في كتابه (الصراع من أجل الإيمان)، يروي البروفيسور الأميركي جيفري لانج، رحلته من الإلحاد إلى الإسلام، متناولا مرحلة مهمة في حياته السابقة، فيقول إنه إعتقد في البداية أن السعادة تكمن في اللقب الأكاديمي، وقد وجدها بالفعل يوم مناقشته لرسالته، إلا أنها ما لبثت أن إختفت بمجرد عودته إلى منزله، فكان كلما أراد إسترجاعها شعر بشيء من الخيبة، حتى قال عن ذلك الشعور: (ما نحن سوى أحد الحيوانات التي تحاول أن تعيش سعيدة. هل هذا كل ما في الحياة، نجاح يليه آخر.. وهكذا؟). ويصف لانج بحرقة نفسية الفرد الملحد وطبيعة علاقته وانفعالاته الفكرية والعقائدية والإجتماعية، محللا سيكولوجيته الإنعزالية الهشة، فيقول: (سرعان ما تعلمت أن لا أحد يعرف الوحدة كالملحد، فعندما يشعر المؤمن بالوحشة فإنه يناجي من أعماق روحه، الواحد الأحد الذي يعرفه، ويكون بمقدوره أن يشعر بالإستجابة. ولكن الملحد محروم من هذه النعمة، لأن عليه أن يسحق هذا الدافع ويذكر نفسه بسخفه، فهو إله عالمه الخاص، وهو عالم صغير جدا، وهو دوما في تناقص مستمر). ويكمل: (الملحد لا يشبع حاجاته شيء، لأن عقيدته تخبره أن ليس للحياة هدف، وأن ليس هناك شيء كامل أو شيء مطلق، ولا شك أنه توجد دوما في أعماق الإنسان حاجة فطرية إلى تجاوز أبعاده المادية والإنجذاب إلى قوة ما وراء الطبيعة تلهمه وتقويه وترشده إلى الصواب. إننا جميعا نصبو للخلود، وبمقدور المؤمن أن يتخيل السبيل لتحقيقه، أما الملحد فعليه أن يفكر في حلول بديلة آنية). ثم يسرد قصة إيمانه التي ختمها قائلا عن نطقه لشهادة الإسلام: (كانت هذه الكلمات كقطرات الماء الصافية، تنحدر في الحلق المحترق لرجل قارب على الموت من شدة العطش، لقد شعرت بالحصانة والأمان والحرية، لقد هويت في الرحمة النابعة من الحب الأسمى. لقد عدت إلى ملاذي ثانية). فهذه العدمية القاسية التي عاناها لانج، وهذا المعنى المنشود الذي وجده، يشكلان الركيزة النفسية في الفارق بين الإيمان والإلحاد، أو ربما بين الإنسان والشيء. تلك هي صرخة القلب التي تعلن أن الحياة أصغر من أن تكون كل شيء، فلا شيء وراءها، لا اتصال بعد انفصال، ولا راحة بعد تعب، بل لا عدل بعد ظلم. ولهذا يقول بول ديفيس: (لا أستطيع أن أصدق أن وجودنا في هذا الكون مجرد حدث فجائي، أو طفرة عرضية في الدراما الكونية العظيمة. مشاركتنا في هذا العالم حميمية جدا، لقد قصد حقا أن نكون هنا).
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 10 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة