تحت هذا الشعار الصحيح الذي يحدد البنية الاساسية للتغيير الثوري ، خرجت الجماهير في مليونية الرابع عشر من مارس ٢٠٢٣م، لتؤكد وعي الشارع بطبيعة حراكه ، و بأدوات صراعه ومؤسساته اللازمة لإسقاط دولة التمكين عبر سلاح العصيان المدني والإضراب السياسي العام المجرب. فالمليونية أتت عقب إنتصار اطباء السودان بإنتخاب لجنة نقابتهم بنجاح منقطع النظير ، في عرس نقابي ديمقراطي ، أسست له جمعيتهم العامة ، وكرست عبر نشاطها الحق في تكوين النقابات دون تدخل السلطة ، وعززت بادرة الصحفيين الرائدة ، وغرست مرود وعي وتحدي في عين العصابة الحاكمة ، مؤكدة ان حق تكوين النقابات الفئوية ينتزع ولا يمنح ، و ان اطباء السودان ماضون في طريق وعر لإستعادة حق العلاج المجاني للمواطن ، مثلما يناضل معلمي بلادنا من أجل إستعادة مجانية التعليم ، ومكانة العلم و المعرفة في دولة مدنية ديمقراطية تخدم مواطنيها ، لا دولة جابية تمتص دمائهم خدمة لرأس المال الطفيلي. و بالطبع زعم مسجل تنظيمات العمل بأنه لا يستطيع تسجيل النقابة لأنها ليست نقابة عمالية وأن النقابات نقابات منشأة حسب القانون ، لا يعيق او يمنع هذه النقابة ذلك من ممارسة نشاطها ، لأن المذكور ومن حيث لا يحتسب، أخرج نقابات المهنيين بمجملها من دائرة اختصاصه بهذه الصورة ، و جعلها خارج نطاق قانون الانقاذ للنقابات ساري المفعول ، و أعفاها من تدخله بموجب السلطات الممنوحة له وفقا لذلك القانون سيئ الذكر والمصدر ، بناءا على تفسير متعسف للاتفاقيات الدولية. وهذا النهج يتيح للنقابات المهنية جميعاً ان تتكون على أساس فئوي بإرادة جمعياتها العمومية فقط وفقا للاتفاقية رقم (٨٧) ، دون تدخل من اي جهة اخرى ، وأن تفرض عبر تحالفها إرادة العاملين ، في تحالف مع الشارع الثائر تحت قيادة لجان المقاومة ( لجان الاحياء)، و تكامل سيفضي حتماً إلى سقوط النظام. و مفاد ما تقدم هو ان الشارع يتقدم في إتجاه إستكمال مؤسساته اللازمة للانتصار ، وأنه يتحرك بخطى ثابتة في طريق فرض إرادته على سلطة الأمر الواقع المعادية للشعب، والتي يبدو عليها الوهن والضعف الشديد ، حيث أنها لم تجد كالعادة ما تقابل به تقدم الجماهير سوى عدم الاعتراف بالنقابة ، ومواجهة المسيرات بالقمع المفرط و الغاز المسيل للدموع و القنابل الصوتية بكثافة غير مسبوقة كما شوهد في حراك اليوم. كذلك غرقت السلطة في فضائح فساد وزير داخليتها المكلف و محسوبيته ، وفي عجزها امام الحركات المسلحة التي تعمل كعصابات و تعتدي على مراكز الشرطة لاطلاق المتهمين في جرائم خطيرة من منسوبيها ، في فرض واضح لإرادتها على سلطة لم تعد تملك من السلطة سوى قمع المظاهرات السلمية. و لا شك ان الصراع داخل معسكر السلطة سيتسع ، لأنه يتم بين مراكز قواها غير المتجانسة و التي لديها قراءات متباينة لكيفية الاستمرار في إستغلال الشعب وإقتسام الثروات المنهوبة. وهذا يتضح من التصعيد بين قيادة الجنجويد و القيادة الانقاذية المفروضة على القوات المسلحة. و هو صراع لم يتم احتواؤه الا بعد حج الطرفين مع التسوويين في (قحت) إلى الكفيل الإقليمي لتلقي التعليمات. وشرط إندلاع قتال او حرب ساخنة في الطرفين ، شرطه خروج احدهما عن سلطة الكفيل و هو أمر غير منظور الآن. وهناك رادع آخر تعلمه قيادة الجنجويد جيدا ، وهي أنها ليست كفؤا للجيش و ان تمكينها يقوم على إطلاق يدها من قبل قيادته غير الشرعية الحالية. فقواتها تقاتل بعربات غير قتالية بالاساس ، وأن تسليحها لا مقارنة بينه وبين تسليح الجيش ، و ان الدعم اللوجيستي الخاص بها الجيش يملك اضعافه ، و ان توزيع الجيش لقواته مع نوعية كادره المختلف، يجعل المقارنة بينه وبين هذه المليشيا التي تم تكوينها لحرب معلومة ، أمرا ظالما للطرفين. و هذا هو الأساس القوي للتنازلات التي تقدمها قيادة هذه المليشيات للقيادة غير الشرعية المفروضة من الانقاذ على القوات المسلحة. قصارى القول هي ان الثورة تسير بثبات في تعزيز ادواتها وبناء مؤسساتها ، وفي المقابل تغرق سلطة التمكين يوماً بعد يومين في ازماتها و فضائحها وخلافاتها وتتآكل سلطتها، مما يحتم سقوطها وإنهزامها. و لكن من يحدث التسوويين اللاهثين لإقتسام السلطة معها، غير الشوارع الهادرة و النقابات الفئوية التي ستنتزع حتماً حقها في التنظيم. حينها سوف يعلم هؤلاء ان " الثورة نقابة ولجنة حي" ، لا تسويات مع القوى المضادة للثورة. وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!!
د.احمد عثمان عمر ١٤/٣/٢٠٢٣
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 13 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة