السياسيون في السودان، بدلاً من تجويد أداءهم، يجِدّون في البحث عن نقاط ضعف خصومهم السياسيين أو ما يعيبهم أو حتى ما يتصورون أنها نقاط ضعف، لا يفرقون بين ما هو باطلً وما هو حق، فيركزوا علي هذه النقاط ليلحقوا بهم ضرراً سياسياً يحسبون أنه إنتصاراً سيُعزّز من مواقفهم السياسية ويقربهم من نوال مبتغاهم والفوز بفردوس السلطة، ليس مهماً في عرفهم أن هذا الضرر الناجم عن هذا التنافس غير الشريف سيكون له آثاراً ضارةً على البلاد وعلى إستقرارها.
في المقابلة التي إستضاف فيها فيها أحمد طه مذيع قناة الجزيرة مباشر السيد مبارك الفاضل، تحدث مبارك عن أن الفريق البرهان والفريق حميدتي كلاهما يملكان حواضن سياسية ثم تكرم وسمى حاضنة حميدتي السياسية ليُسرف في وصف العلاقة الحميمة بينه وبين حاضنته المجلس المركزي للحرية والتغيير ودليله على ذلك ظهور مستشار حميدتي السيد عزت ضمن وفد المجلس المركزي للحرية والتغيير في إجتماعات الآلية الثلاثية، بعد أن أسهب في وصف حاضنة حميدتي، حاول تخطي إستكمال شرح ما بدأه وببرغماتية يُحسد عليها تجاوز الحديث عن الحاضنة السياسية للبرهان و" طنش" ذكر من هم؟ إلا إنه لم يكن يدري أن مذيعاً ذكياً مثل أحمد طه لن تفوت عليه مثل هذه البدهيات، فبعد أن فرغ من ما ظن أنه إنتصار على مجموعة الحرية والتغيير وحميدتي، أصر أحمد طه على سؤاله عن من هم حاضنة البرهان السياسية؟ فازوّر عن الإجابة وتلعثم وتبكم وحاول جر أحمد طه إلى معركة أخرى تتعلق بالسيرة الذاتية له كإعلامي وبالتالي عليه معرفة من هي حاضنة البرهان؟، كان على المذيع أحمد طه، حسب رأي مبارك، أن يخرج من الإستديو إلى الشارع في مدينة الدوحة ويبحث عن أي سوداني مار ليستقصى منه عن من هم حاضنة البرهان السياسية؟ ثم يعود إلى الإستديو ليتحف المشاهدين بالرد وهو جالس في مكانه ويعلم كل العلم إجابة السؤال، يا لها من ورطة لقد ضاع الرجل بين أحمد طه والحاضنتين! فلم يجد بداً من التحرش بالمذيع أحمد طه والدخول معه في مهاترة حول مهنته!.
بالطبع الجميع في السودان يعلم من هم حاضنة البرهان في الساحة السياسية، والجميع يعلم أن مبارك الفاضل والحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية هم حاضنة البرهان السياسية، ويعلمون من المحرض والمشجع للبرهان ليقوم بإنقلابه المشئوم والغبي الذي أعاد البلاد إلى الوراء وكبح مساعي حكومة الفترة الإنتقالية لحل أزمات البلاد، مثل هذه المواقف تُظهر معدن السياسي الحقيقي وقدرته على الثبات في المواقف ومدى إستعداده على تحمل مسئولية أقواله وأفعاله، فالذي يخفق في مثل هذه المبادئ لن يكون أميناً على الوطن حال تصديه لأي مسئولية وطنية، حوار أحمد طه ومبارك الفاضل يعكس حجم المأزق الذي يعيشه السودان، فهذا نموذج لسياسييه الذين يعتمد عليهم للخروج إلى بر الأمان، يتاجرون بالمواقف من أجل مصالحهم الخاصة رغم الأخطار التي تُحدق بالوطن من كل جانبٍ وهم لا همّ لهم إلا الإنتصار في المعارك الصغيرة ضد بعضهم البعض، أما معارك الوطن الكبرى والمواعيد العظيمة فهي تحتاج إلى سياسيين من طينةٍ أخرى لا نرى لهم مثيلاً في الساحة السياسية الراهنة، فلم يبق إلا الدعاء لله سبحانه وتعالى أن يمن على السودان ويُقيض له أبناء أقوياء لا يخشون في الحق لومة لائم ولا يحنون جباههم من أجل كسبٍ رخيص ليخرجوه من عقباته الكأداء وأزماته المتطاولة ثم ينشرون الفرح والأمل في ربوعه.
في الحقيقة مبارك الفاضل ليس إستثناءً، فالساحة السياسية تعج بالحمقى السياسيين الذين أُبتلي بهم السودان، عندما نتحدث عن موقفه هذا فإننا نقصد جميع الفاعلين في الساحة السياسية اليوم لا نستثني منهم أحداً كلهم في السوء سواء، عسكرييهم على مدنييهم، يخفون سُعارهم ونزقهم للسلطة ويظهرون وطنية زائفة وأكاذيب محضة وينخرطون في معارك عبثية والوطن ينزف ومواطنوه تطحنهم الحياة، وأثمن سنوات عمر السودان تمضي بلا طائل، كل عامٍ نتراجع ونتقهقر ونُرذل، يكفي هؤلاء عاراً أن بعض أهل السودان أصبحوا يحنون إلى عهد البشير! أي لعنة حلت بديارنا لتُلقي بأمثال هؤلاء في مراكز صنع القرار في بلادنا ثم يُعملوا خناجرهم في خاصرة الوطن بأسوأ ما يُمكن أن يفعله أي عدوٍ محتملٍ للسودان؟ إن هؤلاء عار في جبين الأمة السودانية.
الشعب السوداني اليوم، وفي ظل هذه الأزمات التي تحاصره وتقبض بخناقه، لا يهمه من هو حاضنة من؟ ومن هي الأم الرؤوم لمن؟ هو يريد من هؤلاء الذين رمت بهم الأقدار في طريق حياته السياسية أن يتركوا المعارك الصغيرة ويتجهوا إلى العمل الجاد من أجل إعادة الإستقرار إلى السودان وإنجاح الفترة الإنتقالية وصولاً إلى مرحلة التحول الديمقراطي الحقيقي، فخصمك السياسي مكملٌ لك يؤمن بمثلما تؤمن به إذا كنت وطني غيور حقيقي، ففي النهاية جهودكم تصب في مصلحة الوطن ومصلحة إستقراره ونمائه، فلا يجوز أن يكون شغلك الشاغل أن تحفر له حفرة سوء لتلقي به في غياباتها من أجل إنتصارٍ زائف وصغير.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 13 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة