ما كشفته حرب 15 ابريل من تدني في الاخلاق، و القيّم شيئ مؤسف للغاية.
طبعاً شماعتنا الاولى هي الدعم السريع، و تناسينا انفسنا!
القاعدة عندي، من الشاذ ان يأتي احد افراد هذه المليشيا بمكرمة، او عمل خير، في الاصل هم عبارة عن لصوص، و قطاع طرق إستأجرهم النظام البائد للقتل، و النهب، و السلب، و الإغتصاب، و تهجير المواطنين من بيوتهم، و مزارعهم، و قراهم..
عندما جارت بنا الايام يأتي هؤلاء الرجرجة، و الدهماء من اطراف الصحاري، و مجاهيل افريقيا ليبشروننا بالديمقراطية، و الدولة المدنية..
*عمليات النهب، و السلب، و الحرق، و التدمير لم يقم بها الدعم السريع وحده..*
من منّا لم يرى طوابير المواطنين " اللصوص" يدخلون بيوت المواطنين، و المحلات التجارية، و البنوك، نهباً، و سلباً، نساءً، و اطفالاً، و رجالاً؟
تحدثت مع احد الاصدقاء لم يغادر الخرطوم حتي تاريخ كتابة هذه الاسطر، فقسم عمليات النهب المنظم، و الممنهج بصورة طبقية حسب ما رأى..
الطبقة الاولى من النهابة، و اللصوص هم قادة الجنجويد من الصف الاول، حيث يحملون ما خف وزنه، و غلى ثمنه من مال، و مجوهرات، و اشياء سمينه، و غالباً تكون تحركاتهم بمعلومات دقيقة عن المقرات، و البنوك، و منازل المواطنين..
ثم تأتي الطبقة التي تليها من صغار الضباط، و الجنود، حيث الاجهزة، و ما لم تحمله طبقة النبلاء، ثم عامة الشعب “ اللصوص” و هؤلاء لا يتركون وراءهم لا حلة، لا صحن، و لا ملاية، لم تسلم ملابس المواطنين، و متعلقاتهم، حتي الابواب، و الشبابيك، و المكيفات، و متورات المياه، لم تسلم من هذه الطبقة، و جميعنا رأينا بأم اعيننا ما حدث بالصوت، و الصورة.
الكثيرين منّا كانوا يخشون مصير العراق، و سوريا، و ليبيا، و اليمن..
اتحداكم فرداً، فرداً هل منكم من رأى في كل الحروب التي كنا نخشاها احداً إحتل منزلاً لمواطن، او نهب ممتلكاته، او استباح عرضه مثل الذي حدث في حرب الخرطوم؟
مُحبط حد الإستياء..
بالامس تكلمت عن جانب الاخلاق في دخول الدكتور خليل ابراهيم الي ام درمان، فوردتني عشرات الرسائل، عبارة عن سب، و شتم، لمجرد الإختلاف مع خليل ابراهيم..
تحدثت عن جانب لا علاقة له بفكره، او إنتماءه، فقط تحدثت عن الاخلاق التي رآها كل الشعب السوداني في تعامل هؤلاء الجنود عندما دخلوا ام درمان.
الغريبة لحظة دخلول خليل ابراهيم الي ام درمان كنت خارج السودان، فسمعت عن تفاصيل هذه العملية من عامة الناس، و الذين لا تربطهم بخليل صلة لا تنظيمية، ولا قبلية، او إثنية..
شئنا او ابينا لم يسرقوا، و لم ينهبوا احداً، و لم يغتصبوا، فان تكن الحرب نفسها، فتلك قضية اخرى يطول الحديث عن مبرراتها، و دوافعها..فهذا الجانب لا يعنيني عندما اتحدث عن اخلاق الحرب، و ضرورة التمسك بها، بغض النظر عن دوافعها، و اسبابها، خطأها، او صوابها..
البعض وصفني بأن مقال الامس هو دفاعاً عن خليل ابراهيم، و الكيزان..
السؤال..
هل قوات خليل كانت متهمة بإرتكاب ايّ عملية نهب، و سلب، او إغتصاب لأدافع عنها؟
هل نسيتم ان خليل ابراهيم من مؤسسي الجبهة الثورية، كأكبر كيان ثوري إلتف اغلب الشعب السوداني حوله، و كان احد اركان المعارضة الرئيسيين وقتها؟
نعم تم قبوله، و وجد الدعم، و التصفيق، و الثناء، عندما اعلن انه قائداً لحركة مطلبية، لا علاقة لها بالفكر، او الايديلوجيا، هنا انا لا اتحدث عن الحركة في راهنها، تحت قيادة فكي جبرين، فقط اتحدث عن الدكتور خليل و دخوله ام دومان.
لسان الحال يقول “ الشريعة ليها بالظاهر”
للحروب اخلاق، و قواعد إشتباك، و قوانين..
ما شاهدناه في حرب الخرطوم شيئ مخجل للغاية، لقد حطمنا الارقام القياسية في تدني الاخلاق، و القيّم.
لو ان ابو لهب قاد حرباً، ولم يدخل بيتاً، او ينتهك حرمة مواطن، او يغتصب النساء فمن حقه علينا ان نشيد به و نذكر هذا الجانب ليكون درساً للمؤمنين لأن الاصل في الإيمان هو حسن الخلق، و إحترام مبادئ الإنسانية، حتي في الحروب الجاهلية كان من دخل بيته فهو آمن، لا احداً يجرؤ ان يدخل بيتاً، او ينهب متجراً.. فالحرب لها ميدان، و قواعد، و قوانين.
إن اردت ان تعرف ان خليل ابراهيم ضرب مثلاً في الاخلاق، فانظر للجنجويد الخيبانين وهم من داخل غرف نوم المواطنين، و بيوتهم يبشروننا بالمساواة، و الديمقراطية، و الدولة المدنية..
كفانا سطحية، و كراهية عمياء.. فمن احسن فعلينا ان نشكره بغض النظر عن دينه، او لونه، او طائفته، لنثبِت قواعد في المجتمع، لنضع خطوطاً لا نتجاوزها مهما بلغت بنا مرارات العداوة، و الإنتقام، و الكراهية..
اخيراً..
نسينا الاخلاق، فكانت حرباً بلا اخلاق.. سيكتبها التاريخ في وجه البشرية المظلم منذ نشأتها الاولي الي ان يرث الله الارض، و ما عليها..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة