الحرب الاخيرة التي يشهدها السودان هذه الايام وخاصة العاصمة القومية الخرطوم اتمني ان تكون درس للجميع في ادراك ان الحرب لن تجلب الا الدمار والقتل والخراب لذلك يجب علينا ان نعمل على اجتثاث الاسباب الرئيسية التي تساعد علي اشتعالها
منذ العام 1955م لم يعرف السودان سلام حقيقي وذلك يرجع الي خلافات النخب السياسية الحاكمة والمعارضة التي لم تجلس مع بعضها البعض لمعرفة دوافع هذه الحروب ومعالجة اسبابها حتي لا تندلع مرة أخرى في المستقبل ولكن هذه المرة انا علي ثقة تامة بانهم سوف يحاولون العمل علي احتواءها بسبب وصول النار الي ديارهم ، فالخرطوم لم تعرف في السابق مواجهات عنيفة بمثل ما يحدث الان من استخدام لكافة أشكال الاسلحة من الدبابات والطائرات الحربية والمدافع مما ادخل الرعب في قلوب الناس الذين هرب قسم كبير منهم الي الاقاليم بحث عن ملاذ آمن بينما اصحاب الاموال الطائلة فضلوا السفر إلى خارج البلاد والأغلبية العظمي من المواطنين تعيش وسط المعارك في معاناة شاملة ونقص في الانفس والثمرات والدواء والغذاء ومع تعرض العديد من الاسواق و المحلات التجارية الي عمليات نهب وسرقة وتخريب كل تلك المشاهد كفيلة بان تعيد السودانيين الي طريق الصواب بالعمل على بناء سودان يسع الجميع يمنع فيه استغلال الدين او الجهوية او القبلية للوصول إلى السلطة وبالمقابل العمل علي اشاعة الديمقراطية وحرية التعبير وخوض ممارسة سياسة راشدة والتوزيع العادل للثروات بين كل المواطنين
ان الدولة السودانية تحتاج إلى معالجة شاملة في كل النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فنحن دولة لم تبلغ بعد مرحلة الرشد السياسي وقد كانت تجربة الحكم الذاتي الذي منحته حكومتي بريطانيا والمملكة المصرية في العام 1953 غير كافية فالثلاثة اعوم من العام 1953م الي 1955م غير كافية لصناعة وطن يسع الجميع فعملية سودنة الوظائف العامة من الادارة البريطانية الي سودانيين كانت غير عادلة فالدفع بابناء الشمال الي الجنوب لتولي الوظائف الادارية هناك خلق سخط وسط المثقفين الجنوبيون الذين كانوا ينظرون الى ما حدث هو تجاوز في حقهم فهم كانوا الاحق بتلك الوظائف علي حسب وجهة نظرهم
لا اريد تكرار الحديث عن ماحدث في اغسطس 1955م في مدينة توريت التي تقع في اقصي شرق جنوب السودان الذي انفصل لاحقا ولكن اريد فقط ان اذكر للسودانيين بالعاصمة ان الحرب التي تعيشوها الان فقد عاشها العديد من شعوب السودان في جنوب السودان السابق ودارفور والنيل الازرق جبال النوبة و شرق السودان والان وقد عرف الجميع كيف هي الحرب قاسية ولا ترحم احد ، فالرصاصة عندما تنطلق من البندقية لا تميز هدفها بين الناس و لا تعرف الالوان و الانسب فقد تعرف كيف تخترق الجسد وتقتل و الامان في مقابل الجوع والخوف نعمة لا تقدر بثمن
اذا يجب ان يعمل الجميع على اشاعة المحبة والسلام في ما بينهم وهذه مهمة الشعب قبل الحكومة بقطع الطريق علي دعاة الفتن الذين يشعلون النار بالدعوة الى استمرار الحرب وبث النعرات العرقية والعنصرية فهولاء اخطر من الحرب نفسها
اتمني ان تكون هذه الحرب قد اعادة اليكم يا بني السودان بعض من الصواب و الرشد فهذا الوطن كبير و يسع الجميع والناس تبطل انانية وعنصرية وتقبل بعضها البعض فخلاف ذلك لن تعرف بلادكم استقرار ولا نهضة ولا سلام
ترس اخير
من حطامك انا غصني وارق .. فيي شن خليت للطوارق... غير قليبا في همومو غارق... ولسانا بردو الكلام
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة