قبله او المجتمع وكذلك يمكننا ان نضيف النقطة رقم تسعة وهي قانون الاعتذار وفي هذا الموقف قدمت النملة درساً مجانياً لهؤلاء الذين يداهمون النوايا ويخترقون القلوب ويتهمون الضمائر وقد امتهنوا سوء الظن والقذف بالغيب وقد أتى هذا المعنى الجميل في قولها (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) فقد أكملت ما جاء قبله لرفع التوهم وهو ما يسمى عند أهل البلاغة (الاحتراس) وذلك من نسبة الطغيان والظلم لنبي الله سليمان حيث التمست له العذر هو وجنده، وكذلك يمكننا ان نضيف النقطة العاشرة وهي قانون الابتسامة ما أروع الابتسامة إذا أتت من القوي للضعيف ومن الكبير للصغير ومن الحاكم للمحكوم في وقت الكرب وساعة الأزمات ولحظات الهول وكذلك كانت ابتسامة نبي الله سليمان للنملة ابتسامة تفيض عطفاً وحناناً وتترجم الإعجاب من جميل التصرف وتخفف من شدة الموقف وتعيد الأمن والسلام والسكينة داخل النفوس عكس مانراه من صلف وتجبر تكبر علي وجوه بعض الزعماء والقادة والوزراء والمدراء بل حتي صغار الموظفين في دواوين الحكومة وغيرها، يجب ان نتعلم المسؤلية والهمة والنشاط والحرص والامن من هذه النملة في ظني لو كانت لدينا نملة حكيمة وسريعة البديهة وتهتم بامر قومها كنا تجنبنا حرب الجيش والدعم السريع وكثير من الحروب الظالمة الغاشمة الطاحنة التي قتلت الكثير من قومنا دون حذر وخوف ومسؤلية من قائد يمتلك ولو القليل من مهارات تلك النملة العظيمة التي خافت علي قومها وامرتهم ان يدخلوا مساكنهم خوفا عليهم من الهلاك ونحن اليوم لا نامن علي انفسنا حتي لو دخلنا مساكننا من قذيفة دانة او راجمة او صاروخ او قنابل من طائرة تحرمي بحممها علي رؤسنا حتي اصبح الامن مفقود وهنا تاملت عظمة الكلمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم فتح مكة من دخل بيته فهو آمن، وحتما هنالك فرق شاسع بين مملكتي النحل والنمل وبين جمهوريات الموز لقطعان الحمير والذباب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة