قراءة شخصيةً في مقال عبدالله علي ابراهيم . استباحة العمارات السوامق : هامشعلي ظهيرة نيالا ندية العيون في "جرداق للمطر" لعلي عبد القيوم.
كتب الأديب البارع الدكتور عبدالله علي ابراهيم (و هذه واحدة من صفاته العديدة) بعاطفة جياشة تقفز و تحتضن القاري من بين السطور! كتب عن نيالا و عن الانبهار بالمطر (عز الحريق كما وصفه حميد)والتغزل فيه! مستندا الي شعر علي عبد القيوم الذي بدأ وصف محبته لنيالا و ماجاورها في قصيدة -جرداق للمطر-التي تعد من اجمل وارق الشعر (و اسفاه… اذا لم يقراءه هذا الجيل والذي سبقه):
*في هذه الظهيرة الندية العيون *لابد أن أقول شعراً للمطر
بعد القراءه الاولي وجدت نفسي في حالة جذب صوفي اتوسل إلي الله ان يديمً عليذلك الإعجاب وتلك المحبة لغرب السودان الحالم الجميل في زمن شاعت فيه نبرات الاحتجاج والحسادة علي نعيم سكان العمارات الذي صار متلازما في أدبيات بعضالحركات المسلحة! وأيضا شاعت في صيحات الهلع المصطنعة ممن يروق لهم انيصفوا أنفسهم باهم أهل المركز ،
واتوسل اليه جل شانه أن تظل نظرتنا عفوية كتلك التي أجزم بان الشاعر الحنونإسماعيل حسن قد احس بها (عكس التاويل من قراءه القصيدة) التي كتب فيها بإنما يفصل بين الديوم و الامتداد (و لعله العمارات أو غابة الأسمنت !) هو شارع الظلط! لكن من عرف و جلس مع الشاعر المرهف - الذي رشح نفسه مرة من المرات للعملالسياسي (التقيته في سنجة و سنار في ذلك الزمن البعيد الجميل) - لا يحس بانهًيعاني من احساس بالطبقية في مجتمعات عموم أهل السودان. ولو اسلمنا جدلا بانه عني ما عني بالخاطرة المتناقضة مع تركيبته العاطفية و الشعرية: *شارع الظلط بين الديوم والإمتداد *دا ما شارع دا آلاف السنين *ساعة المطر تجيك ريحة الدعاش والياسمين *وفي الديوم..ما موية ماصت ليها طين *هناك تلقى سوسو وشوشوً وماجدولين *والعجيب العجيب هنا تلقى أهلي مسمين اليقين
فان اسماعيل حسن كانً وعاءا عاطفيا لكل اهل السودان -زرقة و حمرة ؛ غرابة و عيال صباح؛ نوبيون وشايقية؛ وحلبة. وقتها لم تقام الاعراس في صالات فاخرة ، ولم يكن اللبس إفرنجيا أو خليجيا. ولم تكنهناك وجبات باهظة الثمن تقدم اثناء ثوثيقها في شريط فيلم سينمائي باهظ التكاليف.ولم تكنً المخاطبة و الغناء وصفا للثراء و (الوجاهة) ،و انما كانت اشارات للبطولة وحماية الاعراض و إكرام الضيف (عشا البايتات) و ستر الفقير بدون ان تعرف اليداليسري ما قدمته اليد اليمني.
لم يكن هنالك فاصل طبقي في السودان قبل إنقلاب الكيزان المشئوم! صدقوني!
و لقد طوفت في دارفور و كردفان في بدايات عملي. في تلك الازمان كان من التقليد انتوفر إدارة الابحاث رحلة عملية علمية في الاسابيع الأولي من الالتحاق بالعمل والذيكان مبتداه اول يوم التخرج من الجامعة!
خرج رهطنا بالقطار و الكوامر الي نيالا و غزال جاوزت و الضعين و الاضية و النهودوالأبيض.كنا نحن عيال الشمال و بعضنا أولاد امدرمان و الخرطوم بحري منتشين بكلالجمال الذي احاط بنا في تلك البقاع الجميلة الحالمة، إلي أن داهم حلمنا إنقلابنميري فعدنا الي الخرطوم نجر أزياء الخيبة و الإحباط.
لقد زرت و عملت في ٨٨ قطرا منتشرين في كل قارات كوكب الارض. نهلت من كلأصناف النعيم و مباهج الحياة والطبيعة. لكنني ما زلت أسيرا مكتولا في تلك اللحظاتالحالمة؛ وبالاحساس بالجمال و آنا اتجول تحت المطر بين الحيشان والقطاطيوالصرفان في ديار الزريقات ديار مادبو ديار الكرم و دار حمر والاضية و تندلتيوالابيض ووو.
مع تحياتي احمد التيجاني سيد احمد ٢٧ ابريل ٢٠٢٣ - روما ايطاليا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة