في حياة الإنسان لحظات مفصلية ما بين الشجاعة والخوف ولكن الايمان الحقيقي هو من يرجح الكفوف والتاريخ دائما يقف شاهد على الكثير من حالات الخزلان وبيع الضمائر و يمكن الاستشهاد بشخصية السيد المسيح الذي تعرض الي خيانة كان قد تنبأ بها واخبر تلاميذه بذلك قائلا الليلة تتركوني كلكم فقال له تلميذه بطرس": "لو تركوك كلهم فأنا لن اتركك". فقال له المسيح: "الحق أقول لكن في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات"، فقال بطرس: لا انكرك و إن كان على الموت معا". وبالفعل تحقق ما قاله المسيح فتم القبض عليه بعد هروب اتباعه ولكن بطرس تتبع الحراس الذين قبضوا علي المسيح واخذ يراقب ما يحدث لكن بطرس رغم اعلانه استعداده للدفاع عن سيده المسيح حتى الموت، إلا أن ما تنبأ به المسيح تحقق تماما، فقد أنكر بطرس معرفته بسيده ومعلمه المسيح عندما قيل له أنك من أتباع المسيح وأصرّ على الإنكار ثلاث مرات حتى نبهه صياح الديك ونظرات المسيح إليه ليذكّره بما قال له ،
و التاريخ يسجل كل شي فصارت شخصية يهوذه الاسخريوطي مثال للجبن والخيانة علي مر التاريخ و قد سجلت الأناجيل قول السيد المسيح بحضور يهوذا: حيث قال “إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذى به يُسلَّم ابن الإنسان. كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد” (مت 26: 24) فيهوذا هو من سلم معلمه المسيح الي خصومه والمسيح رغم صلبه تمكن من الظهور عبر تعاليمه على خصومه السياسيين والدينيين ولم تمضي مائة عام الا و الإمبراطورية الرومانية تعتمد المسيحية ######################## رسمية لها بالرغم من ان الدولة الرومانية كانت سبب رئيسي في صلب المسيح وذلك رضوخ لرغبة كهنة اليهود الذين نصحوا الرومان بان المسيح سوف يشكل علي الجميع خطر اجتماعي واقتصادي فالاشتراكية التي كان ينادي بها المسيح ضد النظام الرأسمالي الذي كان سائد في ذلك الزمان الذي( هو مستمر حتي عصرنا الحالي) قد يحدث اختلال في التوازن الاجتماعي انذاك فالمسيح كان ضد امتلاك المال وهذا يعني ان من حق الجميع العيش بكرامة وهذا بالطبع ضد رغبات التجار الجشعين و رجال الدين الذين يخدعون الناس بانهم لهم القدر ليكونوا وسطاء ما بين السماء والأرض وذلك بالتضرع لله لجلب المغفرة لمن كان مخطيء وبسبب ذلك ظهرت لاحقا صكوك الغفران وذلك بان يدفع المخطئ اموال مقابل ان يبتهل رجل الدين الي الله ليغفر لصاحب المال الخطايا وحتي لا تهدم تلك المؤسسة الدينية التجارية فكان الحل الوحيد امام تجار الدين اليهود ( الكهنة) وحلفائهم من حكام الدولة الرومانية الذين يريدون المزيد من الضرائب ولايهمهم ما يحدث داخل المعابد فقط اهم شي عندهم لا تخرج الامور عن طريق سيطرتهم فقد اعطوا الضوء الأخضر بالتخلص من السيد المسيح فقد كان يشكل خطرا علي النظام الاجتماعي والاقتصادي في الدولة الرومانية
وفي تاريخ السودان الحديث لم يتعرض احد الي حملة منظمة من التنمر والعنصرية بمثل ما تعرض له الفريق اول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع فالاحداث الاخيرة اظهرت كمية كبيرة من الحقد والكراهية نحوه بشكل مقزز كان ما الرجل هو من كان يحكم السودان طوال الثلاثين عام الماضية وحتي الرئيس المعزول عمر البشير المطلوب في جرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية الدولية لم ينال ذات الكراهية عندما خرجت الجماهير ضده في ثورة ديسمبر 2018 والتي من مفارقات القدر ان من ساهم في انتصارها هو ذات الحميدتي المغضوب عليه اليوم فقد كان بامكان الجنرال حميدتي ان يساند البشير حتي اخر لحظة فالبشير هو الذي فرش لحميدتي الطريق بالورد ونال عن طريقه ارفع الرتب العسكرية وبلا شك الجنرال دقلو يستحقها بعد ان تصدي بنجاح للتمرد في اقليم دارفور بعد فشل الجيش في فرض سيطرته علي الاقليم الواقع اقصي غرب السودان
كان ميلاد قوات الدعم السريع بمرسوم جمهوري تمت الموافقة عليها من البرلمان الذي حتي وان كان برلمان موالي للنظام البائد الا انه يعتبر الجهة التشريعية الوحيدة التي كان يعترف بها العالم في ذلك الوقت علي اثر ذلك قام الاتحاد الاوربي بابرام شراكة مع قوات الدعم السريع لمنع انسياب الهجرة الغير شرعية الي دول اوروبا عبر جنوب الصحراء تحديد من الدول الواقعة شرق افريقيا و التي تتخذ من السودان معبر لها نحو سواحل جنوب البحر الأبيض المتوسط
وعندما هبت رياح التغيير لم يتردد حميدتي في ان يقول رأيه بكل شجاعة فقال انه مع مطالب الشعب السوداني الذي خرج في التاسع عشر من ديسمبر من العام 2018 بالرغم من البشير لايزال وقتها في السلطة الا ان حميدتي منع قواته من المشاركة في عمليات قمع المتظاهرين حيث قال ان قوات الدعم السريع مهمتها الأساسية حماية هي حدود البلاد وليس مطاردة الثوار
البشير كان يفاخر بالجنرال حميدتي ويقول عنه (حمايتي) كدليل على اعتماده بالكامل علي قائد قوات الدعم السريع الذي احرز انتصارات متتالية على التمرد وكانت قمتها في معركة قوز دقنو ولكن كل ذلك لم يمنع حميدتي من الانحياز للشعب في التاسع من ابريل 2019
ولكن الملاحظ بعد مرور خمسة سنوات من اعلان سقوط نظام الانقاذ ارتفعت الحملة العنصرية نحو شخصية الجنرال حميدتي فالبعض يحمله مسؤولية ما حدث في دارفور بالرغم من عدم ورود اسمه ضمن قائمة الشخصيات المتهمة في احداث دارفور ولكن لماذا لم يتحمس الذين يرون ان لحميدتي يد في احداث دارفور في المطالبة بتسليم الراس الكبير عمر البشير ورهطه المطلوبين للعدالة الدولية ويكتفون بالطعن في ظل الفيل والبشير امام اعينهم ولم ولم يسلم حتي الان الي المحكمة الجنائية الدولية وحتي احداث فض الاعتصام اخذ البعض يحمل حميدتي المسؤولية فيها حتي قبل ان تقول لجنة تقصي الحقائق برئاسة المحامي نبيل اديب كلمتها بالرغم من ان حميدتي لم يظهر في موتمر صحفي عقب فض الاعتصام ولم يقل (حدث ما حدث)
هناك حقد دفين نحو شخصية حميدتي من عدة جهات خاصة الاسلاميين والعنصريين الجدد وبعض جيران السودان فهولاء يريدون تصفية حساباتهم معه عبر اشعال الحرب بحجج واهية ومن ثم احداث دعاية سياسية بالادعاء بان قوات الدعم السريع ترتكب انتهاكات لحقوق الانسان بدون حتي اجراء التحقيق فيها عبر لجنة مستقلة تثبت صحة ذلك الادعاء او النفي خاصة وان هناك آلاف السجناء الطلقاء بعد تفريغ السجون منهم وقد يكونوا وراء الجرائم التي تحدث بشكل يومي من سرقات وقتل ونهب وسلب واعتداءات جنسية بلا شك فان تلك الجرائم تحتاج الي لجنة تحقيق في البحث عن المتسبب الحقيقي في اطلاق سراح السجناء خاصة وان بينهم عتاة المجرمين
قبيح من يستغل العنصرية لتبرير مواقف سياسية رخيصة و هذا ما حدث في الصراع الدائر الان في السودان بين قوات الدعم السريع والجيش الحكومي فخروج مسئول رفيع بتصريحات يفيد فيها بأن بعض جنود قوات الدعم السريع من جنسيات غير سودانية والسوال هنا لماذا صمت هذا المسؤول طوال السنوات الماضية عن عدم التطرق الي تلك الملاحظ فعندما كانت علاقة الجيش والدعم السريع سمن على عسل لم يخرج علينا ويكشف تلك النقطة الهامة ان محاولة الزج بدول بعينها مثل تشاد والنيجر ومالي في الصراع الدائر الان يعتبر تبرير لانشاء وطن بديل للسودانين المنحدرين من غرب السودان علي غرار تجربة اسرائيل مع الفلسطينيين عام 1948 عندما قامت بطردهم من بلادهم والدفع بهم نحو الاردن القريب جدا من الثقافة والعادات الاجتماعية مع فلسطين وكاد المخطط ان ينجح عندما حاولت الفصائل الفلسطينية السيطرة على الاوضاع السياسية في الاردن حينها استشعر الملك الحسين الخطر فاتخذ قرار المواجهة بالاشتباك مع الفلسطينيين في ازمة عرفها العالم بايلول الاسود في العام 1970 وهذا ما بالفعل ما يفكر فيه بعض العنصريين الجدد في السودان باقامة دولة نقاء عرقي بالسودان مع طرد من يخالفهم الرأي نحو وطن بديل مثل دولة تشاد بعد فشل مخططاتهم السابقة بان يكون جنوب السودان هو الوطن البديل وفشل ذلك المخطط يعود إلى طبيعة اختلاف الثقافة والدين وخصوصية جنوب السودان عن بقية السودان
حميدتي من خلال منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة لم يدخر جهدا في العمل علي نشر السلام فكان حمامة سلام ما بين الخصوم في دولة جنوب السودان حيث نجح حميدتي في ما فشل فيه الاتحاد الاوربي في تقريب وجهات نظر الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه الدكتور رياك مشار بعد حرب اهلية شهدها جنوب السودان ولكن حكمة الجنرال حميدتي كانت حاضرة فتمكن من صنع سلام حقيقي في جنوب السودان وفي الداخل كان الجنرال حميدتي حضور في اتفاق سلام جوبا وعمل علي تعزيز السلام في ربوع دارفور فمكث هناك في دارفور لفترة ثلاثة اشهر طاف مناطق اقليم دارفور ناشر المحبة والسلام بين المواطنيين ولم يكن يفضل ان تكون زياراته لمناطق بعينها في السودان فطاف معظم بقاع الوطن وقدم الكثير لمناطق السودان من خدمات ابان الازمات التي اصابت البلاد خاصة في فترة انتشار فيروس كورونا فكانت قوافل الدعم السريع تجوب المدن وهي تحمل الادوات الصحية التي عملت على الحد مـن انتشار كارونا في البلاد وابان فترة الخريف قام الجنرال حميدتي بارسال القوافل الغذائية والأدوية الي المناطق المتضررة وكانت اكبرها قافلة الي مدينة الفاو والتي تعرضت الي كارثة ابان فترة الخريف الماضي وقدم الجنرال حميدتي الامصال الواقية من خطر العقارب التي انتشرت في مناطق المناصير وغيرها من الخدمات وبعد اختلاف مواقف الدعم السريع والجيش حول بند الترتيبات الأمنية الذي جاء ضمن ورشة الاصلاح الامني التي انعقدت ضمن المراحل النهائية التي تسبق التوقيع علي الاتفاق الاطاري اندلعت حرب لا مبرر لها والشي المضحك المبكي في نفس الوقت هو وصف قوات الدعم السريع بالمليشيات وان افرادها اجانب فهل اذا كان موقف الدعم السريع متوافق مع قادة الجيش فهل كانوا سوف يقولون ذلك ؟؟؟
جادت قريحة العنصريين الجدد بوصف ابناء غرب السودان من المعارضين لهم بانه من تشاد اوالنيجر وهذا هو قمة الافلاس السياسي اذا بالتالي يمكن ان تصنيف الازمة السودانية علي انها اجتماعية في المقام الاول وابرزها في عدم قبول الآخر وانتشار الكراهية والعنصرية فالسودانيين هم عبارة عن شعوب وليسوا بالشعب الواحد حيث يسود بينهم الاختلافات والتباينات فالاستعمار الذي تعاقب على احتلال البلاد ( 1821 الي 1885 -1898 الي 1956) لم يساهم الا بتعميق الخلافات الإجتماعية بين السودانيين لذلك فشل السودان كدولة منذ ان نال استقلاله في العام 1956م واحد اسباب الفشل السوداني هي مصر التي ظلت تهيمن علي السودان عن طريق اسر وافراد واحزاب يخدمون مصالحها قبل مصالح السودان و حتي اثيوبيا وجدت لها عملاء. يطبلون ويزمرون لها والاسلاميين هم كذلك فصيل من فصائل ازمات البلاد بجانب العنصريين الجدد والانتهازيين الذين لاهم لهم الا التكسب الرخيص لذلك لن ينعم السودان بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الا في ظل حكم ديمقراطي حقيقي وهذا لن يكون متاح امام جحافل من يريدون ان يكون السودان بالنسبة لهم مجرد مستودع ثمين يسرقون منه ما تيسر لهم
يوجد بصيص أمل عبر المؤمنين بدولة العدالة الاجتماعية بان يعملوا لاجل ان تشرق شمس الحرية والتغير واحترام حرية الرأي ومحاربة العنصرية وبالمقابل سوف تثبت لكم الايام والتاريخ بان حميدتي قد تعرض الي ظلم عظيم مثله مثل شخصيات سياسية تاريخية كانت توصف في السابق بالبشاعة والقهر والاستبداد مثل شخصية الخليفة عبد الله التعايشي زعيم الدولة المهدية والتي اول دولة وطنية سقطت بتحالف مصري انجليزي وبمساعدة بعض السودانيين واضافة الي شخصية الدكتور جون قرنق الذي طرح مشروع لدولة تمثل كل السودانين اطلق عليها (السودان الجديد) ولكنه رحل في ظروف غامضة ولو قدر له العيش لكان تغير حاضر ومستقبل السودان وبالمقاب حاول خصومهم تقديمهم للناس بخلاف الحقيقة ولكن التاريخ مثله مثل العجلة التي تدور لتكشف لنا عن الجوانب الاخري لتظهر في اخر المطاف الحقيقة الغائبة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة