عندما اعلن السودان في العام 2021م عزمه على استرداد منطقة الفشقة المحتلة من قبل دولة اثيوبيا وجد حينها الجيش دعم شعبي كبير باعتباره يخوض معركة مقدسة لحماية حدود الوطن وكنا نتوقع من ذات الجيش عقب الفراغ من استرداد كامل حدودنا الشرقية المحتلة بان يتوجه الى منطقة حلايب وشلاتين وابي رماد المحتلة من قبل مصر منذ العام 1995م والسودان الذي يكتفي كل عام بتجديد شكوي في الامم المتحدة ضد محاولات مصر لاحتلال حلايب منذ العام 1957م لم يحرك ساكناً وهو يشاهد الحكومة المصرية تتصرف في منطقة حلايب بكامل حريتها وتعقد فيها الانتخابات و تعمل علي استخراج ثرواتها وتغير التركيبة السكانية للمنطقة كل ذلك والسودان في حالة صمت مطبق فقد كنا نتوقع ان يتحرر السودان عقب ثورة ديسمبر من عدم التطرق الى مسالة الحدود فالنظام السابق كانت لديه ملفات ساخنة مع دول الجوار والمجتمع الدولي و لكن بكل اسف تواصل صمت الحكومة السودانية علي الاحتلال المصري لمنطقة حلايب ، وهذه الايام تشهد العاصمة الخرطوم حرب ضروس ما بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع وقد تضرر منها المواطن البسيط بشكل كبير حيث صارت العاصمة مدينة اشباح بسبب الحرب هربت منها الاسر ذات الاموال الهائلة الي خارج البلاد ، وتركت المهمشين يعيشون في ظروف صعبة في ظل فقر مدقع ظل يلازم المواطنين حتي قبل هذه الحرب التي اندلعت في اصعب الاوقات في اواخر شهر رمضان حيث بالكاد يستطيع المواطن البسيط ان يجد قوت يومه وحتي الخدمات الصحية في ظل الحرب الدائرة الان صارت من الصعب الحصول عليها وفي ظل كل تلك الظروف القاسية تخرج بعض الابواق من اصحاب الاصوات النشاز تطالب باستمرار الحرب باعتبارها معركة كرامة والسوال هنا مطروح عليهم عن اي كرامة يتحدثون وهناك جزء غالي من ارض الوطن محتل من دولة جارة فالارواح الشابه التي ارتقت إلى السماء و السلاح الذي دمر في هذه الحرب كان الاولي ان يستعمل في تحرير منطقة حلايب اذا ما الذي يمنع الطرفين من الجلوس مع بعضهم البعض لاجل تجنيب البلاد المزيد من الخراب فالامر ليس بالخطير حتي لا يجلس الطرفين مع بعضهم البعض ، فقد جلست الحكومة في السابق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي ظلت تخوض قتال لفترة عشرين عام ضد الحكومة وتوصلوا في نهاية المطاف الي اتفاق سلام ، وجلست ذات الحكومة مع حركات الكفاح المسلح بعد حروب استمرت عشرين عام اذا الحل في التفاوض فالجميع هم ابناء الوطن ومسالة الطعن في وطنية بعضنا البعض يعتبر استهلاك سياسي رخيص فلا يعقل ان تتعامل مع كل مع من اختلف معاك سياسياً علي انه ليس بسوداني فهل السوداني له سمات معينة ؟ واهم من يظن ان السودان ينحصر في الخرطوم وخاصة ونحن بلد قارة يجمع مختلف الاعراق والسودان منذ العام 1955م ظل يعاني من مسالة الوحدة الوطنية التي لا توجد الا علي صفحات الكتب او الصحف ولكن في الواقع توجد الكراهية والعنصرية فنحن شعب لا يحب بعضه البعض ويكفي الاستشهاد بانفصال الجنوب في العام2011م و هناك جهات تريد تقسيم البلاد وهذه قمة الفشل الذريع فالتقسيم له تبعات مثل ترسيم الحدود السياسية التي يمكن ان تشعل حروب في المستقبل بمثل ما حدث بين اثيوبيا وإريتريا التي انفصلت في العام 1992 عقب استفتاء شعبي ولكن في العام 1998 اندلع قتال عنيف بين البلدين حصد الكثير من الارواح من شباب البلدين وذات المشكلة انطبقت ما بين السودان وجنوب السودان الذي انفصل في العام 2011م عقب استفتاء شعبي وكادت ان تندلع حرب في العام 2012م بسبب احتلال جيش دولة جنوب السودان لمنطقة هجليج وهناك العديد من المناطق المتنازع عليها مع جنوب السودان مثل منطقة ابيي التي هي اليوم تحت ادارة قوات ( اليونسفا ) الاممية لحفظ الأمن فيها ويمكن ان تنفجر الاوضاع في اي لحظة ومن حق السودان التمسك بمنطقة ابيي الي حين التوصل الى حل باثبات دولة جنوب السودان مزاعمها حولها علي ضوء ذلك من يظن ان تقسيم السودان هو الحل عليه بمراجعة عقله فاذا حدث ذلك فسوف تندلع المزيد من الحروب بسبب ترسيم الحدود فاذا رجعنا الى تاريخ السودان ابان عصر دولة الفونج التي ضمت السودان النيلي و سلطنة الفور التي ضمت اقليم دارفور الحالي نجد ان الطرفين دخلوا في حروب عديد لاجل السيطرة علي منطقة كردفان وام درمان فقد استطاع تيراب سلطان الفور في العام 1767 من الوصول إلى موضع مدينة ام درمان الحالي وكان ينوي عبور نهر النيل الابيض والوصول إلى سنار لمطاردة ابن عمه السلطان هاشم سلطان المسبعات الذي هرب و إتصل بالملك صِبير ملك الشايقية ، الذي أحسن وفادته وزوّجه من بنته ولكن إقامته لم تطل في "حَنَّك" إذ لجـأ الى ملك السعداب بشندي محاولا أن يوسع من دائرة أصدقائه وأعوانه حتى بلغ بلاط الفونج في سنَّار وطلب من سلطانها المساعدة بهدف استرداد مملكة المسبعات وبالمقاب حال بين مواصلة السلطان تيراب مطاردة السلطان هاشم تزمر جنود الاول بسب طول الرحلة ليقرر بعدها السلطان تيراب الرجوع إلى دارفور ولم تتوقف مشاكل الحدود بين الطرفين و كانت قبلها قد اندلعت حرب اخري بينهم عندما تحرك جيش الفونج والعبدلاب صوب كردفان وهناك لمع نجم شيخ الهمج محمد ابو الكيلك عندما استطاع تحويل خسارة جيش الفونج الي انتصار كبير علي الفور ليعود الي سنار يحمل اكليل النصر ورغم تلك الحروب لم تنقطع روابط التواصل ما بين الطرفين فنجد الامير خميس المنشق من سلطة سلطنة الفور الذي اختار سنار لتكون مقر له ونزل ضيف علي السلطان بادي وعندما تعرضت سنار الي غزو خارجي من اياسو ملك الحبشة لم يتردد الامير خميس في وضع كل ما يملك من خبرات عسكرية تحت تصرف سلطان الفونج وقد أبلي الأمير خميس بلاءاً حسناً هو وفرسانه في حرب الفُونج مع الحبشة وقتل ملكهم إياسو الثاني في معركة عجيب على نهر الدِّندر سنة 1744م وبالفعل تمكن الامير خميس من وضع خطة في غاية العبقرية تمكن من خلالها جيش الفونج من هزيمة جيش الاحباش هزيمة نكراء خالدها الفن والتراث الشعبي في اغاني حماسية لا تزال خالدة حتي اليوم ، اذا بالتالي حروب الكرامة التي يروج لها ابواق الحرب تكون في الحدود و ليست في داخل الوطن فالصراع الدائر الان مابين الجيش والدعم السريع هو صراع سياسي بامتياز ولا يحل الا عبر اكمال المفاوضات وابعاد العسكريين من العملية السياسة لتكون مهمتهم الاساسية هي حماية حدود البلاد والحفاظ على كرامته والي دعاة الحرب عليكم لعنة الاطفال الجائعة وكبار السن المريضة والنساء الحوامل واصحاب الامراض المزمنة فبدلا ان تكونوا حمامة سلام صرتوا وقود للحرب ، نسال الله الكريم بان يوقف هذه الحرب ويعم السلام البلاد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
علاء الدين محمد ابكر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست